أقلام وأراء

إعادة فتح «قنصلية القدس».. الأمر لِمَن .. بايدن أم بينيت ؟

محمد خروب 11/11/2021

ما تزال الإدارة الأميركية «صامتة» بعد أزيد من ثلاثة أيام على «التحدّي» الذي أظهره رئيس حكومة العدو الصهيوني نفتالي بينيت لها.. في شأن «نيّة» واشنطن إعادة فتح قنصليتها في القدس المحتلة, بعدما ألحقها ترمب بالسفارة الأميركية التي تم نقلها من تل أبيب, إثر اعترافه بالقدس «المُوحّدة» عاصمة «أبدية» لإسرائيل. دونما خِشيته بل تجاهَل بغطرسة وازدراء, كل التصريحات المُنددة والشاجِبة والغاضِبة التي أُطلقت عبر أثير بعض الدول العربية وقلة من الدول الإسلامية, وخصوصاً كل ما انطوت عليه تصريحات قادة سلطة الحكم الذاتي في رام الله, الذين يُواظبون على مُطالبة/مناشدة بايدن الوفاء بوعوده والإسراع بإعادة فتح القنصلية التي افتتحتها الولايات المُتحدة في القدس عام 1844.

وحتّى لا تلتبس الأمور على أحد، ويذهب بعيداً في ترقّب مَعركة «لن تقعْ» بين الحليفين الأميركي والصهيوني, فإنّ إدارة بايدن التي لم تكتفِ بدعم «قرارات» ترمب بشأن القدس كعاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها، بل انخرطت بحماسة في استكمال مسيرة التطبيع التي دشّنها ترمب عبر ما سمّيَ حينذاك «اتفاقات أبراهام”, مُعلِنة بوضوح أنّها ستبذل كل جهودها (اقرأ تهديداتها وابتزازاتها وضغوطها من أجل «ضمّ» المزيد من الدول العربية والإسلامية لمسيرة التطبيع مع إسرائيل)، زِد على ذلك أنّ إدارة بايدن استبقت الأمور واحتفظت لنفسها بخطّ الرّجعة, عندما «ذكّرَتْ» الجميع أنّ إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس (التي من مهامها تنسيق العلاقة مع الفلسطينيين) يستلزِم «موافقة» من إسرائيل كون «القدس» عاصمة لها، وبالتالي لا تستطيع الأخذ على عاتقها مهمّة كهذه دون أن تحصلَ على ضوء أخضر من «الدولة» ذات الصلة.. ما يضع كلّ التصريحات التي يدلي بها أركان الإدارة الأميركية وخاصة وزارة الخارجية، في خانة «الوعود الخُلّبِيّة»، أكثر ما يمكن أن تتم ترجمتها على أرض الواقع، خاصّة تلك التي أدلى بها متحدّث الخارجية الأميركية من أنّ بلاده ستمضي قدماً في إعادة فتح القنصلية، دون أن يُحدّد موعداً لهذه الخطوة وإن كان ربطها بالفترة التي ستلي موافقة الكنيست على ميزانيتيَّ العامين 2021، 2022 وما أن صادقَ الكنيست عليهما، حتّى خرجَ نفتالي بينيت ويائير لابيد لـِ”يُجدّدا» في صوتٍ واحد لا ارتباك فيه ولا تلعّثم، رفضَهما المطلق إعادة فتح القنصلية الأميركية، إذ قال بينيت «لا مكان لقنصلية أميركية تخدم الفلسطينيين في القدس»، مُضيفاً في زهوٍ وتحدٍ: «نحن نعبّر عن موقفنا باستمرار وبدون «دراما».. القدس هي عاصمة إسرائيل، وقد تمّ نقل هذا الموقف إلى الإدارة الأميركية خاصّة،–والقول لبينيت- إنّ «الحكومة الإسرائيلية بمختلف مركباتها تُعارِض خطوة كهذه».

لم يتردد بينيت في الإجابة على سؤال خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده السبت الماضي بمشاركة وزير الخارجية، رئيس الوزراء البديل لابيد ووزير المالية ليبرمان في القول: نحن لا نتّفق مع إدارة الرئيس جو بايدن في كلّ شيء، وَنَعي جدياً -أضاف- كيف ندير الخلافات عند الضرورة، ولا نبحث عن الشجار والخلافات مع واشنطن».. وفي الوقت ذاته جزم لابيد مُعارضته إعادة فتح القنصلية الأميركية، لكنّه لم يُبدِ أي مُمانعة في أن تقوم واشنطن بفتح قنصلية لها في «رام الله».

هل سيخرج أحد مُكرراً العبارة المُستهلَكة/المُتهافتة قائلاً: إنّ الكرة الآن في «ملعب» بايدن وبلينكن؟

من السذاجة الرّهان على ذلك، وتصوير الأمور وكأنّ واشنطن ستُظهِر «العين الحمراء» لحكومة بينيت/لابيد، أو أنّها ستلوّح لها بعقوبات حال استمرار تعنّتها في هذا الشأن أو في قضايا الاستيطان، خاصّة أنّها (إدارة بايدن) أطلقت تصريحات «ساخنة» والبعض وصفها «غاضبة» مُنتقِدة تواصل النشاط الاستيطاني اليهودي في الضفة المحتلة، لكن حكومة بينيت مضت قدماً في تكريس نهج الاستيطان، وأعلنت أنّها استدرجت عطاءات لبناء ثلاثة آلاف شقة سكنية في مستوطنات عديدة في الضفة المحتلة وتوسيع مستوطنات أخرى في محيط القدس, فضلاً أنّ بينيت وبعدما رفضَ بحسم إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس، أعلنَ أنّ حكومته تعتزم «شرّعنَة» البؤرة الاستيطانية «أفيتار» والالتزام بالاتفاق المُوَقّع مع المستوطنين، بإنشاء البؤرة الاستيطانية المقامة على جبل صبيح قرب نابلس في الضفة المحتلة.

في المجمل، لا كرة في ملعب إدارة بايدن, وبالتأكيد لا كرة في ملعب بينيت أو لابيد.. بل الكرة دائماً في ملعب «بعض» العرب، وخصوصاً ملعب سلطة رام الله.

استدراك :

ماذا عن «وَعد» بايدن إعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن؟ وهل ما يزال يُؤيد حلّ الدولتين حقاً, أم انه سقطَ عن جدول أعماله.. نهائياً؟

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى