ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم – يوآف ليمور – حدث تكتيكي، تداعيات استراتيجية!

إسرائيل اليوم– بقلم  يوآف ليمور – 23/8/2021

” شيء في غزة لا يحل بضربة واحدة وانتهينا. واحد لا يمكنه حقا ان يفي بالمستوى الذي يعد الجمهور به. وكما هو الحال دوما، غزة تبقى معنا وهي تتطلب سلوكا حساسا ومواجهة يومية لاجل الحفاظ على الا تنفجر مرة اخرى “.

منذ عشرات السنين يعلمون في الدورات القيادية في الجيش الاسرائيلي عن “النفر الاستراتيجي”. حدث محلي تكتيكي وهامشي ظاهرا، يجر الجيش والدولة في اسرائيل الى متاهة استراتيجية. هذا بالضبط ما حصل اول امس في المظاهرة على حدود قطاع غزة. حدث محلي معروف مسبقا كان يفترض به أن ينتهي دون اهتمام خاص، خرج عن نطاق السيطرة وورط اسرائيل في مناوشة غير مرغوب فيها، يخيل أن ذروتها لا تزال امامنا.

لم ينجح الجيش الاسرائيلي في أن يوفر أمس تفسيرات يرضى عنها العقل لسلوكه في الحادثة. لا لسؤال لماذا اتيح لرجال حماس الدخول الى المساحة الفاصلة – مساحة بعمق نحو 300 متر عن الجدار والتي يفترض بها أن تكون نقية – ولا على اسئلة تتعلق بمكان القناصة، بشكل سهل الاصابة لواحد منهم. 

على السطح يخيل أن هذا اخفاق تكتيكي عميق، انتهى باصابة خطيرة للمقاتل برئيلحداريةشموئيلي، وكان يمكن أن ينتهي بنتائج اصعب بكثير؛ لو اختار المخرب ان يدحرج  قنبلة في الثقب، لا ان يطلق النار من مسدس، لانتهى الحدث بثلاثة قتلى.

ليس واضحا ايضا لماذا لم يستعن الجيش بالدروس الكثيرة التي جمعها من احداث الماضي على الجدار. فالمظاهرات العنيفة لحماس ليست امرا جديدا، والجيش الاسرائيلي دفع في 2018 رسوم تعليم باهظة الثمن الى أن طور اساليب للتصدي لها. وقد نجح في حينه في عمل ذلك بثمن دموي عال في الجانب الفلسطيني، ولكنه متدن في الجانب الاسرائيلي – قتيل واحد، رغم حجم المظاهرات والعنف الذي كان فيها.

الان، يسجل الجيش الاسرائيلي ثمنا باهظا في المظاهرة الهامة الاولى التي يتصدى لها في الوقت الحالي. وستكون فرقة غزة مطالبة باعطاء تفسيرات لمعالجتها الجزئية للحدث الذي يأتي بالذات بعد أن ادت مهامها بشكل ممتاز في الدفاع في اثناء حملة حارس الاسوار. هذه الفجوة مقلقة اساسا لان الحدث اول امس لم يأتِ مفاجئا – فقد عرفه الجيش واستعد له – وليس واضحا اذا كان نبع من ثقة مبالغ فيها بالذات، من عدم اكتراث او من تقدير ناقص للتهديد. 

لقد اوضح الجيش الاسرائيلي أمس بانه يحقق في الحدث بجذرية. حالات مشابهة في الماضي انتهت باستنتاجات قاطعة  بما في ذلك  الاستنتاجات الشخصية. مشكوك أن يكون هذا ما سيحصل الان: فالقيادة العسكرية تضم الصفوف بشكل مقلق، من حيث التفكير ايضا، وكذا القيادة السياسية لا تتحداها على نحو خاص (من خلال الاقرار الذي اعطته الحكومة أمس لـ “علاوة رئيس الاركان” الفضائحيةلاجر مؤدي الخدمة الدائمة). وقال رئيس الاركان امس في جلسة الحكومة ان “الجيش الاسرائيلي، قيادة المنطقة الجنوبية وفرقة غزة جاهزون ومستعدون لكل سيناريو”، قول اشكالي بعض الشيء على خلفية نتيجة الاحداث اول امس. 

ولكن الحدث في غزة مقلق ليس فقط بسبب نتائجه القاسية بل اساسا بسبب تداعياته لاحقا. فقد حصلت حماس على ريح اسناد، وعلى اي حال ستواصل المظاهرات على امل جباية ثمن في المستقبل ايضا. يمكن الافتراض بان الجيش الاسرائيلي سينفذ التعديلات التكتيكية اللازمة وعلى اي حال سيبدي تشددا اكبر في استخدام القوة مما سيؤدي بالضرورة الى مصابين فلسطينيين – موضوع لن يمر دون رد من الجانب الفلسطيني. 

هذه طقوس معروفة مسبقا. كما اسلفنا كان الطرفان فيها قبل ثلاث سنوات، ولم ينته العنف في حينه الا بعد أن تحققت التسوية لتحويل  الدفعات الشهرية (“حقائب المال”) من قطر الى حماس. ويبدو الان ان حماس غير راضية عن التسوية الجديدة في التمويل القطري لانها تترك رجالها بلا رواتب. 

لا بد ان اسرائيل لن تتمكن من التجلد على استمرار العنف وستكون مطالبة بالرد، مما سيضع الطرفين بالضرورة مرة اخرى على مسار المواجهة. 

قبل ثلاثة اشهر فقط، مع نهاية حارس الاسوار ادعت قيادة الجيش بان الحملة ستجلب الى الجنوب هدوءاً لزمن طويل. ومنذئذ اطلقت بالونات، اطلق صاروخ واصيب مقاتل بجراح خطيرة، والوعود والتقديرات لدى الجيش تبينت بعيدة جدا عن الواقع. هذا درس هام في الازدواجية (الحملة كانت اقل بطولية مما حاول الجيش عرضها هي وانجازاتها)، وكذا في النظر الى المستقبل. شيء في  غزة لا يحل بضربة واحدة وانتهينا. واحد لا يمكنه حقا ان يفي بالمستوى الذي يعد الجمهور به. وكما هو الحال دوما، غزة تبقى معنا وهي تتطلب سلوكا حساسا ومواجهة يومية لاجل الحفاظ على الا تنفجر مرة اخرى. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى