ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم – بقلم دان شيفتن – العالم لم يستوعب التهديد التركي بعد

اسرائيل اليوم – بقلم  دان شيفتن – 6/10/2020

” محبة اردوغان لاشعال النيران ورطت تركيا في جملة واسعة من النزاعات. فهو يسعى الى الهيمنة في الحوض  الشرقي للبحر المتوسط ولا يتردد في الاستفزاز، حتى العسكري، لشركائه في الناتو  “.

تركيا أردوغان والاخوان المسلمون هي عدو: لمصر، للاردن، للسعودية ودول الخليج، لقبرص واليونان، لاوروبا، للاكراد، لنحو ثلث من شعبها، للولايات المتحدة ولاسرائيل. العرب يعرفون هذا؛ قبرص واليونان توجدان في مواجهة منخفضة الشدة نشطة مع اردوغان؛ الاكراد في تركيا نفسها وفي سوريا يشعرون بثقل ذراعها؛ القسم المفتوح والديمقراطي في بيتها الداخلي يختنق تحت اصابعها القمعية؛ الاوروبيون يتنكرون، في هذه الحالة ايضا، للواقع ويفضلون مصالحته. الرئيس ترامب يرتكب في شأنها الخطأ المتواصل الاخطر لسياسته في المنطقة؛ أما اسرائيل فلم تستوعب تماما جسامة الخطر.

تركيا اردوغان هي نقيض تركيا الكمالية: تلك التي اقتلعت من الجذور قبل نحو مئة سنة الامبراطورية العثمانية العفنة والمتفككة، وسارت بها نحو الانخراط في العالم الحديث، في نظام طور بالتدريج علائم ديمقراطية. في محيط درج حوله الادعاء، بالخطأ، وكأن ثقافتها السياسية الدينية والحتمية، اجتازت دولة اسلامية في الشرق الاوسط ثورتين ثقافيتين في اثناء اقل من مئة سنة: ثورة اتاتورك وثورة اردوغان. الاولى بنت تركيا الحديثة، والثانية تقوض اساساتها. المشكلة تكمن في شخصية الحاكم، في طبيعة الاخوان المسلمين وفي قسم كبير من المجتمع التركي. اردوغان هو مشعل نيران مواظب؛ “الاخوان” هم الحركة الاخطر في المنطقة؛ المجتمع، في معظمه، لم يستوعب القيم التي حاول أتاتورك غرسها ويسير أسيرا خلف الرؤى الطموحة والتزمت الديني. خطر “الاخوان” ينبع من قدرتهم على التمويه، طالما ليسوا في الحكم، على تزمتهم خلف تضليل الاسلوب المعتدل. مثل هذه الحيلة ضللت اوباما ليرى في حكم مرسي خطوة مرغوبا فيها نحو التحول الديمقراطي لمصر. ولولا انقذ السيسي (بالطرائق المتبعة في المنطقة) من حكم “الاخوان”، لتدهور الشرق الاوسط الى مصائب خطيرة حتى اكثر من تلك التي شهدها في العقد الاخير. ترامب هو الاخر لا يفهم الخطر كما هو. وجدير بالمشككين ان يتعلموا من البربرية ومن الخراب الذي جلبه “الاخوان” على الكيان العربي الوحيد الذي يخضع لحكمهم – في قطاع غزة. ليس صدفة ان يدعمه اردوغان وليس صدفة ترفع اعلام تركيا في ارجاء القطاع. وفي اعمال الشغب على الحدود مع اسرائيل. وفي السعودية ايضا وفي دول الخليج يخافون، عن حق، من “الاخوان” ومن اسيادهم في تركيا وفي قطر.

لقد ورط طموح اردوغان تركيا في جملة من النزاعات. في مصر وفي الاردن هو عدو يؤيد تهديدات “الاخوان” على النظام. في اليونان، في قبرص، في مصر وفي اسرائيل هو عدو يسعى الى الهيمنة في الحوض الشرقي للبحر المتوسط، في محاولة للسيطرة على الذخائر الاقتصادية. في مصر هو عدو ايضا بسبب زعمه العسكري لحكومة السراج في طرابلس، التي تسيطر على حدود ليبيا مع مصر. وهو لا يتردد في الاستفزاز، حتى عسكريا، لشركائه في الناتو، قبرص واليونان، بسبب انهزامية اوروبا، حين لا تكون الا فرنسا مستعدة لان تساعدهما بشكل محدود. كما أن اردوغان يفرض الاحتلال العسكري في شمال قبرص في “دولة”مرعية تركية. في بلاده في الداخل انتهج نظاما قمعيا، القى بعشرات الالاف من ابناء النخب الى السجن – معلمين، اكاديميين، ضباط، قضاة، صحافيين، موظفين كبار وشخصيات عامة. وفرض الموالين له في اجهزة التعليم والقضاء وفي الخدمة العامة، زور الانتخابات وثبت لنفسه مكانة وعلائم مثابة السلطان. اما الاقلية الكردية الكبيرة في الداخل فقمعها بشكل وحشي. وتجمعات الاكراد ومؤسساتهم في الخارج حاول تحطيمها في غزو عسكري واسع لشمال سوريا.

يشكل نظام اردوغان تهديدا ايضا على حلف الناتو، على الاستقرار الاجتماعي والسياسي في عدة بؤر في اوروبا، على مصالح استراتيجية امريكية وعلى حاجات هامة لاسرائيل. كل هذه جديرة ببحث منفصل.  وما يجعل من الصعب صراعها ضد تركيا هو حقيقة انها لم تستوعب جسامة التهديد. وما يسهل على الصراع هو عزلة اردوغان – طموحه غير الملجوم، وحشية اسلوبه وجنون العظمة الذي يوجه خطاه. كل هذا يرفعه الى الطريق الذي افشل مشعلي حرائق اقليميين سبقوه – جمال عبدالناصر وصدام حسين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى