بقلم: أيال زيسر، إسرائيل اليوم 15/5/2022
في 15 أيار 1948، الذي انتهى فيه الانتداب البريطاني على بلاد إسرائيل، غزت الجيوش العربية البلاد، وزرعت الخراب والدمار في طريقها. كان هدفها منع قيام دولة يهودية في بلاد إسرائيل، التي كان أعلن عنها قادة الحاضرة قبل يوم من ذلك، عشية الجمعة، الخامس من أيار العبري للسنة العبرية تشح.
كل بلدة يهودية احتلتها جيوش عربية هدمت من الأساس، والمدافعون عنها ممن نجوا في المعركة أسروا أو قتلوا. هكذا حارة اليهود في البلدة القديمة من القدس، حيث خرّبت القوات الأردنية كنس الحارة، بعضها يعود لمئات السنين، هكذا أيضاً بلدات “غوش عصيون” ومستوطنة “مشمار هيردين” على شاطئ نهر الأردن، وكذا كيبوتسا “نتساريم” و”يد مردخاي” في الجنوب. غير أن دولة إسرائيل تمكنت من أعدائها وصد جيشها القوات العربية المتقدمة ودفعها إلى الوراء.
كان الغزو العسكري مرحلة ثانية في المعركة على بلاد إسرائيل، والتي بدأت مع قرار الأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني 1947 بتقسيم البلاد. رفض عرب البلاد الاقتراح، وبدأوا يهاجمون بلدات يهودية، وأغلقوا طرق المواصلات التي ربطت بينها.
فشل العرب في كفاحهم، وكانت يد اليهود هي العليا. وفي ضوء فشل عرب البلاد، قررت الدول العربية بالتالي التدخل في الحرب وغزو بلاد إسرائيل.
الحرب التي بدأها العرب جلبت مصيبة على عرب بلاد إسرائيل؛ كثيرون منهم أصبحوا لاجئين، وتجدر الإشارة إلى أن الدول العربية فضلت الاحتفاظ بالأراضي التي احتلوها (قطاع غزة والضفة الغربية) ومنعت قيام دولة فلسطينية فيها.
لم تكن هذه المصيبة إذن نتيجة قوة عليا، وإن محاولة اتهام الجانب اليهودي على أنه قاتل ضد من قام عليه وانتصر، محاولة غير ناجحة في اختبار الحقيقة التاريخية. المصيبة هي فعل أيدي السكان العرب في البلاد وزعمائهم، الذين رفضوا اقتراحات حل الوسط التي طرحت عليهم. اختاروا طريق العنف وخسروا عالمهم.
ما هو درس العرب منذئذ؟ أغلب الظن العودة إلى تجربة ما فشلوا فيه في العام 1948، بدلاً من اختيار العنف الذي لا يجلب إلا المصائب، ثم الاقتناع بأن التسليم للحوار كفيل بإخراجهم من دائرة لا تنتهي من سفك الدماء والهزائم.
“الاحتفالات” بيوم النكبة تعبير صارخ عن القرار الفلسطيني وبعض من عرب إسرائيل بالتمسك بالماضي. هذه ليست أحداث حساب نفس وذكرى، بل أحداث استفزاز، وتحريض ومظاهر كراهية، كل ما تبثه – وبالتأكيد بالنسبة للجمهور اليهودي الذي يشاهد هذه الاستعراضات – هو: “لسنا مستعدين لقبول وجود دولة إسرائيل، وعلى الجانب اليهودي أن يعرف بأن المواجهة شاملة “لعبة مبلغها الصفر”، انتصار الفلسطينيين فيها معناه خراب الدولة اليهودية”.
يمكن بالطبع الاستخفاف باستعراضات الكراهية هذه للدولة ولما تمثله، ولكن يجب أن نكون قلقين من الرسالة ومما يختبئ فيها. وأساسها أنه حتى لو كانت إسرائيل قوية وذات قدرة فإنها “دولة مشروطة”، في قلبنا لا نقبلها ونسلم بها، وما إن تحل اللحظة ويسمح الواقع فسنرفع الرأس أمامها. هذه الرسالة تغذي الاضطرابات في الوسط العربي، ولا تقف في أساسها ضائقة اقتصادية ولا حتى غضب على ما يجري في الحرم، بل استفزاز ضد دولة إسرائيل التي تفشل منظوماتها في التصدي له مرة أخرى.
دولة إسرائيل تعيش على حرابها منذ قامت، وفي منطقة مركبة كمنطقتنا سنضطر لفعل هذا في المستقبل أيضاً.
جدير إذن أن بعد مئة وخمسين سنة من النزاع، أن يختاروا طريقاً آخر بدلاً من مواصلة التنمية والاحتفال بالكراهية والتحريض. هذا على ما يبدو لن يحصل؛ إذ إن الفلسطينيين محكومون أن يعيشوا من مصيبة إلى مصيبة.
مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook