ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم – بقلم البروفيسور ابراهام بن تسفي – تراجيديا امريكية في العراق : الفصل النهائي لبايدن في الشرق الاوسط

اسرائيل  اليوم – بقلم  البروفيسور ابراهام بن تسفي  – 29/7/2021

” يمكن ان نرى في قرار الانسحاب الامريكي من العراق مثابة سلفة او خطوة بناء ثقة تجاه ايران هدفها تلطيف حدة مواقف ايران المتصلبة في اثناء المفاوضات”.

في نظرة اولى، قرار الرئيس بايدن بان يعيد الى الديار حتى نهاية العام 2021  الجنود الامريكيين الـ 2.500 الذين لا يزالون يرابطون في العراق، يبدو كقرار منطقي من زاوية نظر سياسية داخلية. فعلى اي حال، كان هذا وعد انتخابي للرئيس الـ 46 والتزاما منه لانهاء تراجيديا امريكية متواصلة. 

هذا، قبل سنة وربع من الانتخابات الوسطى للكونغرس، التي توصف بشكل تقليدي في الساحة السياسية الامريكية كنوع من الاستفتاء على اداء ومدى نجاح من يجلس في المكتب البيضوي في تحقيق جدول الاعمال الذي وضعه امام الشعب الناخب، عشية الانتخابات للرئاسة. وبالفعل فان الحرب التي بادر اليها جورج بوش الابن في 2003 لاسقاط نظام صدام حسين الاجرامي وتحقيق بشرى الديمقراطية الغربية لبغداد سرعان ما اصبحت حملة في صحراء كلها اوهام، خيبة أمل وقرف. فليس فقط لم  يكن فيها ما ينشيء سياقات ومؤسسات ديمقراطية بروح التراث الامريكي بل عمليا حركت المسيرة العنيفة والفوضوية لتفكك الامة العراقية الى عناصرها الاثنية والدينية المختلفة والمتناكفة الواحدة مع الاخرى. وهكذا توفرت نافذة فرص لجارتها ايران كي توسع هوامش نفوذها السياسي والعسكري في هذه الدولة الممزقة والدامية. وعلى خلفية تحطم الامال الامريكية المسبقة يمكن إذن ان نرى في فك الارتباط القريب عن العراق خطوة واجبة تضمن توفيرا في حياة الانسان وفي المقدرات.

ولكن الى جانب الفضائل الواضحة للخطوة على خلفية جدول الاعمال الحالي لادارة بايدن، التي اصبح الشرق الاوسط بالنسبة لها ساحة فرعية، ان لم تكن هامشية، سيكون من الخطأ تجاهل التداعيات الاقليمية المحتملة التي من شأنها أن تمس بالحلفاء التقليديين وتقوض اكثر فأكثر ميزان القوى والتهديدات القائمة فيه.

 اولا وقبل كل شيء  يدور الحديث عن تسريع عملية سيطرة طهران على العراق وذلك لان الميليشيات الايرانية ستتمتع قريبا بحرية عمل بلا عراقيل في نشاطها على اراضي العراق وسوريا (حيث حجم القوة الامريكية تبلغ اليوم 900 جندي فقط). ناهيك عن لبنان الذي يوجد منذ الان في مراحل التفكك والانهيار دون أن تكون اي قوة عظمى معنية بان تصطدم بقوات حزب الله.

في ضوء هذا الوضع يطرح السؤال ماذا سيكون مستقبل ومصير اتفاقات ابراهيم في غياب غلاف امريكي داعم ومساند في شكل تواجد عسكري في المنطقة واستعراض قدرة ردع من جانبها؟ ناهيك عن ان الانسحاب العسكري من العراق سيشكل حلقة اخرى في استراتيجية اشمل في انتشار امني جديد يتضمن ضمن امور اخرى تقليص التواجد البحري الامريكي في الخليج مما من شأنه ان يرفع مستوى القلق في السعودية، في اتحاد الامارات بل وفي القدس. 

وبالفعل، من ناحية اسرائيل، فان التهديد الكامن في الهجر الامريكي المتحقق واضح وملموس. إذ ان استكمال خطوة التحول الايراني للعراق  سيعرضه أكثر فاكثر لنشاط الميليشيات الايرانية ضده، ولا سيما في الجبهة السورية. وقدرة اسرائيل العسكرية على تحييد التهديد في هذه المنطقة من شأنها ان تتقلص قريبا في اعقاب قرار الكرملين التغيير من الاساس لقواعد اللعب في هذه الجبهة ومنع اسرائيل من مواصلة اعمالها في مواجهة التحدي من طهران. 

لما كان كل رجال الرئيس على وعي جيد بالتهديد على الشريك الاسرائيلي، الكامن في خروجهم من العراق، فان الاستنتاج المحتم هو ان هذا اقرار محسوب تقرر توقيته من حقيقة أن الولايات المتحدة وايران توجدان اليوم في ذروة عملية مساومة هدفها تنفيذ الاتفاق النووي بين القوى العظمى بما فيها الامريكية وبين نظام آيات الله. في ضوء ذلك يمكن ان نرى في قرار الانسحاب الامريكي من العراق مثابة سلفة او خطوة بناء ثقة تجاه ايران هدفها تلطيف حدة مواقف ايران المتصلبة في اثناء المفاوضات. 

يجدر بالذكر ان التطلع الامريكي للتوقيع على الاتفاق وشق الطريق لفتح صفحة جديدة بين الدولتين يشكل مدماكا مركزيا في سياسة بايدن ويغطي على كل اعتبار آخر (الا اذا كانت واشنطن تؤمن حقا بان اتفاق  فيينا الثاني سينجح في تقليص شدة التهديد الايراني على اسرائيل). 

وبالتالي، حتى لو وافقت الادارة بان ترفق الاتفاق بمقابل امني لاسرائيل، مشكوك جدا أن يكون في ذلك ما يعوضها عن الثمن الذي سيتعين عليها أن تدفعه سواء على هجرها الساحة العراقية ام على توقيعها على الاتفاق النووي.

في ضوء وضع الامور هذا، كل ما يمكن هو توجيه نظرة الى الواقع بشكل واع وعديم الاوهام والاستعداد ليوم بارد تكون فيه اسرائيل مكشوفة في حجرة الدبابة. 

******

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى