ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم: وقف نار، ونار بلا توقف

إسرائيل اليوم 8/12/2025، تسفيكا حايموفيتشوقف نار، ونار بلا توقف

على مدى سنين عملت إسرائيل حسب مباديء مفهوم الامن التي وضعت التوجه الاستراتيجي للمنظومة السياسية والأمنية كلها: ردع، اخطار، حسم ودفاع.

بعد صدمة مفاجأة 7 أكتوبر وحتى قبل أن يحقق في الإخفاق الأمني الأكبر في تاريخ إسرائيل، يبدو أن عملا بلا قيود ضد تهديد يتشكل خلف حدودنا أصبح المبدأ الرائد، ولعله حتى الوحيد – المنع. وهكذا، فان المبدأ الذي يفترض أن يكون محدودا ودقيقا أصبح عقيدة شبه حصرية. ومبدأ آخر، في أصله كان يفترض أن يكون  “الحرب ما بين الحروب” لانه يعمل كل يوم في كل جبهات القتال، يخلق آلية معاكسة لتلك التي قصدتها: تواصل لا يتوقف لحروب صغيرة، ونار بلا توقف.

اخطأ من اعتقد انه بعد حروب ناجحة (ايران، حزب الله) سيتراجع العدو عن نواياه واراداته، يهجر طريقه ويوقف اعماله. الأطراف المقابلة تنتعش وتبني قوتها، ولعله حتى بوتيرة أسرع مما قدرنا. هكذا كان وهكذا سيكون. لمن يبحثون ويريدون جدا، ستكون دوما اهداف عدو في الطرف الأخير. دوما ستوجد البنية التحتية، القدرة التي رممت او بنيت، والنشيط أو المجموعة التي تعنى باعداد او توجيه العمل ضد إسرائيل.

 أيام هادئة كحدث شاذ

في مثل هذا الوضع فان اصطلاح “وقف النار” يفرغ من مضمونه. أيام هادئة تبدو كحدث شاذ بحاجة لشرحها وليس كنمط مسلم به. مثل كل عقيدة تتسع الى اكبر من حجومها هي أيضا تعاني من مشكلة عمق. فهي تنجح بشكل جزئي، لكنها لم تنجح في أي مرة في ان تمنع أو تحبط كل تهديد بصفته هذه. هي تحقق الإنجاز اللحظي والفوري لإحباط النشط او تدمير البنة التحتية لكن التهديد التالي يكون حل محله. من هنا، فهذا فقط خيارنا متى وأين نهاجمهم. وهكذا، فان المنع يصبح “تآكلا متواصلا”.

عمليا، لا يحقق الاستخدام المتواتر لمبدأ المنع وامتداد النار بقوى وتواصل في كل ساحات القتال الى استقرار وهدوء. العكس هو الصحيح. فهو يخلق هشاشة دائمة واحساس بانعدام اليقين يترك أثره على السكان في البلدات وكذا على قوات الجيش. المنع، حين يصبح التنطح لكل هدف، يبدأ بان يفقد نجاعته. السبيل الصحيح والأكثر نجاعة سيكون دمج المباديء. واذا كان ثمة درس آخر الى جانب مبدأ المنع الذي تعلمناه بعد سنتين من حرب متعددة الساحات، فانه التالي: مهما كانت إنجازات الجيش كبيرة – لا تكفي المطرقة والذراع العسكرية لاجل تثبيت الإنجاز، حفظه والسماح باغلاق ساحة الحرب. هنا مطلوبة أيضا الذراع السياسية. بمعونتها فقط، وباستخدام مقنون لمبدأ المنع سيكون ممكنا الرفع الى الحد الأقصى الإنجاز العسكري والسياسي بمجرد الإعلان والاعتراف بوقف النار.

الظروف اليوم مختلفة جوهريا عن النار قبل 7 أكتوبر. في حينه تركنا التهديدات التي خلف حدودنا تتثبت. في أماكن محدودة عملنا حسب مبدأ المنع (الحرب ما بين الحروب)، لكن في أماكن أخرى عمل الردع في غير صالحنا. فمثلا، امتنعنا عن العمل ضد حزب الله على الأراضي اللبنانية، على الأقل ليس بشكل قوي وذي مغزى. اليوم توجد في لبنان وفي سوريا أيضا حكومتان سياديتان، وقيادة تتحدث وتعلن على الأقل عن سياسة ترسم طريقا آخر. في لبنان لم تكن على الاطلاق حكومة، وحزب الله كان يعمل ويفعل كما يشاء. في سوريا حكم الأسد الذي سمح لإيران ولاخرين ان يفعلوا في أراضيه كما يشاؤون. اما اليوم فتوجد البنية التحتية للعمل وللدفع قدما بالذراع السياسية التي تستكمل الإنجازات العسكرية، في ظل استخدام مقنون ومركز لمبدأ المنع.

الهدف هو دفع الأطراف الأخرى لتفكيك منظمات الارهاب المسلحة. المصلحة مشتركة: هم يزيلون التهديد على استقرار الأنظمة – وإسرائيل تزيل التهديد على امنها. وبالتالي لإسرائيل توجد مصلحة عليا لان تحقق حكومتا لبنان وسوريا سياديتهما الكاملة في بلديهما.

 مثال على دمج المباديء

الخطوة التي فرضت بها على إسرائيل المحادثات مع ممثلي حكومة لبنان، في محاولة لتحقيق هدوء في لبنان، هي نموذج ممتاز على دمج للمباديء يمكنه ان يؤدي الى واقع آخر ونتيجة أمنية جيدة. والرد المباشر لترامب بعد الاشتباك في بيت جن في سوريا ألمح بغياب المبادرة السياسية لدينا في هذه الساحة.

عندما جعلت إسرائيل مبدأ المنع وحيدا، فان النار بلا توقف أصبحت واقعا محتما. هذه هي المرحلة التي يتعين علينا فيها أن نسأل أنفسنا ليس فقط ما الذي نمنعه بل وأيضا الى أن نسير. دولة غير قادرة على أن تخلق هدوء حتى وان كان لفترة زمنية معقولة، من شأنها أن تكتشف بانها تدير سياسة ترمي الى منع المخاطر فيما أنها عمليا تنتجها بلا انقطاع.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى