ترجمات عبرية

اسرائيل  اليوم – التهديدات معروفة، واسرائيل تتجاهل

اسرائيل  اليوم– بقلم  يوآف ليمور- 1/11/2021

” ليس لاسرائيل سياسة مرتبة في عالم السايبر، ونشاطه لا يتم كجزء من رؤيا استراتيجية بل في  الغالب استغلالا للفرص المتاحة  واستجابة للضغوط المختلفة “.

لا يمكن الاستخفاف بهجمة السايبر الاخيرة، التي في اطارها سرقت ضمن امور اخرى تفاصيل المستخدمين لموقع التعارف “أترف” لجماعة المثليين. ظاهرا، وان كان الحديث يدور عن موضوع خاص لاناس خاصين ولموقع تجاري ولكن من حيث المضمون هذا حدث اخطر بكثير – يفترض موقفا جديا اكثر مما اعطي له حتى الان. 

ان مجرد حقيقة أن الشبكات التي تعرضت للاعتداء هذه المرة هامشية نسبيا – مقارنة بالهجوم على مستشفى هيلل يافه، على شركة شربيت او على شبكات المياه المدينية تتيح النظر فيها بشكل موضوعي، دون هوس مبالغ فيه. ومراجعة كهذه تدل على ان اسرائيل توجد في تخلف مقلق في كل ما يتعلق بالحماية من هجمات السايبر وفي حفظ خصوصية مواطنيها. 

ليس سرا ان اسرائيل توجد تحت هجمات سايبر، يتعاظم تواترها فقط. واسباب ذلك عديدة: ابتداء من حقيقة ان اسرائيل هي دولة متطورة تعتمد جدا على شبكات حوسبة (جنة للمهاجمين الذي يبحثون عن فدية)، وانتهاء بكثرة الاعداء والخصوم الذين يسعون لان يستعينوا بتلك الشبكات كي يحصلوا على المعلومات او يلحقوا الاضرار. ليس في هذا او ذاك اي مفاجأة: اسرائيل تعرف جيدا التهديدات، وظاهرا جاهزة ايضا لاعطاء جواب عليها. 

غير أنه توجد فجوة مقلقة وخطيرة في الطريقة التي تتعاطى فيها  اسرائيل مع التهديدات المختلفة على الشبكات المختلفة.  هذا لا يعني أن كل الشبكات بحاجة للحماية نفسها؛ بالضبط مثلما هي وحدة حراسة الشخصيات تحمي الاشخاص الذين يشكلون رموز الحكم وليس كل مواطن، هكذا قيادة السايبر الوطنية مسؤولة عن حماية الشبكات الحرجة وليس الحاسوب الخاص لكل واحد منا. 

ولكن من هنا وحتى التسيب القائم اليوم، الطريق طويل. قيادة السايبر تنشر صبح مساء انباء عن التهديدات، ولكن قسما كبيرا من الجهات ببساطة تتجاهلها. فالهجمة على هيلل يافه هي مثال جيد على ذلك: لو كان المستشفى تكبد عناء تحديث برامج الحماية لديه في وجه نقاط ضعف جديدة انكشفت ونشرت، لكان اعفي من الضرر.  هذا بالضبط ما حصل ايضا لشربيت ولجهات اخرى لم تحافظ بشكل كاف على نفسها (وعلينا) .

المشكلة هي ان احدا لا يشرف حقا على التنفيذ، وبالتأكيد احد لا يغرم من لا ينفذ ما هو مطلوب منه. قانون السايبر مليء بالثغرات في هذا السياق: ليس فيه صلاحيات انفاذ حقيقية وليس فيه حوافز للمنظمات بحيث تحرص وتحمي نفسها والمعلومات التي في حوزتها – التي هي معلومات خاصة بنا. 

قرارات غير سليمة

في هذا الوضع كان مطلوبا من سلطة حماية الخصوصية ان تتدخل وان تعمل ولكنها تتصرف وكأن الامر لا يتعلق بها – حتى عندما يكون من المحتمل أن تنشر في الشبكة تفاصيل المستخدمين لهذا الموقع او ذاك مما يمكن ان يلحق ببعضهم ضرر شخصي، في صورتهم او اقتصادي كنتيجة للكشف. 

سطحيا كان يمكن انهاء الحدث الحالي بدفع الفدية. ولكن هذا لن يحصل. بخلاف الهجمة على هيلل يافه يبدو أن الحدث الحالي هو بمسؤولية ايران – من خلال مجموعة Black Shadow التي تعمل لديها (وسبق ان هاجمت اسرائيل في الماضي). والقوانين لمنع تبييض الاموال وحظر تمويل الارهاب تمنع الدفع لجهات مرتبطة بايران، وعلى اي حال مشكوك ان يكون هدف المهاجمين هو تلقي المال؛ معقول اكثر انهم معنيون اساسا باحراج اسرائيل وبعرضها كمن لا تستطيع ان تحمل مواطنيها. 

هذا بالضبط ما حاولت ان تفعله الجهة التي هاجمت وعطلت الاسبوع الماضي محطات الوقود في ايران: عرض الحكومة الايرانية كأداة فارغة. أمس اتهمت ايران اسرائيل كمن تقف خلف الهجوم ومطلوب بالتالي ان نسأل اذا ما اجري قبل الهجوم الاسرائيلي نقاش مرتب في انجازاته المرغوب فيها وفي المخاطر التي تكمن فيه – من كشف قدرات وحتى هجمات مضادة ايرانية على سبيل الانتقام.

يمكن الافتراض بان الجواب على ذلك سلبي. ليس لاسرائيل سياسة مرتبة في عالم السايبر، وعملها، مثلما هو تقريبا في كل مجال امني آخر – لا يتم كجزء من رؤيا استراتيجية بل في الغالب يتم على سبيل استغلال اللحظة التي تلوح فيها الفرص ولضغوطات مختلفة.  هذه وصفة هي صحية لطريقة اتخاذ القرار: ليس لان الانجاز موضع الخلاف في الهجوم بل ايضا بسبب الثقوب التي انكشفت كنتيجة منه في منظومة الدفاع.

كما اسلفنا الدولة لا يمكنها أن تحمي كل مواطن في كل لحظة معينة. وحتى عندما ينفذ هجوم موضعي في سوريا او يصفى مسؤول في منظمة معادية، ثمة تخوف من ان يؤدي الرد المضاد الى مصابين اسرائيليين. ولكننا نتوقع منها على الاقل أن تتخذ خطوات تقلص الخطر وبالتأكيد في العالم مخروق بهذا القدر وجذاب مثل عالم السايبر. وكل هذا اسرائيل تتأخر في عمله – في التشريع، في الانفاذ وكذا في طريقة اتخاذ القرار. وهي لن تستيقظ الا بعد ان يلحق ضرر هام بالشبكات وبالمواطنين وخسارة.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى