ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم: نتنياهو لم يحمي إسرائيل ويتهم بذلك الجميع

إسرائيل اليوم – أريئيل كهانا  – 9/12/2025 نتنياهو لم يحمي إسرائيل ويتهم بذلك الجميع

ليس غنيا عن الانتباه كيف وصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أول أمس مذبحة 7 أكتوبر. ففي اجتماع السفراء في وزارة الخارجية قال “كنا في 7 أكتوبر في واقع الامر في عملية مضادة لا يمكن وصفها هكذا. هذه ليست عملية إرهاب – هذه عملية أمنية، سياسية، اقتصادية، من كل النواحي الممكنة”. 

قبل كل شيء تحليل النص. اذا “كنا في عملية”، فلماذا إذن “لا يمكن وصفها هكذا”؟ ما معنى هذه الجملة الغريبة؟

لقد تحدث نتنياهو بعفوية شفوية، ولم يقرأ نصا مكتوبا. أقواله، كما يبدو، وفرت لنا اطلالة على القصة التي يرويها لنفسه عن اليوم الافظع في تاريخ المشروع الصهيوني. رئيس الوزراء لم يسميه “مذبحة” ولا “اخفاق”، لا “فشل” و “انهيار”، بل “عملية مضادة” او على حد قوله – عملية “من كل النواحي الممكنة”، ولا تزال فقط “عملية”. يفهم من هذا الاصطلاح ان بينه وبين نفسه لا يزال نتنياهو يتنكر بان عنده في الوردية احترق مبدأ الصهيوني الأساس “ليس بعد اليوم ابدا” وتصاعد دخانه في السماء الى جانب النقب الغربي. وبدلا من أن يعترف بذلك يروي لنفسه انه بالاجمال وقعت “عملية” هذا الانزلاق اللغوي يتناسب وادعاءه في الماضي بان اجتياح حماس كان بالاجمال اجتياح “مخربين ينتعلون الشباشب”. وكأنه لم يكن فخ استراتيجي عقده له يحيى السنوار ووقع هو فيه. كأن الخطة العسكرية لحماس لم تكن ذكية، دقيقة وفتاكة. كأن مجندات وامهات لم يصرخن داعيات للنجدة على مدى ساعات في فظائع متعذرة الفهم. كأن المخربين لم يجتاحوا حتى سديروت واوفاكيم. كأن نصف دولة لم يشهد “محرقة ليوم واحد” مثلما يقول كثيرون جدا، بل فقط “عملية من كل النواحي الممكنة”.

كلمات عديمة الأساس

هذا التصغير للمأساة ما كان ربما يبرر النقد لولا النصف الاخر من الخطاب ذاك الذي ادعى فيه نتنياهو باننا “قوة عظمى عالمية”. وكما اسلفنا، رئيس الوزراء لا يمكنه أن يسافر الى أي دولة في العالم تقريبا، باستثناء الولايات المتحدة. عمليا، حتى في نيويورك هو ليس آمنا تماما، في ضوء نوايا رئيس البلدية المستقبلي. وما هو أسوأ، تبجحاته عن كون إسرائيل “قوة عظمى إقليمية” او “عالمية” سمعناها أيضا قبل 7 أكتوبر 2023. فقد قالها نتنياهو – نتنياهو إياه الذي في الخطاب ذاته شرح كيف ان إسرائيل في الواقع كادت تنهار. 

“لقد كانت هنا خطة لابادة إسرائيل”، قال نتنياهو للسفراء. “كانت خطة عملية للهجوم علينا في وقت واحد. يمكن القول ان السنوار اطلق رصاصة. هو لم ينتظر، لم ينسق العملية التي كان ينبغي لها أن تؤدي الى اجتياح في وقت واحد من غزة من الجنوب، زمن الشمال من قوة الرضوان أيضا. النخبة من جهة، الرضوان من جهة أخرى، وتسونامي صواريخ وصواريخ باليستية علينا”. 

بمعنى، نتنياهو إياه، الذي على حد قوله نحن “قوة عظمى عالمية” يصف بعد بضع جمل من ذلك كم في واقع الامر كنا قريبين من اجتياح بري من جبهتين، منسق، ويترافق “تسونامي من الصواريخ والمقذوفات الصاروخية”. هذه التوصيفات لا تستوي الواحدة مع الأخرى. فلا يحتمل أن قوة عظمى عالمية كانت في واقع الامر على مسافة خطوة من الإبادة. ولا يمكن الادعاء ان وضع خطر وجودي هو في واقع الامر “عملية” فقط. كل هذا ببساطة لا يسير معا. 

صراع على الذاكرة

ما هو التفسير للتوصيفات المتضاربة بهذا الشكل المتطرف على لسان نتنياهو إياه لتلك الاحداث في ذاك الخطاب تماما؟ يبدو أن الجواب يكمن في المستوى النفسي العميق. نتنياهو أراد ان يذكر كـ “حارس إسرائيل”، هو قال ذلك، ولا شك أن هذا الاعتبار يوجهه.

لكن المذبحة لم تترك ذكرى لهذه الفكرة. لا يهم ما هي إنجازات الحرب – وجدير بالذكر بان “النصر المطلق حتى على طريقته لم يتحقق – نتنياهو لم يحمي إسرائيل. وليس مجرد لم يحمي بل قادها الى كارثة لم يسبق لها مثيل ونبعت من سياسته. هذه هي الحقائق التي لا يمكن التنكر لها. 

غير أنه امام هذه الحقيقة الرهيبة هو نفسه غير قادر على أن يقف. وعليه فهو لم يأخذ المسؤولية، كما هو متوقع من زعيم. وعليه فهو يقلص تلك الأيام الرهيبة الى مجرد “عملية”. وعليه فهو يتهم جهاز الامن بالفشل. وعليه فهو يعود ليروي له ولنا بان إسرائيل “قوة عظمى عالمية”. هكذا هو قبل كل شيء يهرب من نفسه.

بدلا من الهرب، كان متوقعا ان يستخلص رئيس الوزراء الدرس. فكمن قاد “القوة العظمى العالمية” الى فخ حماس عليه أن يبدي حذرا اكبر وغرورا اقل أو كما قيل في المصادر: “تواضع في خطاك”. هذا سيجلب الخير فقط، له ولنا. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى