إسرائيل اليوم: هكذا اقنعت واشنطن القدس الا تهاجم منشآت نفط في ايران

إسرائيل اليوم 22/10/2024، داني زاكين: هكذا اقنعت واشنطن القدس الا تهاجم منشآت نفط في ايران
بالفارسية يسمع هذا على النحو التالي تقريبا: “أن أغتسمد أهمدانا أست” – هذه ترجمة حرة لعبارة “انه الاقتصاد، يا غبي” التي حفرت في الذاكرة من انتخابات 1992 في الولايات المتحدة والتي فاز فيها بيل كلينتون. في السياق الحالي للمواجهة مع طهران، يدور الحديث عن السلاح الاقتصادي الذي يمكن من خلاله الحاق الضرر الشديد بل وربما اسقاط رأس الافعى، النظام الإرهابي – الإسلامي في ايران.
معقول الافتراض ان تنتهي الحرب في لبنان باتفاق يشبه 1701، إضافة الى تعزيزات دولية وتواجد إسرائيلي طفيف. بعد تصفية السنوار الطريق الى التسوية في قطاع غزة قصر، لكن كل الاتفاقات ستكون في فترة محدودة فقط، لانه من خلف معظم منظمات الإرهاب في الشرق الأوسط توجد ايران. اسقاط النظام هناك هو هدف استراتيجي لإسرائيل والعالم الحر، والطريق الى الهدف يمر عبر خنق الاقتصاد المحلي في الدولة.
منذ سنين وانا اتابع معطيات الاقتصاد والتجارة التي تأثيرها على إسرائيل وعلى الشرق الأوسط هائل ويبشر بالمستقبل الذي سيتحقق. هذه المعطيات تتعلق بتصدير النفط الإيراني، الذي تؤثر مداخيله بشكل مباشر وفوري على تقوية او ضعف قوى الإرهاب في المنطقة. هكذا، عقوبات العالم على ايران بسبب برنامجها النووي قللت جدا التحويلات المالية لحزب الله في النصف الثاني من العقد الماضي. بعد الاتفاق النووي، تحرير الأموال وإزالة بعض من العقوبات، ارتفعت مداخيل ايران من النفط الى نحو 50 مليار دولار في السنة، وبما يتناسب مع ذلك – منذ 2016 تعاظمت جدا قوة منظمات الإرهاب التي تعتمد عليها: حزب الله، الميليشيات في العراق، الحوثيين في اليمن وكذا المنظمات الإسلامية الفلسطينية.
انعطافة استثنائية
بعد خروج ترامب من الاتفاق النووي وتشديد العقوبات، وجدت ايران صعوبة في مواصلة تمويل برامجها العسكرية ومنظمات الوكالة، لكن صعود الديمقراطيين الى الحكم في الولايات المتحدة في 2020 جلب معه تخفيفا كبيرا في العقوبات. هذه السنة وصلت مبيعات النفط الإيرانية الى مستويات قصوى، بوتيرة نحو 50 مليار دولار، والزبون الأساس وشبه الحصري هو الصين، التي تتمتع باسعار زهيدة على نحو خاص. هنا في “إسرائيل اليوم” بلغنا عن ذلك غير أن في الشهر الأخير وقعت انعطافة استثنائية.
وزارة المالية الأمريكية أعلنت عن سلسلة عقوبات جديدة على اقتصاد النفط الإيراني، فيما كان التركيز هذه المرة على شركات النقل البحري للنفط والتي تساعد ايران على تجاوز العقوبات. ويتم التجاوز من خلال نقل النفط في قلب البحر من ناقلات إيرانية تخضع للملاحقة والعقوبات الى ناقلات “شرعية” تعود للشركات الدولية هذه، وهكذا يبيض الذهب الأسود الإيراني.
ان انفاذ العقوبات السابقة، والعقوبات الجديدة التي شركات النقل البحري ومنها شركة روسية وشركات من الشرق الأقصى، تسببت بوقف شبه فوري لنقل النفط بهذه الطريقة الى الصين. في السطر الأخير، حسب تقديرات منظمات تتابع التجارة العالمية للنفط، انخفض التصدير الإيراني الى الصين بنحو 4 مليار دولار في آب الى نحو 1.5 مليار دولار في أيلول، والتقدير هو ان في أكتوبر سينخفض الى دون المليار. بمعنى، خسارة مداخيل بنحو 40 مليار دولار على الأقل بتعابير سنوية على الاقتصاد الإيراني. والمعنى هائل – اذا ما استمر هذا الميل، فان ايران كفيلة ليس فقط بتقليص دعمها لمنظمات الإرهاب الإقليمية، بل من شأنها أن تنهار اقتصاديا.
حسب مصادر إسرائيلية وامريكية، فان هذه الخطوة الاقتصادية، بما فيها انفاذ العقوبات التي تشددت مؤخرا، تمت بالتنسيق مع إسرائيل. وقد عرضت المعطيات في المداولات مع القدس، فيما ان الأمريكيين ينقلون رسالة بموجبها هجوم على منشآت النفط لا داعٍ له. الى هذا انضمت توجهات من دول الخليج، وعلى راسها السعودية الى الأمريكيين للامتناع عن الهجوم على منشآت النفط الإيرانية بسبب الخوف من ضربة إيرانية لمثل هذه المنشآت في دول الخليج. إسرائيل، بقدر ما هو معروف، استجابت.
غير ان بالتوازي، وبشكل متضارب نقلت الولايات المتحدة رسائل لإيران عن مبادرتها لاستئناف المفاوضات على اتفاق نووي متجدد. فالسياسة التي بدأت في عهد أوباما، وبموجبها يمكن “تقريب” ايران من الغرب ومنع تحولها الى قوة عظمى نووية بوسائل دبلوماسية، استيقظت من جديد. ومدهش بما يكفي ان هذا يحصل رغم تقرب ايران من روسيا والصين. وشرح دبلوماسي امريكي لـ “إسرائيل اليوم” بان هذا هو فقط احد طرق العمل التي تدرس وانه لن يتحقق اذا ما تبينت البدائل الاخرى كأكثر نجاحا. كما أن دول الخليج قلقة من هذه الامكانية. وحسب تقرير في شبكة “الحرة” الامريكية باللغة العربية، فقد أعربت دول الخليج عن تأييدها لرد إسرائيل قاسٍ على الهجوم الإيراني – باستثناء منشآت النفط.
ما يعقد الصورة هي الانتخابات في الولايات المتحدة. كل رد من كل جانب، وبالتأكيد من إسرائيل، يدرس من هذا المنظور. في ضوء وجود مؤيدي نهج أوباما في مواقع أساسية في السياسة الخارجية للإدارة الامريكية، كثيرون في الخليج وفي إسرائيل يتمنون التغيير. غير أن في الجانب الجمهوري توجد شخصية غير متوقعة، في غير صالحها مسجل “غياب الرد على الهجمة الحوثية – الإيرانية على منشآت النفط السعودية في 2019.