ترجمات أجنبية

إندبندنت: جونسون نجا من اللحظة المناسبة لتنحيته وبات أقوى لثلاثة أسباب

جون رينتول، إندبندنت 25-05-2022

اكتمل تحقيق شرطة العاصمة، ولم يتلق بوريس جونسون مزيداً من الإشعارات الجزائية. وبعد تحقيق دام أربعة أشهر وهدد في مرحلة ما بإسقاطه، لم يحصل إلا على غرامة وحيدة، جزاء ما يبدو أنه التجمع غير القانوني الأقل خطورة، حين كُمِن له بكعكة عيد ميلاد بين اجتماعين انعقدا قبل سنتين.

لقد تجاوز مستقبله السياسي الخطر المباشر بالفعل. ولفترة ما، سرى افتراض واسع النطاق بأنه سيتلقى مزيداً من الإشعارات الجزائية، الأمر الذي كان من شأنه الإبقاء على قصة “رئيس الوزراء المخالف للقانون” مستمرة على نطاق ثانوي. والآن تترنح القصة باتجاه نهايتها.

لا يزال لدينا تقرير كبيرة الموظفين المدنيين سو غراي [عن احتفالات المسؤولين أثناء العمل بالقيود المفروضة بسبب كورونا] كي نتطلع إليه، ربما الأسبوع المقبل. لكن التقرير أصبح أقل خطورة الآن بالنسبة إلى جونسون مما كان عليه سابقاً، رغم الإحاطات المجهولة التي تحدثت بأن التقرير سيكون “مسيئاً جداً” إليه. لا أستطيع أن أجزم، لكن ربما كان المقصود من هذه الإحاطات إدارة التوقعات بالنيابة عن رئيس الوزراء. وعند نشر تقرير غراي، خصوصاً إذا تكرر فيه سرد عدد من الانتقادات التي وجهها تقريرها السابق المرحلي والتفصيلي، من المرجح أن يكون الأثر مخيباً للآمال.

لقد تضمن التقرير المرحلي المنشور في يناير (كانون الثاني) بعدما بدأت الشرطة تحقيقها بعض الكلمات القاسية حول “فشل خطير في مراعاة المعايير المتوقعة من السكان البريطانيين جميعاً في ذلك الوقت”، ما مثّل “إخفاقات في القيادة والحكم من جانب مختلف أقسام مقر رئاسة الوزراء ووزارة الشؤون الحكومية”، وهذا ما يجب في نهاية المطاف أن يتحمل رئيس الوزراء المسؤولية عنه.

لكننا بتنا نعلم ذلك الآن، بعد أن تمكن جونسون من النجاة. لقد انقضت اللحظة المناسبة لتنحيته، وهناك ثلاثة أسباب تجعل موقفه أقوى مما كان عليه في يناير (كانون الثاني) 2022. الأول، لا يوجد رئيس وزراء بديل جاهز ويمتلك مواصفات السياسي الأكثر شعبية في بريطانيا، بعد بيان الربيع [عن الميزانية] الصادر عن [وزير المالية] ريتشي سوناك الذي استُقبِل استقبالاً سلبياً والأنباء عن احتفاظ زوجته بوضعية تؤمن لها ألا تكون مسجلة  ضريبياً.

ويتمثّل السبب الثاني في أن [زعيم حزب العمال المعارض] كير ستارمر ليس حريصاً جداً على استخدام مخالفة قوانين الإغلاق لإسقاط الحكومة في حين يخضع فيه بنفسه إلى تحقيق مماثل. ويتبدى الثالث في أن نتائج الانتخابات المحلية واستطلاعات الرأي الوطنية لم تكن كارثية، بالقدر الكافي للتغلب على الميل الطبيعي لدى النواب المحافظين إلى تأجيل المبادرة [إلى حل ما] حينما يتسنى لهم بكل سرور ألا يفعلوا شيئاً.

لقد أخبرني أحد النواب المتمردين إن “اثنين أو ثلاثة من الزملاء” أرسلوا الأسبوع الماضي إلى السير غراهام برادي، رئيس “لجنة 1922” [المشرفة على أداء حزب المحافظين]، رسائل تعبر عن عدم ثقتهم في قيادة جونسون. لكنني لا أعتقد أن صندوق البريد الوارد لدى السير غراهام يضم حتى نصف الـ54 رسالة المطلوبة [لطرح الثقة في جونسون] (أتساءل إن كان لدى السير غراهام ملفاً اسمه “الهلاك لجونسون” في بريده الإلكتروني). وحتى لو توفر العدد المطلوب، لا أعتقد أن نصف الأعضاء الحزبيين في البرلمان سيصوتون حالياً للتخلص من رئيس الوزراء.

في ضوء غياب الاتجاه والارتباك لدى النواب المحافظين الذين لطالما أطلق عليهم المذيع سام كوتس من “سكاي نيوز”، بصورة علنية، اسم “دجاجات بلا رؤوس” الليلة الماضية [مساء الأربعاء]، هم ليسوا على استعداد لإقصاء جونسون لصالح منافسة غير مؤكدة بين مرشحين يبدو عليهم غياب الاتجاه والارتباك بالقدر نفسه. ففي الوقت الحالي، تعارض رئاسة الوزراء فرض ضريبة غير متوقعة، في حين يبدي سوناك انفتاحاً على الفكرة.

والليلة الماضية، استثنى وزير المالية الإشارة إلى ميزانية الخريف خلال خطابه الموجّه إلى “اتحاد الصناعة البريطاني”، تاركاً موقفه من التخفيضات الضريبية أقل وضوحاً. وكذلك بدت ليز تروس، وزيرة الخارجية، معارضة لأي زيادة ضريبية أمس، في حين يؤيد بعض مؤيديها من “التاتشريين” [نسبة إلى رئيسة الوزراء السابقة مارغريت تاتشر، وكانت من حزب المحافظين] فرض ضريبة غير متوقعة على شركات النفط والغاز إذا كانت من شأنها التعويض عن تخفيضات ضريبية في مجالات أخرى.

واستطراداً، إن ذلك كله يعني إنه على الرغم من شعور عديد من الناس بغضب شديد إزاء إفلات رئيس الوزراء من العقاب على حضوره تجمعات عُوقِب على حضورها موظفون صغار في الخدمة المدنية، إلّا أن ذلك الجزء من القصة انتهى. ويبدو من المدهش أن يكون أحد الأحزاب قد خالف القانون بنظر بعض الناس، فيما يعتقد آخرون بأنه لم يفعل. إنها المشكلة التي يتعرض إليها المرء حينما يستخدم القانون الجنائي في محاولة لتنظيم الاختلاط الاجتماعي. لطالما أشار آدم واغنر، المحامي المتخصص في التشريعات الخاصة بفيروس كورونا، إلى أن جونسون لن يتلقى إشعاراً جزائياً عن تجمع “جلب فيه كل من الحضور مشروبه الخاص” في حديقة مقر رئاسة الوزراء، لأنه يعيش هناك.

وسيكون هناك خلاف حول مساءلة الشرطة. وقد يتصور عامة الناس أنه من حقنا أن نعرف أكثر عمّن فعل ماذا [توضيح المسؤوليات]، ولماذا تبين أن بعض الأمور قانوني وبعضها الآخر غير كذلك، وعلى أي مستوى يحق للمسؤولين إخفاء هوياتهم. وربما يقدم تقرير الخدمة المدنية الذي أعدته غراي مزيداً من المعلومات، فلطالما أشار جونسون نفسه إلى أن ذلك التقرير سيورد أشياء كثيرة حين ينتهي التحقيق.

قد تظهر تفاصيل إضافية وأكثر. في المقابل، من الصعب أن نصدق أن أي شخص سيغير رأيه الآن بفضل أي رواية جديدة لما حدث في تلك التواريخ الثمانية [عن الحفلات أثناء إغلاق كورونا، وقد شملها تحقيق سو غراي]. وبمجرد تبرئة ستارمر من قبل شرطة دورهام، وفق ما أتوقع، ستتلاشى المسألة كلها من عقول عامة الناس في غضون أقل من أربعة أشهر.

وسيسقط بوريس جونسون ذات يوم، لكن هذا لن يكون لأنه خالف قانونه الخاص أثناء الإغلاقات [إشارة إلى أن جونسون أقر قانون العزل والتباعد الاجتماعي، لكنه خالفه بحضوره حفلات في مقر رئاسة الوزراء].

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى