ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم– بقلم  دان شيفتن – بين طهران وغزة ، حملة الان افضل من مواجهة شاملة في المستقبل

اسرائيل اليوم– بقلم  دان شيفتن – 18/5/2021

” توقيت المواجهة مع حماس قبل المواجهة مع ايران يجعل إسرائيل تركز على اضعاف حماس كي لا تشارك في حالة الحرب مع ايران وفروعها او ان تكون اضعف من أن تؤثر في هذه الحرب “.

فضلا عن ضائقة الحرب، انجازاتها وآلامها، في سماء غزة، في شوارع اللد وفي طرق الجليل والنقب – يمكن منذ الان تقدير معناها المتحقق في سياق اوسع. مع انها فرضت على اسرائيل وكان من الافضل الا تنشب، وما ان نشبت فان من المتوقع لاسرائيل ان تستفيد منها. في السنوات الاخيرة طرحت حماس استفزازات شديدة مع علمها بان اسرائيل تركز على الصراع في الساحة الشمالية مع ايران ومع فروعها في سوريا وفي لبنان. تجندت اسرائيل بل وطورت اوهام عن تسويات بعيدة المدى، على افتراض ان يحيى السنوار يريد أن يركز على تحسين شروط حياة الغزيين. 

غير أن جوهر حماس العميق يملي مواجهة محتمة. الثقافة الغزية للاخوان المسلمين يكاد لا يكون مضمون بناء لبناء مجتمع وأمة؛ فالكفاح لاقتلاع اليهود من الجذور هو طعم الحياة. المجتمع الغزي لا يعرض على أبنائه مستقبلا افضل بمفاهيم جودة الحياة – بل الرضا المريض لقتل اليهود وتخريب دولتهم الناشئ عن صيغة قبلية ومريضة “للشرف”. 

ليس لغزة “حل”: تحسين شروط الحياة ليس من ناحيتهم بديلا عن الكفاح العنيف؛ الاحتلال والسيطرة الإسرائيلية اللذين يسهلان خصي التهديد العنيف  ليسا مرغوبا فيهما. وما يتبقى هو رقابة الاضرار: مس شديد، متكرر، بالقدرة العسكرية وجباية ثمن عال ورادع على العدوان. وفي اعقابه مرغوب فيه تبني سياسة منع عنيف ومتواصل لتعاظم القوى. المواجهة الحالية كانت ستأتي على أي حال؛ إسرائيل حاولت ان تؤجلها، الى أن اندلعت. 

وحسنا انها جاءت الان. فقد كان التخوف انه في وقت حرب محتملة مع ايران وفروعها ستفتح حماس ساحة أخرى. في مخطط مثل هذه الحرب تكون معظم مقدرات إسرائيل مجندة لمواجهة التهديد الأساس. ولا يكون جواب مرضٍ لغزة، تضاعف حماس ضرباتها لإسرائيل وتخرج دون ضرر شديد. في مثل هذه الظروف تتبقى لدى حماس أدوات كثيرة  ودوافع عالية لخوض الجولة التالية حسب اختيارها. وعند اندلاع المواجهة الان، توفرت لإسرائيل الفرصة لان توجه ضد حماس كل مقدراتها وان تضربها، وتصفي جزءا من قياداتها ومن مراكز معلوماتها، وتمس بشدة بقدراتها العسكرية وتلحق بمؤيديها اضرارا جسيمة. اذا ما وعندما ترغب للانضمام الى حرب بين إسرائيل واعدائها في الشمال، ستكون مساهمتها هامشية، ومعاناتها عصية على الاحتمال. 

الفراغ الذي خلفه أبو مازن

خرجت حماس الى المعركة كي تفرض نفسها على الجمهور الفلسطيني في الضفة وفي إسرائيل، بعد أن الغى أبو مازن الانتخابات التي كان يفترض أن توفر لها ذلك في صناديق الاقتراع. أما إنجازها المؤقت والمحدود في اثارة الضفة وفي أوساط عرب إسرائيل تحت علمها، ولكن هزيمتها في غزة ستبرد حماستهم. سيضطر زعماء الضفة الى لجمهم خوفا من حكمهم وتدهور شروط المعيشة الى المستوى الغزي. اما العرب مواطنو إسرائيل فسرعان ما ستتبين لهم كلفة التماثل النشط مع حماس. فالعربدة العنيفة، الاجرامية والواسعة في اوساطهم مؤسفة وضارة. كان افضل لو لم تتم او ان  تكون انحصرت بقلة شاذة في الأطراف القصوى للمعسكر، لكن لما كانت نشبت ينبغي أيضا الاعتراف باثارها الجانبية الإيجابية، مثلما حصل في الانتفاضة الثانية. ففي اعقاب آلام واضرار حملة الإرهاب إياها فهم التيار المركزي في المجتمع الإسرائيلي بان الحركة الوطنية الفلسطينية ليست شريكا مصداقا لحل وسط تاريخ وتبنى الشك الزائد في موقفه من ترتيب  العلاقات بين الشعبين على افتراض يبرر بان كل تنازل إسرائيلي سيستغل لتقويض الدولة اليهودية. هذه المرة سيتعلم الجمهور اليهودي دروس العربدة العنيفة، مظاهر العداء والفكرة التصفوية التي ترافقها في اوساط عشرات الالاف من عرب إسرائيل، في عشرات المواقع في كل ارجاء إسرائيل. وتتركز خطورة الظاهرة في امتناع الأغلبية الساحقة عن لجم الجهات المعادية والعنيفة وخوفها من التنكر للرئاسة التي تبث لليهود. عشرات من المتحدثين باسمها، من النواب في الكنيست وحتى الصحافيين والمشاركين في اعمال الشغب، ممن تحدثوا الى الجمهور اليهودي، كذبوا بوقاحة، اطلقوا معاذير بائسة ولم يأخذوا المسؤولية، في خليط منثر على نحو خاص من العدوانية والبكائية. الكثيرون منهم ما كانوا مستعدين حتى لان يكتفوا بالتطابق الكاذب والمشوه عن قصد الذي عرضه عليهم الصحافيون في شكل “المتطرفين في الجانبين”. لقد كان لمثل هذا القول مكان لو كان المجتمع العربي والناطقون بلسانه يثورون ضد الالاف الكثيرة من المشاغبين والكارهين في اوساطهم مثل التنكر المطلق للاغلبية الساحقة في الجمهور اليهودي، وتقريبا كل الناطقين بلسانه لحفنة الزعران من هوامش المجتمع ممن خرجوا للشغب ضد العرب في باتيام، في طبريا وفي أماكن أخرى. 

كفاح وطني من الداخل

من الخطأ التركيز على المشاغبين العرب الذين عربدوا في  اللد، في الرملة وفي عكا، هاجموا جيرانهم اليهود، احرقوا وسلبوا ونهبوا املاكهم وعرضوا حياتهم للخطر. خطيرة بلا تقدير  مئات الاحداث في كل ارجاء البلاد، بعضها جماعية، والتي دعا فيها شبان عرب متحمسون، ضمن أمور أخرى “خيبر خيبر يا يهود، جيش محمد سوف يعود”. وفي خطواتهم فرضوا عمليا حصارا على عراد، هددوا اليهود في عشرات المواقع في الجليل، في النقب وحاولوا تنفيذ فتك بحق جندي من الجيش الإسرائيلي في يافا. هذه مظاهر فظة تتمثل بالانضمام الى العدو في ساعة الحرب. هذا إرهاب بالمعنى الأصلي للمفهوم: فرض الخوف على عشرات الاف اليهود، الخائفين على حياتهم، سلامتهم واملاكهم.

تلقى الجمهور اليهودي تذكيرا عن الطبيعة العميقة للكفاح الوطني في بيته في الداخل. فمع أن معظم العرب يريدون ان يعلقوا بل وحتى ان يكبتوا هذا البعد، ويركزوا على الاندماج المدني ولكنهم ينتخبون زعماءهم السياسيين والاجتماعيين وفقا لاخلاصها في نزع الشرعية عن الدولة اليهودية من أساسها وتماثلهم مع جملة اعدائها وكاريهيها. فقد تبين بان الجمهور العربي لا يحاول لجم  عشرات الالاف في اوساطه ممن يعبرون في كل ارجاء البلاد عن فكرة الصراع ضد اليهود والتي تضمن لجيرانهم – بالزجاجات الحارقة، بالحجارة وبالمظاهرات العدائية الجماهيرية –استعادة المصير المأساوي للقبيلة اليهودية خيبر في القرن السابع واحلاله على إسرائيل. 

الى أن يأتي جيش محمد كي يكمل المهمة، يريدون أن يساهموا بدورهم في الكفاح البطولي ضد اليهود ودولتهم. يفهم الجمهور الإسرائيلي أيضا بان التعايش يمكنه أن يبقى طالما كان المتطرفون العرب لا يشمون (بالخطأ) الضعف والهزل. جيد أن نعرف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى