إسرائيل اليوم: من المستنقع اللبناني الى المستنقع السوري

إسرائيل اليوم – ايال زيسر – 20/7/2025 من المستنقع اللبناني الى المستنقع السوري
بعين مفتوحة وبحماسة لا يمكن اخفاؤها، لكن بدون أي تفكير عميق وللمدى البعيد، تسير إسرائيل لتغرق في تدخل بلا جدوى في حروب طائفية وقبلية ليس لها نهاية في سوريا، الدولة المجاورة من الشمال.
تغريدة في شبكة “X” وفيها شريط مسجل لقصف مبنى هيئة الأركان السورية من سلاح الجو الإسرائيلي يحدث صدى ذا مغزى، لكن يجدر بوزير الدفاع ان يتذكر بان مهمته هي بلورة استراتيجية امنية وليس نشر تغريدات محرجة بالشبكة، الا اذا كان هدف الخطوات التي يكلف الجيش الإسرائيلي بتنفيذها هي بالفعل التغريدة والاعجابات التي تأتي في اعقابها.
إسرائيل هي قوة عظمى إقليمية ذات أهمية ومكانة، ولديها قوة عسكرية استعرضت المرة تلو الأخرى في الحروب التي ادارتها ضد اعدائها، لكن حتى لقوة عظمى كلية القدرة توجد قيود قوة من المهم أن تكون واعية لها. فهي غير قادرة على أن تنفذ كل شيء تريده أو يروق لها، بل يتعين عليها أن تفكر بالربح والخسارة وبالاثمان، واساسا تلك التي للمدى البعيد. كل هذه الاعتبارات، كما يجدر بالإشارة، إسرائيل لم تفكر به أو لم تأخذه بالحسبان حين خرجت الى المغامرة المشكوك فيها في سوريا الأسبوع الماضي.
هذه مغامرة مشكوك فيها لان أحدا من زعماء الدروز في سوريا لم يطلب معونتنا، وبدلا من ذلك هم يعودون ليشددوا انتماءه للدولة السورية ورغبتهم في التوصل الى تفاهم مع النظام الذي يحكم في الدولة. الدروز في سوريا لا يريدون دولة مستقلة لهم، ناهيك عن ان لمثل هذا الكيان لا توجد قدرة وجود مستقلة على نحو منقطع عن الدولة السورية. كما أنهم يعرفون افضل منا انعدام الجدوى للتدخل الإسرائيلي الى جانبهم الذي لن يؤدي الى أي تغيير حقيقي في واقع حياتهم بل سيعرضهم للخطر فقط.
ان كل من تعلم او يعرف تاريخ المنطقة السورية في مئات السنين الأخيرة، الامر الذي من الواضح أنه لا يمكن قوله عن أصحاب القرار عندما، يعرف شيئا ما عن الصراعات والنزاعات الاثنية والقبلية التي تتميز بها هذه المنطقة، والتي ليس لها بداية وليس لها نهاية، وتعود لتأتي على لا شيء في كل بضع سنوات.
قصر النظر إياه، واساسا إحساس القوة الذي ليس وراءه أي تفكير، اغرقنا في العام 1982 في حرب ووحل ليس لنا في لبنان، كلفنا ثمنا باهظا ولم ننجو منه حتى اليوم.
كان هذا هو الرئيس ترامب الذي غرد في نهاية ولايته السابقة بان سوريا هي “رمل وموت”، وان الخطأ الأكبر الذي يمكن للولايات المتحدة ان ترتكبه هو التدخل في النزاعات القبلية والطائفية في الدولة. اقوال ترامب هامة ليس فقط لانه من العجب ان يكون بالذات ان يكون الرجل الذي يجلس الاف الكيلومترات من هنا تمكن من أن يفهم بشكل افضل منا وجه الامور، بل لان ترامب هو اليوم صاحب القرار نيابة عنا أيضا.
يمكن لإسرائيل أن تلعب لعبة التظاهر، وكأنها دولة مستقلة. لكن القرارات يتخذها ترامب في البيت الأبيض. هكذا اوقفنا من مواصلة الهجوم على ايران، وهكذا اوقفنا من مواصلة الهجوم على سوريا. كم من المياه تدفقت في نهر الأردن منذ اعلن مناحم بيغن باننا لسنا جمهورية موز، تقول آمين بعد كل شيء يقوله الامريكيون. كان هذا عندما وبخه الرئيس ريغان بسبب قصف المفاعل الذري في حزيران 1981. لكنا اصبحنا اليوم جمهورية موز متعلقة تماما بإرادة ونزوات رئيس الولايات المتحدة.
لقد تبنى ترامب الى قلبه احمد الشرع ويرى فيه شريكا وحليفا جديرا. هو مستعد لان يتجاهل الماضي المشكوك فيه للرجل وكذا حقيقة أن رؤياه هي دولة إسلامية، مثل السعودية أو الامارات التي تكون فيها الأقليات غير مرغوب فيها.
الشرع من جهته مستعد لان يتحدث معنا، وفي الحديث معه، وباسناد امريكي، كان يمكن ان نضمن ليس فقط مصالح إسرائيل بل أيضا مصالح أبناء الطائفة الدرزية في سوريا.
لكن بدلا من هذا استخدمت إسرائيل القوة مكان العقل، وعندما يترسب الغبار يتبين أننا لم نغير ميزان القوى ووضع الأمور في هذه الدولة، لكننا فتحنا جبهة وحسابا دمويا زائدا سيجبي منا لاحقا ثمنا باهظا