ترجمات أجنبية

إيكونوميست: مسألة ولي العهد تشكل تحديا لمحمد بن زايد في أبوظبي

إيكونوميست ٢٧-٥-٢٠٢٢م 

ملامح الإمارات بعد تأكيد الطابع الرسمي على حكم الشيخ محمد بن زايد الذي ظل يدير الإمارات العربية المتحدة المكونة من سبع إمارات بشكل فعلي على مدى عقد تقريبا. وقد يحدث انتخابه رئيسا للإمارات، بعد وفاة أخيه غير الشقيق، هزة لوضع الفدرالية والخلافة أيضا، وأنه قد يعد بسلطة للجيل الجديد ويأخذها من بقية الإمارات.

 انتقال السلطة لن يكون سهلا، ففي 13 أيار/مايو أعلنت الإمارات عن وفاة رئيسها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، ومع أنه يحتل المنصب منذ عام 2004 إلا أن جلطة دماغية في 2014 أبعدته بشكل كبير عن الحياة العامة. ووقعت مسؤولية إدارة البلاد على عاتق الأخ غير الشقيق الشيخ محمد بن زايد. وعلى الورق فقد كان  حاكم دبي، رئيس الوزراء في مرتبة أعلى من الشيخ محمد. لكنه بالممارسة كان أقوى شخص في البلد. والآن، أصبح حكمه الفعلي رسميا. ويعتقد الكثير من الدبلوماسيين أن الشيخ محمد بن زايد يريد اختيار نجله الأكبر خالد خليفة له، فهو يقوم بتحضيره منذ عدة سنين

 وبعد يوم من وفاة الشيخ خليفة اجتمع حكام الإمارات السبع وانتخبوا بالإجماع  محمد رئيسا، بشكل أعطى صورة ألا تغير في السياسة، فالرئيس الجديد هو نفسه القديم. إلا أن صعوده لا يخلو من اهتمام، فاختيار ولي العهد سيكون أول أمر يثير الفضول. وينص دستور الإمارات على بنود اختبار الرئيس. إلا أن أمر الخلافة ترك للعائلات الحاكمة في كل إمارة، ولكنها مهمة لأبو ظبي التي قدمت حتى الآن الرؤساء الثلاثة للبلد، فولي العهد اليوم من المحتمل أن يكون غدا رئيس الدولة.

فوالد الرجل الجديد، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي حكم الإمارات منذ استقلالها عام 1971 حتى وفاته عام 2004 لديه 18 ولدا من سبع زوجات. وأراد منهم أن يتشاركوا في السلطة. ولكن أهم ستة مؤثرين من بينهم هم أولاد فاطمة، زوجة الشيخ الثالثة التي كانت المفضلة. ولو أراد الشيخ محمد أن يتبع التقاليد فعليه اختيار ولي عهد من بين إخوته. وفي المقدمة، طحنون، مستشار الأمن القومي القوي والذي يدير أيضا مملكة تجارية واسعة. ورغم تحمله لعدد من المهام العامة في الفترة الأخيرة إلا أنه يظل في الجوهر رجل الظل. لكن اختياره محتمل أكثر من شقيقه منصور، الرئيس السابق لصندوق سيادي تشوه نتيجة علاقة سابقة مع فضيحة بمليارات الدولارات لشركة استثمارية ماليزية حكومية. كما واشترى نادي مانشستر سيتي، أبرز نادي كرة قدم. وهناك آخر وهو عبد الله، وزير الخارجية منذ عام 2006، وهي وظيفة مهمة جدا لكنها ليست أفضل ممارسة لإدارة شؤون الإمارات المحلية.

ويعتقد الكثير من الدبلوماسيين أن الشيخ محمد بن زايد يريد اختيار نجله الأكبر خالد خليفة له، فهو يقوم بتحضيره منذ عدة سنين. وهو ليس بحاجة للتعجل. ففي سن الـ 61 عاما يتوقع حكما طويلا، فتسمية واحد من إخوته لولاية العهد تعطي ابنه الفرصة لكي ينضج ويكبر في منصب نائب ولي العهد مثلا. وعلى أية حال يمكن تغيير خط الخلافة في أي وقت. ولا توجد ضغوط عليه لعمل هذا ولا مواعيد محددة لتسمية ولي عهده. ومهما فعل فلن يكون مثار اهتمام كبير. فقبل قرن قتل عدد من أعضاء العائلة أخاهم للسيطرة على السلطة. وحكم أبو ظبي أربعة حكام في العشرينات من القرن العشرين. وطلب كبار العائلة من أبنائهم تجنب هذه الفتنة. واليوم ينظر لعائلة آل نهيان كأكثر العائلات الحاكمة انضباطا حيث تقوم بحل خلافاتها بعيدا عن الأنظار، مقارنة مع عائلة آل سعود في البلد القريب منها والتي تعاني من الخلافات.

ومع ذلك فالقرار سيؤثر على الجميع في الإمارات، ذلك أن الدستور لا ينص على اختيار الرئيس من أبو ظبي فقط، ومن الناحية النظرية يمكن لحاكم عجمان الصغيرة إدارة البلاد. لكن لا أحد يتوقع حدوث هذا، مع أن بعض الإمارات توقعت في الأيام الأولى للفدرالية  تداولا للرئاسة بين آل نهيان وآل مكتوم في دبي. إلا أن الفكرة هذه قد تكون قديمة، فدبي البراقة معروفة أكثر في العالم العربي لكن السلطة الحقيقية في أبو ظبي. ومع أن دبي لديها أكبر نسبة من عدد السكان في الإمارات، 10 ملايين نسمة إلا أن أبو ظبي تملك كل نفطها واحتياطات الغاز ونسبة 87% من أراضيها. وعليه فالإمارات الأخرى قلقة ليس من فكرة حرمانها من السلطة ولكن كيفية استخدامها. فعلى مدى العقود كان لدى كل مشيخة الحرية الواسعة لتحديد سياساتها. وأقامت دبي علاقات قوية مع إيران. فيما رفض صقر القاسمي، حاكم إمارة رأس الخيمة في شمال البلاد حظر فرع الإخوان المسلمين المحلي. ولم تعجب أي من السياستين حكام أبو ظبي، إلا أن الإمارات الأخرى مثل دبي عملت وبحماس على حماية استقلالها. وقد تآكلت هذه الاستقلالية عندما ضربت الأزمة المالية دبي في عام 2009، واحتاجت لحزمة إنقاذ من العاصمة بـ 10 مليارات دولار. ومع الحزمة جاء تنازل عام، فأطول بناية في العالم  التي أطلق عليها اسم برج العرب أصبحت برج خليفة، أي اسم الرئيس. ونفس الأمر حصل في السر حيث انحرف ميزان السلطة نحو أبو ظبي.

ومنذ ذلك الوقت زاد الشيخ محمد من سيطرته على السياسة الخارجية والأمن، كما وبنى آل نهيان مصالحهم التجارية، من البنوك إلى الطاقة والترفيه. ومواقفه متشددة تقوم على العدوانية للسياسة الجماهيرية ومعاداة الإسلام السياسي وإيران، وقد حددت النبرة السياسية بدرجة أنه لم يعد هناك مجال للنقاش حولها أو مساءلتها.

ويقول الإماراتيون إن مساحة النقاش العام لسياسات الحكومة قد تراجعت بشكل واضح خلال العقد الماضي. لكن هناك من يعبر عن تذمره في الحوارات الخاصة، فدور الإمارات في حرب اليمن بات مصدر سخط بين الإمارات الفقيرة والتي عانت من خسائر بشرية فادحة. كما وأدى حماس أبو ظبي لسياسة الرئيس دونالد ترامب المحاربة تجاه إيران لانزعاج  دبي وبقية الإمارات. وتقول بعض الإمارات إنها تشعر بالدوخان من وتيرة التغيرات الاجتماعية بما فيها التغير المفاجئ لأيام العمل إلى الإثنين حتى الجمعة حيث يجتمع المسلمون لصلاة الجمعة وكان يوم العطلة الأسبوعية. وكل هذه القرارات نبعت من أبو ظبي بدون أي مجال للنقاش. وقيل دائما “الأول بين متساويين” لكن من الصعب القول إن البقية في درجة متساوية.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى