ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم: مشاكل الشرق الأوسط الاخيرة

إسرائيل اليوم 19/5/2024، ايال زيسر: مشاكل الشرق الأوسط الاخيرة

اكثر من مليون نسمة، معظمهم نساء وأطفال، قتلوا في العقد الأخير في ارجاء الشرق الأوسط. نحو عشرين مليون نزحوا من بيوتهم واصبحوا لاجئين ونحو 50 مليون آخرون يعانون من العوز، الجوع والامراض. كل هذا ليس في غزة بل في سلسلة طويلة من الحروب المضرجة بالدماء التي تواصل العربدة حتى في أيامنا هذه في سوريا، في اليمن، في السودان وفي ليبيا وكذا بين تركيا والاكراد. 

لكن كل هذا لا يبدي فيه العالم المتنور اهتماما. الأمم المتحدة، مثلما هي أيضا المحكمة الدولية في لاهاي، لا تعقد جلسات عاجلة لوقف سفك الدماء وتمتنع بالطبع عن توجيه اصبع اتهام الى المسؤولين عن المعاناة والضائقة. في الجامعات العليا في الولايات المتحدة لم يسمع المتظاهرون الجهلة ابدا عن هذه الأماكن الغريبة. 

في سوريا التي نسيت الان قتل في الحرب المعربدة فيها منذ 15 سنة قرابة 600 الف شخص، أصيب مليونان، و 8 مليون آخرون، نحو ثلث سكان سوريا اصبحوا لاجئين خارج بلادهم. 

احد لم يحرك اصبعا كي يوقف سفك الدماء، حتى عندما استخدم نظام بشار الأسد السلاح الكيميائي والغاز كي يقتل الالاف من أبناء شعبه. مداولات عقيمة في مجلس الامن صدتها الصين وروسيا اللتان تذرفان دموع التماسيح الان على مصير الفلسطينيين في غزة. للحقيقة، روسيا لم تمنع فقط كل قرار ضد بشار الأسد بل شاركت مع ايران ومع حزب الله في حربه الاجرامية ضد أبناء شعبه، مثابة تمرين قبيل اجتياحها لاوكرانيا. 

في اليمن أيضا يقترب عدد القتلى في الحرب الاهلية المعربدة في الدولة الى نحو نصف مليون نسمة. 5 مليون آخرون، نحو ربع سكان الدولة نزحوا من بيوتهم في هذه الحرب التي المسؤولة الأساس عن استمرارها هي ايران التي توفر السلاح لحلفائها الحوثيين الذين لا يكتفون هم واسيادهم الإيرانيون بالخراب الذي جلبوه على اليمن بل يسعون لتوسيع دائرة الدم الى السعودية، دول الخليج الأخرى والان الى إسرائيل أيضا.

في السودان وفي ليبيا أيضا تشتعل النار. في السودان يقترب عدد القتلى في الحرب الاهلية التي نشبت في الدولة قبل نحو سنة، وهي واحدة أخرى من سلسلة طويلة من الحروب التي أحرقت فيها كل شيء الى نحو 50 الفا، و 8 مليون نسمة فروا حتى الان من بيوتهم. اما في ليبيا المدمرة فعدد الضحايا يصل الى عشرات الالاف، الذين ينبغي أن يضاف اليهم نحو مليون لاجيء آخرين. حرب أخرى غابت عن العين هي حرب تركيا ضد الاكراد. نحو 30 مليون كردي يعيشون في وطنهم التاريخي، مجال يقع من ايران، عبر العراق وتركيا وانتهاء بسوريا. لكن بحق الاكراد في دولة خاصة بهم احد في العالم لا يعترف. عشرات السنين قاتل الاكراد ضد أنظمة الظلام التي سادت في العراق ووقفوا أيضا في وجه تركيا التي تدير ضدهم حملة قمع في محاولة لشطب كل مؤشر على هويتهم القومية وتطلعهم لتقرير المصير. نظام اردوغان، الذي ابدى تسامحا تجاه الخلافة التي أقامها داعش في الحدود الجنوبية للدولة بل ولم يشارك في الصراع الأمريكي لتصفيتها، يخوض اليوم حربا مقدسة ضد الاكراد في جنوب تركيا، في العراق وفي شمال سوريا. 

لكن كل هذا لا يهم العالم المتنور، الذي ليست الاخلاق والإنسانية هي التي تقف امام ناظريه. منظمات حقوق الانسان، الاعلام والرأي العام في العالم لا يبدي اهتماما بالمعاناة والضائقة طالما هذه لم تكن فرصة “لضرب اليهود”، شعار ناجع من الماضي لا مثيل له لاثارة الاهتمام وتجنيد الدعم والشعبية.

لا جديد. في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي كان دارجا الادعاء بان النزاع الإسرائيلي – العربي، وضمنا إسرائيل هو مصدر مشاكل العالم وبالتأكيد الشرق الأوسط. لكن في العام 1990 اجتاح صدام حسين الكويت واحتلها، هدد الاستقرار في المنطقة ومصالح الدول الغربية. وفي العقد الذي تلا ذلك احتل مكانه تنظيم القاعدة، الذي لافعاله الإرهابية لم تكن أي صلة بإسرائيل. وهكذا تعلم العالم بالطريقة الصعبة ثمن الهوس الذي طوره تجاه إسرائيل. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى