ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم– بقلم دان شيفتن – غرائز ترامب السليمة

اسرائيل اليوم– بقلم  دان شيفتن – 16/9/2020

في الشرق الاوسط من المهم تشخيص العدو الاساس للولايات المتحدة وحلفائها – ايران – اضعافه وضربه بالقدر الممكن، اعطاء اسناد كامل ومصداق للقوى الاقليمية التي تقاتل ضده، وتشجيعهم على العمل معا ومساعدة الواحد الاخر. هذا هو معنى الحلف بين اسرائيل، الولايات المتحدة والدول السُنية الاساسية، في ظل تجاوز الفيتو الفلسطيني. هذا ما يحتفلون به، وعن حق، في واشنطن “.

ومع ان انضمام البحرين الى اتحاد الامارات والاشارات المشجعة في السعودية، في المغرب وفي السودان لا تغير المكانة الاقليمية لاسرائيل من اساسها، الا انها تشير الى نمط مثير للاهتمام يثبت التأثير الدراماتيكي للسياسة الامريكية في المنطقة. يتبين مرة اخرى كم من الضرر يمكن أن تتسبب به السياسة التبسيطية، التي تتأثر بالصور الشوهاء لميزان القوى الاقليمي، واي منفعة هائلة للولايات  المتحدة وحلفائها يمكن أن تستخلص من تحليل بارد الاعصاب لهذا الميزان. عندما ادخل كيسنجر ونيكسون تغييرا ثوريا في المكانة الامريكية، على اساس مثل هذا التحليل لم يكن الامر يحتاج الى ان يتفاجأ من كان يعرف انجازاتهما في الساحة العالمية. وعندمايسير ترامب في الطريق الصحيح، من الصعب ان نعزو له بالذات كفاءات تحليلية حادة على نحو خاص.  يتبين أنه في السياق الشرق  اوسطي لديه شيء ما هام بقدر لا يقل: غرائز استراتيجية سليمة. فضلا عن الموضوع الاقليمي يوجد هنا درس مثير للاهتمام. اوباما، الذكي والبارد، لم يفوت تقريبا اي خطأ لفهمه ولسياسته الاقليمية؛  أما ترامب، العاطفي والمتقلب، فقد ارتكب قليلا من  الاخطاء (مثلا، مع اردوغان) وجلب الكثير من النفع.

لحق بالولايات المتحدة وبحلفائها غير قليل من الضرر من رؤساء لم يفهموا المنطقة. وأخطر الاضرار تسببت بها في 1956 آيزنهاور، الذي رفع الى الاعلى الزعامة المسيحانية لناصر، اضر ضررا جسيما بشركائه الكبار في الناتو وعزز دراماتيكيا مكانة الاتحاد السوفياتي في المنطقة. وقد تصرف هكذا على اساس توقع هاذٍ بان مصر و”دول عدم الانحياز” سيرون بالامريكيين حلفاء ضد “الاستعمار الجديد” البريطاني – الفرنسي في السويس. اما النتيجة المحتمة لتعزيز الراديكالية الناصرية والتسيد السوفياتي فكانت انهيار النظام المؤيد للغرب الاهم في العراق والتهديد على شقيقيه في الاردن وفي لبنان، اللذين نجيا بصعوبة بمساعدة قوات امريكية وبريطانية. والضرر الذي تسبب به كيندي، كان اقل دراماتيكية، ولكن هو ايضا حاول المصالحة مع راديكالية ناصر، بدلا من التعويل على  ضعفه في سوريا وفي اليمن.

الرؤساء جونسون، نيكسون وفورد(عمليا، كيسنجر في عهد فورد) فهموا جيدا الالية الاقليمية. فقد كفروا بالصورة التبسيطية، التي وضعت اسرائيل امام“العرب” وطالبت الولايات المتحدة بان تختار بينهما. وعرفوا المعسكرين كما هما: المحافل ا راديكالية بدعم من الاتحاد السوفياتي من جهة؛ والولايات المتحدة، معظم الدول العربية التي تخشى الراديكاليين واسرائيل،  من جهة ثانية. لقد فهموا الفرصة التي عرضتها عليهم هزيمة ناصر، شركائه  وسيده السوفياتي  في حرب الايام الستة، وعرضوا عليه خيارا بين الطريق المسدود والخراب في صيغة بقيت قائمة منذ منتصف الخمسينيات، وبين تفكك المعسكر الامريكي بحيث يقتلع اسنان الراديكالية. رفض ناصر وفقد مكانته. اما السادات فاستجاب، وفقا لشروطه، في اطار تسوية بعد حرب يوم الغفران، التي انتصرت فيها الولايات المتحدة، اسرائيل ومصر نفسها، وهزم الاتحاد السوفياتي، سوريا وم.ت.ف. رئيسان شذا عن هذه الصيغة وفشلا في سياستهما.  كارتر سعى الى “تسوية شاملة للجميع” تضم كل الراديكالية. اما السادات الذي تخوف من أن تضيع كل انجازات مصر هباء بسبب هذيانات رئيس “غير ناضج” فاتخذ خطوة ثورية إذ اقترح معاهدة سلام منفردة مع اسرائيل، واضطر كارتر لان يغير الاتجاه  بل  وساهم في  كامب ديفيد في تحقيق المبادرة. ودمج اوباما التزاما ايديولوجيا بضائقة الفلسطينيين مع التقدير، المنقطع تماما عن الواقع، بشأن وزنهم الاقليمي، وضيع رئاسته على السعي كهاوٍ الى تسوية متعذرة بينهم وبين اسرائيل.

يرى ترامب المنطقة على نحو صحيح،  باستثناء خطأه بشأن خطر اردوغان و “الاخوان المسلمين”. وهو يفهم بان “المشاركة المباشرة للجنود الامريكيين في المنطقة ليس فقط لا  تحظى باسناد في الجمهور الامريكي بل وايضا غير ناجعة استراتيجيا. مكانهم في آسيا ولا سيما في بحر الصين  الجنوبي.

في الشرق الاوسط من المهم تشخيص العدو الاساس للولايات المتحدة وحلفائها – ايران – اضعافه وضربه بالقدر الممكن، اعطاء اسناد كامل ومصداق للقوى الاقليمية التي تقاتل ضده، وتشجيعهم على العمل معا ومساعدة الواحد الاخر. هذا هو معنى الحلف بين اسرائيل، الولايات المتحدة والدول السُنية الاساسية، في ظل تجاوز الفيتو الفلسطيني. هذا ما يحتفلون به، وعن حق، في واشنطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى