إسرائيل اليوم: يجري النظر في اتخاذ إجراءات أكثر تشددا ضد السكان الفلسطينيين
إسرائيل اليوم 15/9/2022، بقلم: يوآف ليمور
الاشتباك الذي جرى صباح الأربعاء وقتل فيه الرائد بار بيلح، يضع إسرائيل على مفترق قرارات، وعلى جدول أعمال: استمرار النشاط في صيغته القائمة، أو تشديد السياسة، بما في ذلك إمكانية أعمال عسكرية واسعة أكثر وخطوات مدنية تصعب الأمور على السكان الفلسطينيين.
الاشتباك نفسه يطرح بضعة أسئلة على المستوى التكتيكي، والتي لا بد ستتضح في التحقيق العملياتي. صحيح أن نقاط الرقابة شخصت المخربين، لكنها لم تشخص أنهم مسلحون، ولهذا فقد أتيح لهم أن يفاجئوا ويمسوا بضابط “الناحل”. قد يشير الأمر إلى حاجة لتأكيد أو تركيز الوسائل أو بعض الأنظمة، لكن من يتوقع مئة في المئة معلومات استخبارية مسبقة في كل حدث – بانتظاره خيبة أمل.
من المتوقع من قوات خبيرة تعمل منذ زمن بعيد في الجبهة أن تحل أحداثاً كهذه عندما تحدث على نحو مفاجئ. ينطوي الأمر أحياناً على ثمن دموي مثلما حصل. ورغم ذلك، هاجمت القوة المخربين وقتلتهما، كما هو متوقع منها (بقيادة قائد اللواء العقيد أريك موئيل). هذا جزء من الخطر العملياتي الذي ينطوي عليه الكفاح ضد الإرهاب. من يستنتج الحاجة لقتل كل مشبوه حتى بغياب معلومات تدينه أو تسهيل تعليمات فتح النار، فسيصل في أقرب وقت إلى قتل زائد للأبرياء. ولأن الجيش الإسرائيلي يمتنع عن ذلك، فهي ميزة تميزه عن منظمات الإرهاب.
تدل هذه الحادثة على مشكلتين عميقتين ومقلقتين. الأولى، والتي تبرز منذ أكثر من نصف سنة، هي الدافعية المتزايدة للشباب، ولا سيما في شمال السامرة لتنفيذ العمليات. وهذا واضح في المقاومة المتزايدة لأعمال الاعتقال التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في جنين ونابلس (وفي بعض الحالات في جبهات أخرى) وبالارتفاع في عدد العمليات، في محاولات العمليات وفي العمليات المحبطة.
تحريض في الشبكات
أسباب ذلك متنوعة: ابتداء من هبوط كبير في النجاعة العملياتية والدافعية التي لدى أجهزة الأمن الفلسطينية للعمل في شمال السامرة، مما يؤدي إلى تردّ في الحوكمة في المنطقة، عبر النشاط المكثف في الشبكات الاجتماعية – في التك توك أساساً – والتي تحرك العديد من الشبان الفلسطينيين للخروج إلى الشوارع، وحتى حقيقة أن الجيل الحالي “لم يحترق” بذكريات حملة “السور الواقي”، بالدبابات والجنود الذين اجتاحوا شوارع المدن الفلسطينية والردع الذي تحقق بواسطتهم.
المشكلة الثانية، المقلقة بقدر لا يقل، هي الارتفاع في مشاركة رجال أجهزة الأمن الفلسطينية في العمليات (وأحياناً أقرباؤهم). أحد المخربين كان رجل الأمن الوقائي الفلسطيني – شريك “الشاباك” في الضفة. لا نستنتج من ذلك أن كل نشطاء الأجهزة مخربون محتملون. ولكن من الواجب أن نستخلص وجود مشكلة هي قبل كل شيء مشكلة فلسطينية، وبعد ذلك مشكلة إسرائيلية.
الشريك الفلسطيني
أجهزة الأمن الفلسطينية هي الشريك الأساس لإسرائيل في “المناطق” [الضفة الغربية]، بغياب حوار سياسي بين الطرفين. منذ الانتفاضة الثانية، عملت في الضفة على إحباط آلاف العمليات واعتقال المطلوبين. وهي لم تفعل ذلك من أجل إسرائيل، بل كي تقلص تهديد الإرهاب، أساساً إرهاب حماس والجهاد الإسلامي، الذي يهدد أولاً وقبل كل شيء السلطة نفسها. ضعفها الآن يخلق فراغاً يجتذب إليه منظمات الإرهاب، من الأجهزة الذين يبحثون عن مصدر إلهام جديد، وشبان يملأهم السأم.
وهذا يستوجب من إسرائيل تعزيز الأعمال العملياتية والنظر في إمكانية اتخاذ خطوات أخرى. في جهاز الأمن من يتحدثون عن حملات عميقة وطويلة أكثر في شمال السامرة، وكذا عن خطوات تقيد السكان – من علاقات محلية وحتى قيود حركة – على أمل أن يمارس المواطنون الضغط على السلطة الفلسطينية وعلى أجهزتها الأمنية كي تلجم العنف.
سيزداد هذا التحدي في الأسابيع القادمة على خلفية أعياد “تشري” أيضاً. فالحجيج إلى القدس والحرم سيكون موضع استخدام من جهات مختلفة للادعاء بأن الأقصى في خطر، في محاولة لإثارة العنف الشعبي. الجيش، والشاباك والشرطة ملزمون بالاستعداد لذلك مسبقاً، وخصوصاً تعزيز القوات ووسائل الاستخبارات ليجتازوا الشهر القادم بسلام ودون تصعيد ربما يؤثر على الضفة كلها وعلى جبهات أخرى أيضاً.