ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم: هل يمكن إحياء السلطة الفلسطينية؟

إسرائيل اليوم 27-11-2022، بقلم أيال زيسر: هل يمكن إحياء السلطة الفلسطينية؟

في الوقت الذي تشتعل النار في الضفة الغربية، يعود العنف ليرفع رأسه، وتأخذ عصابات مسلحة الحكم بأيديها في كل قرية وبلدة. فضل زعيم السلطة الفلسطينية أبو مازن زيارة قطر لمشاهدة مباريات المونديال. ومع أن منتخب السلطة الفلسطينية لم يصعد إلى المباريات النهائية، ولكن مشاهدة مباريات كرة القدم في الدوحة أفضل من السير في أزقة نابلس أو جنين في محاولة لاستعادة السيطرة التي فقدتها السلطة في المنطقة.

يخيل أن السكان الفلسطينيين غير مهتمين لمكان أبو مازن. فالرجل والسلطة التي يترأسها فقدا كل صلة لهما بواقع الحياة في الضفة الغربية.

بالنسبة لإسرائيل، المسألة الأولى هي مكافحة العنف والتعاون الأمني المتعثر بين الجيش الإسرائيلي وأجهزة الأمن الفلسطينية. ولكن رغم أن العنف موجه ضد إسرائيل، فسيدفع ثمنه الفلسطينيون على المدى البعيد. هكذا حصل في موجات العنف التي شهدناها في الماضي، ابتداء من الثورة العربية في العام 1936 وانتهاء بالانتفاضتين الأولى والثانية. كل هذه لم تجلب للفلسطينيين النتائج المرجوة ولم تكسر روح وقوة إرادة الإسرائيليين. لكنها أدت إلى المس بنسيج حياة السكان المحليين غير مرة على أيدي الفلسطينيين أنفسهم لانهيار الاقتصاد، ثم إلى تحطم المجتمع الفلسطيني. هكذا حصل وهكذا سيحصل إذا ما استمرت موجات العنف.

لكن الفلسطينيين يرون أن انهيار السلطة لا يتعلق فقط بمسألة أداء أجهزة الأمن الفلسطينية، بل لأنها سلطة فاسدة وغير ناصتة لمشاعر الجمهور واحتياجاته، بالضبط مثل معظم الأنظمة العربية المحيطة بنا والتي تشكل لها نموذج إلهام.

في واقع من الفوضى التامة يمكن لمجموعة مسلحة أن تقتحم مستشفى في جنين وتختطف شاباً إسرائيلياً بينما كان مربوطاً بالأجهزة. وتوقع هؤلاء أن يتلقوا مقابلاً للجثة. إذ هكذا عودت إسرائيل “حزب الله” في الماضي، ثم الفلسطينيين من بعده.

تواسي إسرائيل نفسها في أن انهيار أجهزة أمن السلطة ملموس أساساً في شمال الضفة، محيط نابلس وجنين، بينما الوضع أهدأ في باقي أجزاء المناطق، وكأنه تحت السيطرة. لكن لا يجب أن نتجاهل حقيقة أن العنوان مسجل على الحائط، وإشارة الميدان واضحة – السلطة آخذة في الضعف؛ فهي عديمة التأثير والقدرة على الحكم، والفوضى تحتل مكانها. يدور الحديث عن مسيرة طويلة، لن تكون تعابيرها على الأرض انهياراً دراماتيكياً للسلطة أمام آلاف المتظاهرين الذين يهاجمون مكاتبها وقياداتها، مثل الشكل الذي انهارت فيه الأنظمة العربية في أثناء ثورة الربيع العربي قبل نحو عقد. ثمة افتراض بأن السلطة ستذوي رويداً رويداً. قرية أخرى وبلدة أخرى تخرج عن السيطرة، قصبة أخرى يصبح فيها المسلحون أصحاب القول، وهكذا لا يتبقى لأبو مازن شيء باستثناء الزيارات إلى الخارج والتي يتلقى فيها معاملة رئيس دولة.

تدس إسرائيل حالياً رأسها في الرمال أمام إمكانية كهذه، وتتمنى انتعاش السلطة وأجهزتها. لكن ربما من غير الممكن إعطاء الأكسجين للسلطة وإعادتها إلى الحياة، ولا ترغب السلطة في دفع أي أفق سياسي قدماً، بل ولا تستطيع ذلك.

إن عودة إسرائيل إلى أزقة المدن الفلسطينية وأخذ مسؤولية متجددة عن نسيج الحياة، بما في ذلك مجالات الرفاه والاقتصاد، هو سيناريو يبعث على الغثيان في أوساط أصحاب القرار في إسرائيل، وبالتأكيد في أوساط جهاز الأمن. لكن السؤال هو: هل تملك إسرائيل بدائل أخرى في ظل واقع العنف المتعاظم وغياب حوكمة السلطة وأجهزتها؟ يجدر بإسرائيل أن تعطي رأيها في التحديات التي تنتظرها في الضفة الغربية على المدى البعيد إلى جانب التصدي اليومي للعنف كمهمة فورية وأولى في سموها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى