ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم– بقلم  دان شيفتن – “احراق” الارض أفضل من ترك المواطنين لمصيرهم

اسرائيل اليوم– بقلم  دان شيفتن – 13/9/2021

” احيانا تكون المبادرة الى اشكال من الحرب هي الضمانة لتثبيت نوع من السلام حتى وان كان لبعض الوقت “.

القبض على معظم المخربين الفارين لا يغير الخيار الاستراتيجي الذي تقف امامه اسرائيل. في السجون، في جنين، في غزة، حيال الجهات الكفاحية في اوساط عرب اسرائيل، حيال المجرمين في نطاق الدولة، حيال مزيفي أومان العائدين من اوكرانيا وحيال رافضي التطعيمات، لا يزال يدور الحديث عن خيار بين الاستعداد “لاحراق الارض” لاجل تهدئتها وبين التسليم السلبي بالارهاب، الجريمة والتسيب. “احراق الارض لاجل تهدئتها” عبارة تبدو متناقضة، ولكنها ليست كذلك. لا تناقض بين سعي استراتيجي للتهدئة، وبين استخدام واسع، متصاعد وعاقل لوسائل عنيفة لاجل ضمان التهدئة لزمن طويل. 

ومتناقض هو انه لا تهدئة بدون تهديد مصداق بالعنف وبدون استخدام لخطوات عنيفة بين الحين والاخر، بشكل يؤكد هذه المصداقية. المثل اللاتيني المعروف “من يريد السلام – فليستعد للحرب، يمكن ان يستكمل”. و”اذا لم يكن كافيا استعدادك للحرب  لردع اعدائك فاكسر قوتهم، كي تضمن السلام بواسطة الردع”. بهذا المفهوم ،  فان الكل “يعيش على الحراب”. الجريمة ملجومة اساسا بخوف المجرمين من قبضة الشرطة وعقاب المحاكم، مثلما في سنغافورة وفي سويسرا. ولكنه ملجوم اقل بكثير في اسرائيل، بسبب بؤس الشرطة وانبطاح الجهاز القضائي. في البرازيل هو غير ملجوم بسبب تعفن جهاز انفاذ القانون. الاوروبيون المتفاخرون  برفض هذه المعادلة في المجال الاستراتيجي يعيشون عمليا على الحراب الامريكية.

لاسرائيل مرغوب فيه ان “الارض لا تشتعل”، ولكن تهدئة لزمن طويل واجبة المخاطرة باحراق مضبوط حيال المهددين عليها من الداخل ومن الخارج. فالثقافة البدائية والزائفة لمزيفي التصاريح، مخادعي الحجر ورافضي التطعيم مذنبة بالجريمة وبالتسبب بالمعاناة الجماعية وان لم تحدد ضحايا معينين ومع ان اصحابه يقتلون ويتسببون بالمعاناة اساسا لانفسهم ولابناء بيتهم. ان فرض التضامن الانساني الاساسي عليهم بالفعل “سيشعل” عنفا وسيثير الشبكات الاجتماعية للهادين؛ ولكن بالامتناع عن العقاب المتشدد، المؤلم والرادع خوفا من “الاشعال”، تصبح الدولة شريكة في ترك مواطنيها لمصيرهم. ان الحبس المتشدد للارهابيين وكسر روحهم  ليس مريحا لمصلحة السجون وسيؤدي في المرحلة الاولى الى “اشعال” السجون ولكن الخضوع المنتظم للسجناء يشجع ويزيد الارهاب. كما أن هذيان “التسوية” في غزة يكمل عمليا عربدة  البرابرة الذين يقودونها، كأداة ناجعة لمواظبة تعاظمهم على اسرائيل. حان الوقت “لاشعال” المواجهة بمبادرة اسرائيل لاجل كسر دافعهم للمواجهة لبضع سنوات الى أن تكون حاجة “لاشعالها” مرة اخرى، كحقنة تحفيز مانعة للدافع المتوقع لفيروس العنف الذي يميز غزة منذ اجيال.

اسرائيل وديمقراطيات اخرى اتخذت هذا السبيل المرة تلو الاخرى. بريطانيا “اشعلت” الحرب العالمية الثانية، بدلا من “احتواء” احتلال بولندا، مثلما احتوت “آنشلوس” في النمسا والسيطرة على السودات. وحتى تشمبرلن فهم بان من الافضل المبادرة الى الحرب على نشوبها المحتم بعد سيطرة هتلر على اوروبا القارية. لقد خرجت اسرائيل بمبادرتها الى الحرب في 1956 خوفا من تعاظم قوة مصر، ونالت عقدا من التهدئة النسبية؛  هذا أتاح بناء وتعزيز قوة اسرائيل بشكل ضمن ازدهارها وانتصارها في الستينيات والسبعينيات حتى اتفاق السلام مع مصر. في حزيران 1967 “اشعلت” اسرائيل المنطقة.في اذار 2002 “اشعلت” المناطق وكسرت روح المجتمع الفلسطيني الذي أيد الارهاب في “الانتفاضة الثانية”، بشكل يردع حتى اليوم سكان الضفة من مواجهة شاملة. في 2006 نجحت اسرائيل، بمجرد خروجها لحرب لبنان الثانية (بخلاف اخفاقات الحرب نفسها)، لردع حزب الله من المواجهة على مدى اكثر من 15 سنة. دروس الفشل للردع عن التعاظم يجب تفعيلها الان في غزة. اسرائيل تخاطر منذ نحو خمس سنوات بـ “اشعال” مواجهة خطيرة جدا مع ايران كي تمنع حربا شاملة في ظروف لا تطاق. 

ليس مناسبا بالطبع “الاشعال” في كل حال، في كل زمان وفي كل ثمن. ولكن احيانا لا مفر. صاغ الترمان العلاقة بين البناء والسلام وبين الحاجة للتجند لحمايتهما بفعل عنيف بقوله: سلام  المحراث حمله شبابك واليوم  يحملون لك السلام على البنادق. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى