ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم: وضعنا الإقليمي ممتاز

إسرائيل اليوم 22-1-2023، بقلم أيال زيسر: وضعنا الإقليمي ممتاز

عندما يقال إن “وضعنا لم يسبق له أن كان أفضل”، فإن رد الفعل الطبيعي هو عدم الارتياح، بل التخوف. قول كهذا يعيدنا خمسين سنة إلى الوراء، إلى صيف 1973 وإلى الشعار الانتخابي لحكومة “المعراخ”، الذي بث غروراً وتعالياً بل وانقطاعاً عن الواقع. كل هذه تحطمت في الوجوه حين سمعت صافرة الإنذار التي بشرت بنشوب حرب يوم الغفران، لكن التواضع بل والخوف مما سيأتي، كما تفترض التجربة وذاكرة الماضي، مثلما يفترض المحيط الاستراتيجي الذي نعيش فيه، لا يبرر التمترس في مواقف ومفاهيم قديمة تتجاهل التغيرات التي حلت على وضعنا في العقود الأخيرة.

بالفعل، ليس لطيفاً الاعتراف بعد مقدمة كهذه… لكن الحقيقة أن الوضع الإقليمي والدولي لإسرائيل جيد ويمنحها نقطة بداية ممتازة نحو المستقبل، وبخاصة القدرة على أن تقرر مصيرها بيديها خصوصاً في المسائل الأساس التي نقف أمامها.

لا توجد في الساحة الدولية اليوم جهة تسعى لتتحدى إسرائيل أو قدرتها على أن تولي خُطاها عليها. فالولايات المتحدة تسعى منذ زمن لفك ارتباطها عن الشرق الأوسط، وعملياً عن باقي مشاكل العالم، والتركيز على مشاكلها الداخلية. فالتوتر المتصاعد مع الصين في الشرق الأقصى، والآن الحرب في أوكرانيا، يستدعيانها للاهتمام بمسائل خارجية، لكن هذا بالطبع لا يتضمن الشرق الأوسط الذي تسير فيه على أطراف أصابعها حيال إيران، بل وحيال التطورات في المسألة الفلسطينية.

ليس للولايات المتحدة، إذن، رغبة أو قوة لأن تملي على إسرائيل ما عليها أن تفعله. بالنسبة لروسيا، عقب تدخلها في الحرب في سوريا، زعم أنها كفيلة بأن ترث مكان الولايات المتحدة كالقوة العظمى الرائدة في منطقتنا. غير أن روسيا غرقت في الوحل الأوكراني مما أثبت ليس قدرتها فحسب بل وقيود قوتها. لهذا يوجد أثر بالطبع على قدرتها على أن تعمل – تضغط، تهدد أو تردع – في منطقتنا. وأخيراً، حتى الصين غارقة إلى الرقبة في أزمة كورونا المتواصلة.

وحتى أوروبا يلوح فيها تغيير مفاجئ في موقفها من إسرائيل. كي نفهم هذا، لا حاجة إلا لأن نتذكر كيف تعاملت معنا أوروبا قبل 30 أو 40 سنة، حين شكلت رمزاً يمينياً في كل حملة تنديد ونقد ضد إسرائيل. غير أن أوروبا توجد اليوم في ضائقة، وهي جاهزة لمواجهة التحدي الروسي وبحاجة لإسرائيل لتلقي تكنولوجيا عسكرية وتوريد غاز. ومن هنا، ثمة أقوال لطيفة اليوم تسمع من مسؤولين في أوروبا بل والوقوف شبه التلقائي إلى جانب إسرائيل في الساحات الدولية. هكذا أيضاً في كل ما يتعلق بالأجزاء الأخرى من العالم، ابتداء من الهند، عبر إفريقيا وانتهاء بجنوب أمريكا، ممن يعترفون بمكانتنا ومستعدون لأن يبدوا تفهماً لمواقفنا.

في الشرق الأوسط نفسه جرى الحديث في السنوات الأخيرة كثيراً عن مكانة تركيا وإيران المتصاعدة كقوة عظمى إقليمية تبنى من ضعف العالم العربي. غير أن هاتين الاثنتين واعيتان اليوم أكثر من أي وقت مضى بقيود قوتهما. وجهة تركيا هي للمصالحة مع دول المنطقة التي تناكفت معها في السنوات الأخيرة، وعلى رأسها بالطبع إسرائيل. ومع أن إيران ملجومة أكثر عقب تصفية قاسم سليماني، قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري، مما كبح خطواتها دفعة واحدة لتحقيق الهيمنة الإقليمية، فإن طهران اليوم لا تسير إلى أي مكان، وستبقى جهة تآمرية ومهددة، لكن حتى تجاربنا معها في سوريا وفي كل ما يتعلق بالمسألة النووية، تشهد على حذر واعتراف بقيود القوة. أما بالنسبة للدول العربية، فهذه تقف في الطابور لتحسين وتطوير العلاقات مع إسرائيل.

يتبقى بالطبع الفلسطينيون، وهذا هو الموضوع بالضبط، فهي مسألة تقف على عتبة إسرائيل وبين أيديها. وعليه، بكل الحذر اللازم، يمكن القول إن وضعنا جيد ويمنحنا حرية عمل لم نشهد لها مثيلاً في الماضي. ولا يتبقى الآن إلا التأكد من أن نتمكن من استغلال واقع يبش الوجه كي ندفع قدماً بمصالح إسرائيل ونثبت مكانتها الإقليمية والدولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى