ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم: محادثات النووي تعرض إسرائيل للخطر

إسرائيل اليوم 29/4/2025، عوديد عيلاممحادثات النووي تعرض إسرائيل للخطر

درج آيات الله خامينئي على القول ان “المفاوضات مع الشيطان ليست ضعفا بل سبيل آخر للنصر”. تعبر هذه الجملة بدقة عن مباديء خوض المفاوضات لدى النظام الإيراني. تنديد المحادثات حتى اقصى حدود الصبر لاستنزاف الخصم وانتزاع التنازلات منه والخروج واليد تكون هي العليا – في الساحة الدبلوماسية وفي ساحة الوعي أيضا.

المثال الفارسي العتيق، “اذا كنت تريد أن تهزم عدوك اغرقه في حديث”، يصبح ذا صلة اكثر من أي وقت مضى على خلفية جولة المحادثات المتجددة بين الولايات المتحدة وايران. فمنذ المرحلة الأولية يخيل أن واشنطن تسارع الى الإعلان عن رغبتها الشديدة في الاتفاق. المطالب السابقة، التفكيك التام لتخصيب اليورانيوم، تفكيك المنظومة الباليستية، وقف الدعم للارهاب ووكلاؤه، وإزالة تهديد الإبادة عن إسرائيل – دحرت الى الزاوية. تحت العناوين الغامضة المتمثلة بـ “التقدم الإيجابي” يلوح استعداد امريكي للعودة الى الاتفاق النووي من العام 2015 الذي انسحب منه ترامب باحتقار.

الوفد الأمريكي برئاسة روبرت ويتكوف لا يعمل انطلاقا من منحى مرتب. ويتكوف عديم التجربة الحقيقية في مجال النووي يعمل بلا قيادة مرتبة وبلا فهم عميق لميزان القوى الإقليمي او تداعيات كل بند في الوثيقة. كل هذه تلعب في صالح الإيرانيين الذين يفهمون بان الحديث يدور عن سائح غربي علق في بازار وملزم بان يشتري بساط من صناعة يدوية. فرصة للمساومة، وهو المجال الذي يتميزون به.

عندما يكون اتخاذ القرارات في الجانب الأمريكي يستند الى الإحساس الداخلي لدى الرئيس وليس بالضرورة الى عمل مدروس أو فتوى امنية معللة، فان من شأن إسرائيل أن تجد نفسها وحدها في المعركة. ترامب، الذي يتمتع بطاعة مطلقة في داخل حزبه، كفيل بان يسعى الى اتفاق جديد – اتفاق يعرض كانجاز لكنه سيتضمن عمليا تنازلات بعيدة الأثر.

توجد غير قليل من الفجوات واختلافات الرأي غير قابلة للجسر ظاهرا، ومن السابق لاوانه التقدير اذا كانت المحادثات ستولد اتفاقا حقا لكن ترامب أثبت منذ الان: لا توجد مسلمة لا يمكن الخروج عنها ولا يوجد قرار لا يمكن التنكر له، اذا كان هذا يدفع قدما بالصفقة التالية. رؤيته ليست بالضرورة سياسية واخلاقية – هي عقارية. ما يتفق عليه اليوم يمكن تحسينه غدا.

 الخطر يتجاوز النووي بكثير

اذا تنازلت الإدارة الامريكية بالفعل عن المباديء الأساسية، فهذا سيكون بالنسبة لإسرائيل تغييرا دراماتيكيا سيئا في الميزان الاستراتيجي – في خمسة مستويات.

مواصلة تطوير النووي: اتفاق هزيل او العودة الى الاتفاق القديم معناه إعطاء شرعية للتقدم التقدريجي لتخصيب 3.2 في المئة لأغراض مدنية. كل المعرفة، البنية التحتية الهندسية، مثلما هو أيضا 270 كيلو غرام يورانيوم مخصب الى مستوى 60 في المئة لدى الإيرانيين ويكفي اسبوعان فقط بالبنية القائمة لاجل تحويلها الى مستوى تخصيب لاربعة رؤوس متفجرة نووية.

تعزيز المحور الراديكالي: صفقة كهذه سترفع العقوبات وتضخ أموال هائلة للنظام الإيراني، ستتجه بشكل شبه فوري الى إعادة بناء ودعم حزب الله، حماس، الجهاد الإسلامي والحوثيين.

انهيار الردع الإسرائيلي: في نحو سنة ونصف من القتال اكتسبت إسرائيل قوة وثقة من الدول العربية المعتدلة. صفقة هينة مع ايران ستضعضع هذا المحور المعتدل، وتضعف التعاون الاستراتيجي مع الدول السنية – التي سترى في إسرائيل لاعبا ضعيفا لا ينجح في التأثير حتى على حليفته الكبرى.

عزلة سياسية محتملة: اذا عملت إسرائيل عسكريا أو سياسيا بدون اسناد امريكي من شأنها أن تجد نفسها منعزلة امام أسرة دولية تقف من خلف “الاتفاق الجيد المتحقق”. قدرة المناورة ستتقلص، واعمال إسرائيلية ستلقى معارضة سياسية علنية.

بقاء النظام الإيراني: الخطر الأكبر في المدى البعيد هو تجديد شرعية نظام آيات الله. كل اتفاق – حتى وان كان سيئا، سيستخدمه خامينئي وخلفاءه كدليل على أن “الثورة محقة” وانه في الإصرار على المباديء يمكن اخضاع الغرب. هذا اكسجين سياسي لنظام يعاني من عزلة داخلية عميقة.

لحظة اختبار لرئيس الوزراء

هذه لحظة اختبار نادرة لرئيس الورزاء نتنياهو، المطالب بان يستخدم كل كفاءاته في التوجيه السياسي. مطلوب تفكر بارد، تخطيط دقيق، استخدام التحالفات، عمل عميق مع أصحاب القرار في واشنطن، واساسا التخلي عن الضجيج بخلفية الاحابيل والتصريحات الكبرى.

السؤال هو هل سينجح رئيس الوزراء في أن يعيد تصميم الاتفاق الجاري نسجه وان يدخل اليه آليات رقابة متشددة وحدود واضحة. الجمهور الإسرائيلي لا يبحث الان عن عدل تاريخي بل عن زعامة لا تنسى ماذا يوجد في كفة الميزان.

في واقع تعرف فيه ايران بالضبط ماذا تريد، لا يمكن لإسرائيل أن تسمح لنفسها الا تعرف ما الذي هي مستعدة لان تضحي به – وباي قدر مسموح لها أن تغامر.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى