إسرائيل اليوم: وقف نار بشروط حماس.. تأجيل النهاية

إسرائيل اليوم – د. نسيم كاتس – 8/7/2025 وقف نار بشروط حماس: تأجيل النهاية
على خلفية ضغط سياسي دولي من جانب ترامب، خلافات في داخل الحكومة، ورغبة مفهومة تمس شغاف القلب لاعادة المخطوفين الى الديار، يتبلور منحى لصفقة وقف نار أخرى بين إسرائيل وحماس.
لكن، بينما تفعم الاماني بلم شمل العائلات قلب الامة، فان مراجعة نقدية بتفاصيل الصفقة المتبلورة تعطي صورة مقلقة لاستسلام استراتيجي.
يبدو ان الحديث لا يدور عن مفاوضات بين طرفين متساويين بل عن املاء شروط بشكل تهكمي من جانب منظمة إرهاب تعرف كيف تستغل حتى النهاية نقطة الضعف الأكثر حساسية للمجتمع الإسرائيلي – قدسية الحياة. أساس النقد يتعلق بالفجوة التي لا تحتمل بين المقابل الذي ستحصل عليه إسرائيل وبين الثمن الاستراتيجي الباهظ الذي ستكون مطالبة بان تدفعه. وفقا للمنحى موضع الحديث، فان المقابل الفوري طفيفة لدرجة الإهانة: تحرير 10 مخطوفين احياء فقط على دفعتين منفصلتين.
الجدول الزمني التهكمي، الذي يتضمن تنقيط” 8 مخطوفين احياء في اليوم الأول، وبعد ذلك إعادة جثامين في دفعات على مدى شهرين، ليس سوى تلاعب نفسي وحشي يستهدف تمزيق اعصاب إسرائيل والإبقاء على حماس في موقع المسيطرة على الوضع.
في مقابل هذا، إسرائيل مطالبة بوقف نار مطلق وطويل لنحو 60 يوما. وقف نار بهذه المدة ليس “هدنة إنسانية”، بل حبل نجاة استراتيجي لحماس. هذا ليس فقط وقتا لاعادة التنظيم، هذا وقت لاعادة بناء كامل لقدراتها العسكرية، لتجديد مخزونات الصواريخ، لاعادة تنظيم سلسلة القيادة وإعادة الانتشار في شبكة الانفاق. في الوقت الذي يفقد فيه الجيش الإسرائيلي الزخم العملياتي، ينهك قواته ويطفيء محركاته، تحصل حماس على فرصة ذهبية لان تستعيد لنفسها السيطرة المدنية والعسكرية في الميدان.
ان الضغط الدولي الذي سيمارس على إسرائيل في ختام الـ 60 يوما سيكون هائلا، والدخول الى “مفاوضات نهائية” ستجعل وقف النار المؤقت نهاية فعلية للحرب دون أن يكون تحقق حتى ولا واحد من هدفيها الأساسيين: إعادة كل المخطوفين وتصفية حماس من ناحية سياسية وعسكرية.
فضلا عن ذلك يكشف مبنى الصفقة عن أن حماس تطلب وقفا للمساعدة الإنسانية من قبل صندوق المساعدة الأمريكي ونقلها الى الأمم المتحدة والاونروا، فتح معبر رفح في الاتجاهين، ظاهرا لاجل السماح بخروج الغزيين وكذا ادخال المساعدات الإنسانية عبر الجانب المصري من القطاع، وليس عبر إسرائيل. الامر كفيل بان يمنع الرقابة على رزم المساعدات التي تدخل الى غزة ويسمح بإدخال الأسلحة وغيرها من الوسائل التي تعزز منظمة الإرهاب.
عمليا، حماس هي التي تدير الحدث، تملي قواعده وتقرر وتيرة المفاوضات المضنية. هي تبقي أوراق المساومة الأقوى لديها – باقي المخطوفين الاحياء وعلى رأسهم الجنود – للمراحل التالية لفهمها ان إسرائيل ستضطر لان تدفع لقاءهم اثمانا باهظة اكثر في المستقبل. مطالبها بعيدة المدى، مثل تحرير الاف المخربين مع دم على الايدي، انسحاب كامل للجيش، نقل المساعدات الى الأمم المتحدة ومطالبات بضمانات دولية، تستهدف ليس فقط البقاء بل وأيضا إعادة تثبيت شرعيتها.
هذه الدينامية التي تنجح فيها منظمة إرهاب مهزومة ظاهرا بفرض ارادتها على دولة سيادية هي دليل على فشل استراتيجي إسرائيلي. بدلا من استخدام الضغط العسكري غير المسبوق لصفقة بشروط مريحة، إسرائيل تنجر الى صفقة اساسها ضمان بقاء حماس.
ان إعادة 10 مخطوفين هي فرصة مقدسة لكن السؤال الصعب هو اذا كان الثمن – ابقاء حماس على حالها، مسلحة وجاهزة للمذبحة التالية وباقي المخطوفين لمصير غير معروف – هو ثمن عال جدا.
لا تبدو هذه الصفقة كـ “نصر مطلق” ولا حتى كنصر جزئي. هي تبدو كتأجيل النهاية الخطيرة، كاستجابة لاملاءات العدو وكشراء لهدوء مؤقت بثمن امن الأجيال التالية.