ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم: لا توجد استراتيجية، الجولة القادمة ستأتي قريبا

إسرائيل اليوم 15-5-2023، بقلم الجنرال احتياط تامير هايمان: لا توجد استراتيجية، الجولة القادمة ستأتي قريبا

حملة “درع ورمح” هي نجاح مبهر من ناحية عسكرية – تكتيكية؛ فـ “الجهاد الإسلامي” تضرر بشدة وتم تصفية قياداته العسكرية وأصيبت مخزون دخيره، وإسرائيل لم تدفع أي ثمن سياسي مقابل وقف النار. بدأت الحملة بضربة دقيقة وبإحباط مركز ثلاثي، في ظل قرار بعدم العمل بشكل فوري حين يكون الدم يغلي، بل بشكل أكثر إيلاماً لاحقاً، تبعاً لمعلومات استخبارية دقيقة. وهي مبهرة أكثر من ناحية استخبارية وعملياتية من حيث القدرة على ضرب ثلاثة مسؤولين آخرين لـ”الجهاد” في ظل المعركة رغم حذر قادته.

 بلا أدنى شك، هي مهنية مبهرة للجيش الإسرائيلي، ولـ”الشاباك” و”أمان”. إضافة إلى ذلك، عرضت إسرائيل صموداً أيضاً من ناحية دفاعية، كما عرضت الجبهة الإسرائيلية الداخلية وحدة صف مبهرة في أثناء أيام المعركة. ولا شك أنه كان نجاحاً عسكرياً أمام الأهداف الضيقة جدا التي حددها جهاز الأمن. النار توقفت، والهدوء عاد مؤقتاً. صورة “الجهاد الإسلامي” بين عموم منظمات المقاومة وإن ارتفعت، مثلما يرتفع سهم كل من يعمل ضد إسرائيل، ورغم نجاحه في تشويش حياة الإسرائيليين، لكن هذه “الإنجازات” متوازنة مقابل الضربات التي تلقاها.

ومع ذلك، لا ينبغي الوقوع في الأوهام. دولة إسرائيل تتصرف منذ سنوات طويلة بدون استراتيجية ورؤية واضحتين في كل ما يتعلق بالساحة الفلسطينية، خصوصاً في ضوء التحديات المعروفة التي تنتظر في الأفق. ويجب إعلام الجمهور بأن الجولة المحدودة التي انتهت لتوها ليست الأخيرة. مشكلة غزة لم تحل، حماس تواصل التعاظم، وقد نضطر معها للمواجهة لاحقاً، لأن الهدوء الذي تحقق سيبقى مؤقتاً. تصدت إسرائيل في هذه الحملة للتنظيم الإرهابي الأضعف بين جبهة المقاومة، وحماس لم تتضرر من الجلوس على الجدار، بل إن قوتها تعززت بفضل ذلك. وكل هذه العمليات لم تغير شيئاً.

إسرائيل تعمل بدون خطة عليا للساحة الفلسطينية حين تمتنع عن اتخاذ قرار يوضح وجهتها. وليس أمامها إلا إمكانية واحدة، وهي أن تقرر بأن إرادتها هو الانفصال عن السلطة الفلسطينية. في هذه الحالة، تعدّ السلطة الفلسطينية و”فتح”، رغم مساوئهما الكثيرة، أفضل بعشرات المرات من حماس (منظمة لا احتمال معها لمسيرة سياسية). بالمقابل، ثمة إمكانية أخرى، ويخيل أحياناً أن أصحاب القرار في إسرائيل أقرب إليها، وهي: اقعد ولا تفعل شيئاً. في هذه الحالة يدور الحديث عن ترقب لتفكك تام للسلطة الفلسطينية (التي ظهر ضعفها في الحملة الحالية لانعدام صلتها بالأمر) والاعتراف بحكم الأمر الواقع بحماس كصاحبة السيادة في غزة. إن الأخذ بالخيار الثاني يجر معه إحساساً مريراً لأجزاء واسعة في الجمهور الإسرائيلي بعد كل جولة في القطاع، إذا كانت حماس شريكاً فضررها محدود ورغبة حفظها كعنوان واضحة.

إن القرار بعدم إدخال حماس إلى جولة القتال الأخيرة كان سليماً سواء على المستوى التكتيكي أم الاستراتيجي؛ أما على المستوى التكتيكي فقد حققت إسرائيل ضربة البدء ضد “الجهاد الإسلامي” وهكذا حققت هدفها. أما إدخال حماس إلى المعركة فكان سيطيلها عبثاً وبدون الفائدة. أما المستوى الاستراتيجي، فإنه إذا كانت رغبة إسرائيل في تغيير الوضع في الساحة الفلسطينية من أساسه، فيجب التخطيط لحملة أخرى مع غاية لإلحاق الخزي، وعدم توسيع حملة محدودة في إطار المعركة بسبب الانجرار وراء إنجازات أو إخفاقات تكتيكية. ومن شأن هذا أن يؤدي إلى دوامة خطيرة ستخرج عن السيطرة.

من المتوقع للتوتر أن يرافقنا أيضاً في الأيام القريبة القادمة وبقوة أكبر يوم الخميس، “يوم القدس”. وثمة أنباء طيبة، وهي أن الحملة نفست طاقة في الطرف الآخر، ولا يبدو أن هناك نية بدمار إضافي وبتصفيات مركزة أخرى. من جهة أخرى، يدخل “يوم القدس” إلى الساحة أحد المفجرات الخطيرة في الشرق الأوسط – الرواية الفلسطينية الدينية، والقدس، والحرم وخيار توحيد الساحات برعايته. مسؤولية أصحاب القرار في إسرائيل هي التصرف بعقل وحساسية زائدة حول هذا اليوم. يجب منع الاستفزازات في الأماكن المطروحة، والامتناع قد الإمكان عن صور إشكالية تخرج من الحرم، وتعزيز القوة الشرطية وتنسيق الأحداث مع الأوقاف الأردنية. ليس لأنه لا يمكننا التصدي لتصعيد متجدد ولأحداث متعددة الساحات، بل لأنه لا مصلحة لنا في ذلك. والأهم أن على إسرائيل تبنى المبادرة والفاعلية من المستوى العسكري – التكتيكي إلى المستوى السياسية – الاستراتيجي، وإملاء مصيرها بنفسها، بقوة وبثقة بالنفس وليس انطلاقاً من المراوحة في المكان والانجرار وراء أحداث تقع بالصدفة.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى