ترجمات عبرية

إٍسرائيل اليوم: إيران قبل الإصلاح

إٍسرائيل اليوم 19-2-2023، بقلم أيال زيسر: إيران قبل الإصلاح

احتفلت إيران في نهاية الأسبوع الماضي بذكرى 44 سنة على الثورة الإسلامية، التي رفعت آية الله إلى الحكم. وعقدت في شوارع طهران المهرجانات والمسيرات التي هتف فيها مئات آلاف المتظاهرين “الموت لإسرائيل والولايات المتحدة” وأحرقوا أعلامهما.

ليس لزعماء إيران سبب وجيه للاحتفال؛ فالدولة تعيش في أزمة اقتصادية عميقة، وتولد مضاعفات بل وعداء تجاه النظام في أوساط المواطنين الإيرانيين، والتي تجد تعابيرها في موجات الاحتجاج المتكررة التي تعم الدولة في العقد الأخير.

موجة الاحتجاج الأخيرة غير المسبوقة في مداها وتواصلها كانت احتجاج الحجاب – احتجاج شباب مضطربين، يريدون مستقبلاً أفضل من ذاك الذي قد يعرضه عليهم النظام. ووجدت قوات الأمن الإيرانية صعوبة في التصدي لموجة الاحتجاج وإنهائها، رغم إجراءات القمع التي تضمن إطلاق النار على المتظاهرين وقتل المئات منهم، واعتقال عشرات الآلاف والمحاكمات العاجلة وبعدها الإعدامات على أفضل تقاليد العدالة الإيرانية.

لكن يخيل أن موجة الاحتجاج استنفدت نفسها، سواء لأن المتظاهرين افتقدوا إلى القيادة التي تقود كفاحهم أم لأن فئات عديدة في المجتمع الإيراني امتنعت عن الانضمام إليهم. ومع ذلك، فإنه إذا ما سقط نظام آية الله ذات يوم، فسيذكر التاريخ موجة احتجاج الحجاب بأنها الموجة التي بشرت بل وسرعت هذا السقوط. لكن الأمر لن يحصل في المستقبل المنظور.

على أي حال، يشعر النظام الإيراني نفسه آمناً لمواصلة دربه. فهو لا يرى ضائقة واحتجاج مواطني الدولة تهديداً حقيقياً على وجوده. الساعة في طهران، ساعة خامينئي والحرس الثوري، لا توجه وفقاً لوضع الاقتصاد. بل تشير إلى النووي وإلى التعاظم العسكري اللذين يعدهما النظام ليس فقط كأداة لتحقيق أهدافه بل وأيضاً كأداة تضمن بقاءه في المستقبل.

وفي هذه الأثناء، تظهر صدوع في الأسوار التي أغلقت على إيران. فقد اندفعت موسكو بسبب الحرب في أوكرانيا إلى أذرع طهران، والدولتان تعمقان التعاون بينهما. لا شك أن تجند طهران إلى جانب روسيا واستعدادها لمساعدتها في ساعتها القاسية لن ينساه الروس، وينبغي الافتراض بأن طهران ستعرف كيف تجبي ثمناً باهظاً في الزمن القريب القادم.

الصين هي الأخرى تعرب عن عطف وتفهم لـ “التطلعات الشرعية” لطهران بالحصول على قدرة نووية، وتعمل على توثيق العلاقات معها. وبالتالي، فإن عداء الولايات المتحدة هو منطق المحور الجديد – طهران وموسكو وبكين.

لقد عول الأمريكيون على العقوبات الاقتصادية التي فرضوها على إيران كأمر سيمارس الضغط على النظام إذا لم يؤد إلى انهياره. لكن يتبين أن العقوبات لا تكفي. صحيح أنها تثقل على الحياة اليومية للمواطنين الإيرانيين، لكن ليس فيها ما يدفع نظام آية الله إلى تغيير سياسته. فهذا كما يتبين لا يريد إلا على تهديد عسكري حقيقي وملموس.

مثلاً، في ربيع 2003، عندما احتلت الولايات المتحدة العراق، كانت طهران على قناعة بأنها هي التالي في الدور، فأوقف الإيرانيون بمبادرتهم برنامجهم النووي لعدة سنوات. وهكذا أيضاً في كانون الثاني 2020، مع تصفية قاسم سليماني، قائد “فيلق القدس” حين تبين لطهران أن دونالد ترامب لا يتكلم فقط، بل ويفعل أيضاً.

وأخيراً – هكذا أيضاً في سوريا حين تؤدي الأعمال الإسرائيلية الهجومية إلى ردع إيران وكبح جهودها للتموضع في هذه الدولة. ولكن ثمة حاجة لوضع المسدس على الطاولة ولهذا الغرض. المشكلة أن الولايات المتحدة تبدي تردداً، بل ومشغولة في ساحات عمل أخرى، قد تكون مهمة لها أكثر من الساحة الشرق أوسطية.

معنى الأمر من ناحية إسرائيل، هو أننا نقترب من لحظات حسم محملة بالمصير ستكون فيها إسرائيل مطالبة بالتهديد وربما بالعمل. لهذا الغرض، هناك حاجة للتفرغ والاهتمام مثلما هو أيضاً لوحدة الصفوف والإجماع الذي يساند القرارات التي قد تكون قيادة إسرائيل مطالبة بها في المستقبل القريب. لشدة الأسف، نحن مشغولون في مشادات داخلية. يجدر بنا أن نتذكر ونذكر أنفسنا بأن إيران تسبق الإصلاح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى