إسرائيل اليوم: لا حدود للانبطاح
إسرائيل اليوم – ايال زيسر – 14/12/2025 لا حدود للانبطاح
في الأسبوع الماضي ظهر المبعوث الأمريكي الى سوريا، توم باراك، في مؤتمر في الدوحة، قطر، عاصمة الإرهاب، التطرف والكراهية، والى جانب اقوال التملك للطاغية المحلي أمير قطر اختار أيضا التهجم على إسرائيل.
“في الشرق الأوسط لم تكن ابدا ديمقراطية”، شرح باراك لسامعيه، وأضاف موضحا درء للخطأ، بان “لعل إسرائيل يمكنها أن تدعي بانها ديمقراطية”، لكن برأيه، كما يفهم على الأقل من الاقوال، فانها ليست كذلك. واجمل أقواله: “ما ينجح في منطقتنا هي الملكية التي يعجب فيها الرعايا بحاكمهم”. الجهل والغباء اللذان ينطويان على هذا القول، وكذا انعدام المعرفة المطلق لمنطقتنا، ليسا أمرا جديدا لدى الأمريكيين. صحيح أن اردوغان هو دكتاتور ولكنه ليس ملكا، وكذا أيضا الزعيم الأعلى لإيران علي خامينئي وحاكم مصر الجنرال السيسي. عمليا، باستثناء المجتمعات القبلية، مثل السعودية أو الأردن، فانه في معظم الشرق الأوسط يحكم بالذات دكتاتوريون طغاة وليس ملوكا محبوبين. لكن ما هو خطير ومقلق في اقوال توم باراك الذي يشغل أيضا منصب سفير الولايات المتحدة الى تركيا ومعروف بقربه من الرئيس ترامب هو خفة الرأي التي يخرج فيها من فمه قول بهذا القطاع وتجدر الإشارة الى انه مهين أيضا – بان إسرائيل هي بالاجمال دولة شرق أوسطية أخرى، ورغم ادعاءاتها فانها ليست ديمقراطية حقا.
إسرائيل مرت، بشكل غير مفاجيء، مرور الكرام على هذا القول، إذ اننا من اسيادنا الأمريكيين نقبل اليوم كل أمر باذعان وخنوع. لكن باستثناء الحقيقة هذا قول مقلق. ليس فقط لانه يعكس جهلا، وكذا ليس بسبب أنه يدل على أن في واشنطن لم يعودوا “يأبهون بنا”. الامر المقلق فيه هو أنه يعبر عن إدارة الظهر من جانب كثيرين في الولايات المتحدة لفرضية أنه في أساس العلاقات الخاصة التي بين إسرائيل والولايات المتحدة توجد قيم مشتركة، وعلى رأسها الالتزام بالديمقراطية، التحرر والحرية، وحتى الكتب المقدسة.
فلئن لم تكن إسرائيل ديمقراطية حقا، مثلما ادعى المبعوث الأمريكي، فان العلاقات معها هي مسألة مصالح. ومصالح هامة ربما اكثر كما هو معروف للامريكيين في السعودية، في تركيا وفي قطر أيضا، مثلما تعلمنا في السنة الأخيرة.
ان استعداد إسرائيل لاحتمال خبطات كهذه ممن يفترض أن يكونوا اصدقاءها ليس مقبولا على العقل. فلا يدور الحديث فقط عن مسألة كرامة وطنية، التي لها أهمية كما هو معروف، ولا عن تداعيات هذه الاقوال على الشكل الذي ينظرون الينا به في المنطقة. إذ أن بعضا من الردع الإسرائيلي يكمن في القدرة على التصرف كدولة سيادية تبث قوة وتحظى بدعم من الولايات المتحدة.
المشكلة هي أن أمرا يؤدي الى أمر والموضوع لا ينتهي باهانات علنية ومس بالكرامة الوطنية بل في نهاية المطاف نصل أيضا الى مس بمصالحنا الأمنية الحيوية التي في كل ما يتعلق بها أصبحنا مداسا.
على مدى السنين قلنا اننا لن نقبل الاملاءات وسنرفض كل اتفاق يريدون أن يفرضوه علينا. طالبنا بدلا من هذا خوض مفاوضات مباشرة مع اعدائنا العرب كسبيل وحيد لتحقيق سلام معهم. إذن قلنا! عمليا، فرض عليها الرئيس ترامب اتفاق وقف النار في غازة والذي تحددت احد أهدافه إقامة دولة فلسطينية.
على مدى سنين أيضا قلنا اننا سنرفض نشر قوات دولية في منطقتنا. إذن قلنا. عمليا، ستصل الينا قريبا قوة كهذه، وفيها على ما يبدو أيضا جنود أتراك. واضح ان هؤلاء لن يأتوا كي ينزعوا سلاح حماس بل كي يساعدوها على الصمود والحفاظ على مكانتها في القطاع.
على إسرائيل ان تتجه نحو هجوم في كل الجبهات. عليها ان تستعيد لنفسها حتى ولو بعضا من حرية العمل التي كانت تتمتع بها في الماضي، قبل ان تصبح منفذة لارادة الولايات المتحدة، وعليها أن تقاتل بحزم موجة نزع الشرعية التي تتسلل أيضا الى أروقة إدارة ترامب. وكل هذا يبدأ بالحفاظ على كرامتنا أيضا وبخاصة حيال الولايات المتحدة ترامب. فبعد كل شيء، في عصرنا القول هو من يبقى ويحظى أيضا بالتقدير والاحترام، ومن يبدي ضعفا – فمصيره ان يفترس ممن هم اقوى منه.



