ترجمات أجنبية

إيكونوميست: الصدر على خطى المهدي: مؤكدا حضوره السياسي في العراق

إيكونوميست 1 – سبتمبر – 2022

رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر يتبع خطى المهدي المنتظر “الذي اختفى عام 873 ليظل وبعد أكثر من ألف عام رمزا حاضرا في حياة الشيعة ويلهمهم لمواجهة المضطهد”.

والصدر الذي يعبئ الجماهير والسياسيين يتبع خطاه، ففي 29 آب/أغسطس أعلن عن “انسحابه نهائيا” من السياسة بعد أشهر من الانسداد السياسي الذي أعقب الانتخابات البرلمانية العام الماضي. وبدلا من أن تكون دعوته إشارة عن الخروج من السياسة، فقد كانت بمثابة الإشارة لأتباعه لكي يخرجوا إلى الشوارع. وسيطر المحتجون على البرلمان ثم تدفقوا نحو “المحور الدولي” المحصن وفيه مقرات الحكومة بوسط بغداد ويعرف أيضا باسم “المنطقة الخضراء”. وهاجموا مكاتب الحكومة وسبحوا في مسابح المنطقة الفخمة. ومزقوا الصور والملصقات التي تحمل صورا للجماعات التي تحظى بدعم من إيران، أو ما يعرف بالإطار التنسيقي، بما فيها صور الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الذي اغتالته أمريكا في عام 2020.

واندلع العنف عندما حاول أنصار الصدر السير نحو بيت أحد قادة الإطار التنسيقي، وهو نوري المالكي. وعند تلك النقطة قامت الميليشيات الموالية للإطار التنسيقي بإطلاق النار، بشكل دفع أنصار الصدر لإرسال سرايا السلام، التي وصل رجالها مسلحين بالمقذوفات الصاروخية. وتبع ذلك معارك حول المنطقة الخضراء خلفت أكثر من 30 قتيلا ومئات الجرحى.

ويعتبر التظلم الأكبر للصدر، هي الانتخابات التي سرقت بعد عد الأصوات. وحصلت كتلته “سائرون” على المرتبة الأولى، بنسبة 22% من مقاعد البرلمان. ورغم حصوله على دعم الشيعة في العراق إلا أنه استطاع تجميع تحالف من السنة والأكراد. وعندما بدا أنه على حافة تشكيل حكومة، قام الإطار التنسيقي بـ “انقلاب قضائي”، حسب مايكل نايتس من معهد واشنطن. وقال إن المحكمة الفدرالية قامت بتحريك قوائم المرمى في وقت كانت فيه الكرة على وشك عبور نقطة النهاية، وقررت أن الصدر بحاجة للحصول على أصوات ثلثي أعضاء البرلمان لانتخاب الرئيس وليس مجرد أغلبية عادية. وأكدت المحكمة على ضرورة تخلي حكومة إقليم كردستان عن تصدير النفط وتحويله إلى الحكومة الفدرالية في تحرك كان يهدف معاقبة الأحزاب الكردية على دعمها لتحالف الصدر.

وقرر الصدر الغاضب سحب نوابه من البرلمان، وعنى هذا تسليم المقاعد للأعلى أصواتا في المناطق التي فازت فيها الكتلة الصدرية، بشكل منح الإطار التنسيقي فرصة لتشكيل حكومة. ولمنع هذا أرسل الصدر أنصاره لاحتلال البرلمان ومنع سيناريو كهذا. وظلوا في اعتصام دائم وطالبوا بانتخابات جديدة، وزاد عددهم أضعافا مع بداية شهر آب/أغسطس عندما تدفقوا لحضور صلاة جماعية في المنطقة الخضراء.

وفي الوقت الحالي تم سحب التنافس الشيعي من حافة الهاوية، وخفت المخاوف من الحرب الشيعية- الشيعية. وبعد غياب ليومين، ظهر الصدر على منصات التواصل الإجتماعي وطلب من أنصاره الإنسحاب من المنطقة الدولية. ومقابل ذلك، حصل على تأكيد من الإطار التنسيقي على رئيس وزراء يفضله، حسبما يشك البعض. ويرى أخرون أن كل طرف يحاول تقوية حلفائه للمعركة المقبلة.

وبالنسبة لإيران، يمثل العراق بوابة مهمة للمنطقة، ولن تتخلى عن حلفائها. ويريد الصدر تعزيزات من حلفائه العرب في الخليج، السعودية والإمارات. والغائب عن المعركة الحالية، اللاعبون الذين أحكموا الغطاء على السياسة العراقية. وبدون الحضور الطاغي لسليماني، تتقاتل الفصائل الشيعية فيما بينها. وتعبت الولايات المتحدة من لعب دور الحاضنة والذي كلفها أكثر من 4.400 جندي ومئات الملايين من الدولارات. وتحولت المؤسسات الديمقراطية التي أنشأتها، البرلمان والمحكمة الفدرالية ورئيس الوزراء ملعبا للميليشيات الشيعية. وربما لم يكن فعل الإختفاء الحقيقي فيما فعله الصدر لكن الأمل في ظهور عراقي ديمقراطي.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى