أقلام وأراء

ابراهيم دعيبس يكتب – هل يعيدنا الاحتلال … للدولة الواحدة ؟!

ابراهيم دعيبس – 3/5/2020

نحن لا نتوقف عن الحديث والمطالبة بحل الدولتين، ومن ناحية واقعية لم يعد لهذا الطلب اية امكانية ولا فرصة للتحقيق بسبب المستوطنات القائمة فعلا وما تلتهمه من اراض من ناحية واستمرار مصادرة الارض ومشاريع ومخططات الضم من ناحية أخرى.

وفي هذه المرحلة ومع حكومة الوحدة في اسرائيل، ترتفع الاصوات ومن أعلى المستويات الداعية الى اعتبار الاغوار والمستوطنات القائمة والتي قد تقوم، جزءا رسميا من اسرائيل.

والوضع في القدس والشرقية بصورة خاصة وهي عاصمتنا الموعودة، من اسوأ ما يكون بسبب زحمة الاستيطان سواء داخل المدينة القديمة او في محيطها الواسع، خاصة بعد مخططات توسعة الطرق شرقي المدينة ومن معاليه أدوميم مرورا الى الجنوب وجبل المكبر وصولا الى القدس بالغربية وكذلك مخططات الاستيطان شمالي القدس وعند منطقة قلنديا، وهكذا تكون القدس قد اختنقت بالاستيطان من ناحية عملية وليس خطابية أو بمجرد البيانات، ويجب الا ننسى ابدا ما يخططون له في المسجد الاقصى من اقتحامات وتقسيم.

المشكلة الوحيد التي تقف شوكة في حلق الاحتلال هي السكان الذي يتزايدون ويشكلون خطرا حقيقيا على ما ينادون هم به وهو يهودية الدولة ولذلك وفي هذا انسحبوا من غزة وتخلصوا عمليا من السكان الذين يملأون المساحة الضيقة في القطاع.

لقد كنا في السابق تنادي بدولة فلسطينية من البحر الى النهر، ثم تراجعنا وأخذنا نطالب بالدولة في غزة والضفة والقدس عاصمتها فقط، وانا اعتقد ان الظروف والمعطيات الحالية والمخططات التوسعية المحتملة، تفرض علينا التوقف عن مطالبة بالدولة بالضفة والقطاع، والعودة الى الشعار الاول وهو الدولة الواحدة، وقد يبدو هذا المنطق خياليا ولكنه ليس أقل خيالا من المطالبة بالدولة بالضفة وغزة، وهو أقرب الى المنطق والتعامل مع ما يخططون له من الخيار الحالي الميت.

التطبيع في قمته!!

الاختراق الاسرائيلي للدول والمجتمعات العربية، يتصاعد وقد بلغ قمة ثقافية جديدة من خلال مسلسلين خليجيين هما «أم هارون» و «مخرج ٧» بثتهما قنوات عربية خلال شهر رمضان، وهما يعتبران اسرائيل شريكا في الحياة والدولة ويسيئان الى الفلسطينيين.

وهذا التطبيع يجيء في تقديري نتيجة سببين هما التطبيع السياسي الذي سبق، والوضع الوطني الفلسطيني، اسرائيل اخترقت سياسيا اكثر من دولة عربية خليجية وشاركت في مؤتمرات دولية داخل هذه الدول، كما ان نتانياهو زار سلطنة عمان والتقى حاكمها ، وزادت وقود اسرائيلية اكثر من دولة عربية من المغرب مرورا بتونس وانتهاء بالخليج.

كما ان افرادا عربا تحدثوا بكل وضوح عن اعجابهم باسرائيل وتقديرهم لها ولمكانتها وبعضهم زارها وافتخر بذلك. ويتحدث نتانياهو باستمرار عن علاقات واسعة سرية سياسية وتجارية مع عدد كبير من الدول العربية ويعتبر ذلك نصرا وانجازا، وهو بالفعل انجاز لهم.

السؤال لماذا هذا التطبيع والانهيار العربي تجاه الاحتلال بكل ممارساته والتجاهل المخجل تجاه فلسطين وقضية؟ والجواب ليس بسيطا ولا سهلا.

ان اعتقد اننا كفلسطينيين خسرنا كثيرا منذ بد ء الانقسام واستمراره حتى الان وغدا، وكنت استمع الى اسئلة كثيرة حول الانقسام اثناء سفري، واذكر اني كنت في تركيا واشترينا شيئا من «كشك» صغير وكنا نتحدث العربية واذا بالتركي يسألنا ويؤشر بيده انقسام .. ليس انقسام بالاضافة طبعا للاخوة العرب الذين كانوا يتحدثون بألم عن وضعنا والشرذمة التي نعيش فيها. وهذه الحالة لا بد ان تكون قد ساهمت بعقلية التطبيع.

شيء آخر هام وهو هذه العولمة التي تحياها الدول كلها بحيث تقلصت المسافات وضاقت الخلافات وصارت اسرائيل لدى هؤلاء الاشخاص جزءا من الواقع الدولي ولا سيما انها متقدمة علميا ومتطورة ديموقراطيا.

طبعا هذه ليست مبررات ابدا والموقف العربي العام معنا ومع قضيتنا.

ما اهمية المواقف الدولية المؤيدة لنا؟

أرسل الاتحاد الاوروبي وتسع دول اوروبية رسالة تحذير الى اسرائيل من مخاطر الضم الاسرائيلية التي تشكل خرقا فاضحا للقانون الدولي وستكون لها نتائج وخيمة على امن المنطقة ومكانة اسرائيل دوليا.

وقال المنسق الانساني في الامم المتحدة ان على اسرائيل وقف عمليات هدم المنازل الفلسطينية. كما ان الامم المتحدة نفسها حذرت من تفاقم جرائم المستوطنين ضد المواطنين واقتلاع مئات الاشجار من الزيتون وغيرها. وقد دمر مستوطنون نحو ١٠٠ دونم من الاراضي المزروعة.

كما ان مكتب المدعية العامة بالمحكمة الجنائية الدولية اكد في تقرير رسمي حق الفلسطينيين بالتوجه الى المحكمة لمحاكمة اسرائيل على جرائمها ضدهم، وقال المرصد الاورومتوسطي لحقوق الانسان ان قرار الجنائية الدولية خطوة هامة وعلى الاطراف الفلسطينية كافة ان تستعد لتقديم شهاداتهم ودلائل اتهاماتهم ضد اسرائيل.

السؤال متى نرى ترجمة واقعية وعملية لهذه المواقف؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى