ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم: مثلث تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية للعام 2023

إسرائيل اليوم 26-12-2022م، بقلم يوآف ليمور: مثلث تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية للعام 2023

ميول عالمية، إيران والساحة الفلسطينية – هذا هو المثلث الذي يقف في مركز التقدير الاستخباري السنوي لشعبة الاستخبارات العسكرية “أمان”، والذي تبلور في الأسابيع الأخيرة وسيعرض قريبا على القيادة السياسية.

يعرض التقدير السنوي طيفا واسعا من التحديات التي ستواجه إسرائيل في العام 2023، وإلى جانبها الفرص أيضا. فبخلاف الماضي، إيران لا تجتذب إليها أساس الانتباه: قد تكون التحدي الأهم والأكثر تعقيدا لكن شعبة الاستخبارات ترى فيها جزءا من لوحة الفسيفساء الأوسع بكثير، والتي ترتبط قطعها ببعض وتؤثر الواحدة على الأخرى.

حسب تقدير شعبة الاستخبارات في مركز هذا المثلث ستكون الميول الدولية التي تؤثر على إسرائيل وعلى أمنها. فانعدام الاستقرار العالمي الذي ينبع في أساسه من الصراع بين الولايات المتحدة والصين سيستمر بل وسيحتدم.

وتشير شعبة الاستخبارات إلى أن الحرب في أوكرانيا سرعت هذا الميل، وأساسا بتأثيره على أوروبا التي تضعضع أمنها، بلا غاز زهيد الثمن من روسيا وبلا سلاسل توريد من الصين (بسبب العقود التي ألغيت).

“دول فاشلة حولنا”

تشير شعبة الاستخبارات أيضا إلى التغيرات في داخل الولايات المتحدة كموضوع يوجب الاهتمام والتفكير من جانب إسرائيل، كي تحافظ على علاقاتها الخاصة معها. صحيح أنه لا يوجد لهذه التغييرات (الديمغرافية في أساسها ذات التأثير السياسي الواضح) حتى الآن تأثير على العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة – وبالتأكيد ليس في المجال الأمني – الاستخباري – العملياتي الذي يزدهر أكثر من أي وقت مضى – لكنها توجب اهتماما أكثر من أي وقت مضى كي لا تتضرر إسرائيل بها استراتيجيا.

توجد لهذه الميول العالمية أيضا تأثيرات على الشرق الأوسط. فمصر والأردن، مثلا، يعانيان من أزمة اقتصادية وغذائية غير مسبوقة –  نتيجة الحرب في أوكرانيا وارتفاع أسعار الحبوب.

تلقت مصر هذه السنة مساعدة بمقدار 3 مليارات دولار من قطر (وستطلب من قطر مساعدة إضافية) وتعتمد ضمن أمور أخرى على حبوب تشتريها السعودية لها.

في شعبة الاستخبارات يعتقدون أن لهذه الأزمة – التي تضاف إلى تحول لبنان إلى دولة فاشلة – ستكون معانٍ بعيدة الأثر على المنطقة ويتعين على إسرائيل أن تعمل قدر استطاعتها لمساعدة مصر والأردن مثلا في مشاريع تحلية المياه وخدمات شمسية تساعدهما على حل أزمة المياه والطاقة الحادة في الأردن وتقلص الخطر على استقرار النظام فيها.

في المركز الثاني من مثلث التحديات المرتقبة لإسرائيل في السنة القادمة توجد إيران. لا  يدور الحديث فقط عن المجال النووي، الذي هو بطبيعة الأحوال التحدي الأساس بل عن نظرة واسعة إلى إيران كلاعبة توجد “في كل الملاعب”.

مؤخرا مثلا، تلاحظ إسرائيل تدخلا متزايدا لإيران في محاولة لتشجيع أعمال “الإرهاب” في “المناطق”، بهدف تسخين المنطقة. والأمر يوجب من الشاباك أن يزيد تدخله في المسألة الإيرانية، بما في ذلك تشكيل طواقم عمل مشتركة جديدة مع الموساد ومع “أمان”.

ومن المتوقع للتدخل الإيراني أن يتواصل أيضا في الجبهات الأخرى. في غزة إيران هي الممولة الحصرية للجهاد الإسلامي والممولة الرئيس لحماس.

في الساحة الشمالية تقدر أمان بأن إيران تفهم أنها فشلت في مساعيها للتموضع في سورية لكنها ستواصل العمل على تسليح حزب الله – ولا سيما بالسلاح الدقيق، لكن أيضا في تعظيم ميل التسليح لصواريخ جوالة وبمسيرات مسلحة ودقيقة مثل تلك التي بيعت لروسيا في صالح حربها في أوكرانيا.

تقدر أمان أنه في 2023 أيضا سيواصل حزب الله انشغاله في مسائل لبنانية داخلية وسيكون مردوعا من الحرب. ومع ذلك، قد تنشأ بين الطرفين آلية تصعيد كنتيجة لخطوات مختلفة، بل وحتى من أعمال تكتيكية في الميدان. عشية التوقيع على اتفاق المياه الاقتصادية كان احتمال كهذا: فقد استعد حسن نصرالله للتصعيد وإن كان فرح حين وقع الاتفاق.

سيكون للميول الدولية تأثيرات بعيدة المدى في هذا السياق أيضا، لأن التعاون بين روسيا وإيران في الحرب في أوكرانيا قد يؤثر أيضا على الجبهة الشمالية وحتى على الاتفاق النووي.

في هذه الأثناء هذا لا يحصل – معظم الاتفاقات بين موسكو وطهران هي مدينة – اقتصادية، وحتى على المسيرات حرصت روسيا على أن تدفع نقدا كي تحافظ على التزام محدود فقط تجاه طهران – لكن على إسرائيل أن تواصل العمل مع موسكو كي تتأكد من أن يبقى هذا الوضع في المستقبل أيضا. في السياق النووي تقدر أمان بأن إيران ستواصل المسار الحالي للتقدم البطيء، لكن دون أن تحطم الأواني.

هذا سيحصل أيضا في مسار تخصيب اليورانيوم – في ظل مواصلة نقل الأعمال إلى المنشأة المحصنة في فوردو وكذا في مسار مجموعة السلاح والذي تنفذ فيه إيران كل الاستعدادات اللازمة للحظة التي يصدر فيها الزعيم الأعلى الأمر بالعمل على إنتاج سلاح نووي.

في أمان يقدرون أن إيران ستغير السياسة فقط إذا ما اتخذت ضدها خطوات متطرفة، وعندها قد تخصب اليورانيوم إلى مستوى عسكري 90 في المئة.

على إسرائيل أن تستعد لذلك من ناحية طرق عمل سياسية وعسكرية. وكي لا تجد نفسها متفاجئة هنا أيضا، للميول الدولية وأساسا للحرب في أوكرانيا  – توجد آثار بعيدة المدى لسببين أساسيين: الأول، العالم اجتاز في الأشهر الأخيرة “اعتيادا” لخطاب عن سلاح نووي وعن التسلح به. والثاني، أن الدرس الأوكراني هو أنه محظور على الدول أن تتنازل عن السلاح النووي، والدولة التي تحوز مثل هذا السلاح تشعر بأنها لا يمكنها أن تخسر في  الحرب.

الضلع الثالث الذي يشير إليه تقدير أمان للعام 2023 كضلع مهم هو الساحة الفلسطينية.

بخلاف الماضي لا تنظر “أمان” هذه المرة إلى غزة والضفة كساحتين منفصلتين، بل كرزمة واحدة.

اهتمام مركزي هو في اليوم التالي لأبو مازن، وفي الوجهة التي ستتخذها في حينه السلطة الفلسطينية.

حماس في غزة هي لاعب مركزي في هذا الحدث، لأنه منذ حملة حارس الأسوار وهي تحاول أن تعرض نفسها كعنوان سلطوي حقيقي وليس فقط كمنظمة إرهاب.

والأمور صحيحة أيضا بالنسبة لزعيمها، يحيى السنوار، الذي يحرص مؤخرا على أن يبني لنفسه صورة رجل دولة وليس فقط صورة مقاتل.

في أمان يقدرون أنه على هذه الخلفية، بالتداخل مع أسباب أخرى، سيتواصل ميل عدم الاستقرار الأمني للأشهر الأخيرة.

إيران، كما أسلفنا متشجعة لذلك لكن أيضا حماس ومنظمات إرهاب أخرى، وإلى جانب هذا يبدو واضحا تصاعد متجدد لعمليات الأفراد وكذا للشبكات المحلية مثل “عرين الأسود” في نابلس والتي تنال زخما كبيرا أساسا في الشبكات الاجتماعية وبذاتها تتحدى منظمات الإرهاب التقليدية والسلطة الفلسطينية نفسها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى