ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم: فرصة لحلٍّ حقيقي يمنع الجولات التالية في غزة

إسرائيل اليوم 2023-05-20، بقلم: يوآف ليمور: فرصة لحلٍّ حقيقي يمنع الجولات التالية في غزة

في وتيرة الحياة الإسرائيلية يبدو هذا حدثاً حصل هنا منذ زمن بعيد، لكن قبل أسبوع فقط كنا غارقين في قتال بغزة – نهاجم ونصفي، نعترض الصواريخ، ونتعرض لها، وننتظر نهاية جولة أخرى في المعركة التي لا تنتهي في الجنوب.

هذا أيضاً هو السطر الأخير: بخلاف مسيرات النصر، هذا الأسبوع، في الكنيست لم يبدأ أي شيء في حملة “درع ورمح” ولم ينتهِ أي شيء فيها. كانت هذه حملة صغيرة ومحدودة، تجاه عدو صغير ومحدود، حقق فيها الجيش و”الشاباك” سلسلة من الإنجازات التكتيكية الجميلة التي أهميتها الإستراتيجية هامشية جداً. صحيح أن محافل الأمن أوفت بالأهداف المركزية الثلاثة التي وضعت لها: ضربة شديدة لقيادة “الجهاد الإسلامي” العملياتية، وإبقاء “حماس” خارج المعركة، والامتناع عن فتح معركة متعددة الجبهات، لكن كما هو الحال دوماً، يتبقى التساؤل: أي ردع تحقق فيه؟ وكم من الوقت؟

لا نوصي سكان الغلاف أن يحبسوا أنفاسهم. فالبندول المعروف لحياتهم سيّرهم نحو خمسة أيام إلى المجالات الأمنية وأخرجهم من هناك بالسهولة ذاتها. من المعقول أن يكونوا مطالبين بأن يعودوا إلى هناك في موعد ما في المستقبل القريب برعاية “الجهاد الإسلامي” أو تنظيم مارق آخر، سيجد الذريعة لإطلاق صاروخ أو قذيفة هاون إلى النقب الغربي. السؤال كيف لا نصل إلى هناك أبقته إسرائيل، كما في الماضي، موضوعاً نظرياً؛ هذا الأسبوع أيضاً ثبت أنه لا مصلحة حقيقية لها لتبحث عن حل جذري لمشكلة غزة، والأسوأ من ذلك أنها في أفعالها تواصل تعزيز عدوها الأساس، “حماس”، وإضعاف شريكها، السلطة الفلسطينية.

“الأكامول” لن يجدي نفعاً هنا

على مدى سنوات أصرت إسرائيل على أن تطالب صاحب السيادة بأن يحقق سيادته على الأرض، وأن يعمل بفاعلية كي لا تنفذ من أراضيه أعمال “إرهاب” ضدها. كان هذا صحيحاً في غزة عندما كان كل إطلاق للنار، بالصواريخ أو بالبالونات، يستجاب له بهجوم على أهداف لـ”حماس”، وكان هذا صحيحاً حتى في الأيام الأقسى للحرب الأهلية في سورية، عندما كان حكم الأسد يسيطر بصعوبة في دمشق ولا يعرف يمينه من يساره حول ما يحصل في هضبة الجولان، عندما أصرت إسرائيل على أن الجيش السوري مسؤول عن كل أراضي الدولة، وسيدفع الثمن إذا لم يقم بمسؤوليته.

لهذه السياسة ميزة واضحة: فهي لا تسمح لصاحب السيادة أن يفلت من المسؤولية، وهي تضع له شارة ثمن على ما ينفذ من أراضيه. كما توجد لها أيضاً نقيصة واحدة واضحة: كل “مخرب” صغير أو تنظيم وهمي يمكن له أن يؤدي إلى اشتعال كبير. من هذه المساحة عملت إسرائيل على مدى السنين، بنجاح لا بأس به، لكنها في السنوات الأخيرة قررت التراجع عنها عملياً. غزة ليست هي الدليل الوحيد على ذلك، مع حملة ثالثة في ثلاث سنوات ونصف السنة كانت موجهة مباشرة ضد “الجهاد الإسلامي”، كما أن “حزب الله” لم يدفع ثمناً على إطلاق عشرات الصواريخ من أراضي لبنان إلى الجليل في الفصح الماضي. فقد سارعت إسرائيل في حينه لإعفائه من المسؤولية واتهام “حماس”، ووزعت رد فعلها بين غزة ودمشق.

بقيت بيروت في حينه محصنة، خارج المعادلة. توجد لإسرائيل غير قليل من الأسباب للامتناع عن ضربها – الأساسي بينها هو ألا تنجر إلى معركة أليمة مع “حزب الله”، ستبدو “درع ورمح” أمامها نزهة هادئة، لكن يوجد لهذا أيضاً جانب آخر: فهم “حزب الله” بأن إسرائيل مستعدة لأن تتجاوز مسألة أنه بعث بـ”مخرب” لعملية في مجدو. سلسلة اللقاءات المغطاة إعلامياً التي أجراها الإيرانيون ونصر الله في بيروت مع زياد النخالة من “الجهاد الإسلامي” وصالح العاروري من “حماس”، سعت لتبث وحدة محور المقاومة الإيراني، لكن أيضاً أشار إلى مكانة “حزب الله”، الذي أصبح الأخ الأكبر في هذا المحور.

رغم الهذر والصور من بيروت، لم يسارع المحور ليدافع عن “الجهاد الإسلامي”. باستثناء الإيرانيين، الذين سيسرهم أن يروا إسرائيل نازفة في كل زمان ومكان، فإن “الجهاد” وجدت الأسباب لتجلس على الجدار. صحيح أن النخالة حاول حثهم وشد القتال لبضعة أيام زائدة إلى أن وافق على وقف النار، لكنه وجد نفسه مرة أخرى وحده. من المشكوك فيه أن يردعه هذا عن جولة أخرى، كسابقتها قد ترتبط مرة أخرى بما يجري في الضفة.

بدأ الطريق إلى “درع ورمح”، لمن نسي، قبل بضعة أسابيع من ذلك. في إطلاق الصواريخ رداً على قتل نشطاء “الجهاد الإسلامي” في الحملات بالضفة. وقد بلغ هذا ذروته بإطلاق 102 صاروخ إلى “سديروت” في وضح النهار بعد موت المضرب عن الطعام خضر عدنان. سعت إسرائيل لتقطع هذه العلاقة وحالياً نجحت أيضاً في ذلك. “مسيرة الإعلام” في يوم القدس كانت هذه السنة هادئة جداً أكثر مما كانت في السنوات السابقة، حين كانت “حماس” – المحرك الأساس خلف الجهود لإشعال العاصمة مع الشعار الكاذب “الأقصى في خطر” – غير متحمسة لتجر غزة مرة أخرى إلى القتال.

كانت لـ”حماس” أسباب أخرى لعدم الانضمام إلى القتال. ففضلاً عن حقيقة أنها تمتعت برؤية “الجهاد الإسلامي” يتعرض للضرب ويضعف (ونتيجة لذلك يقل تهديده الداخلي عليها) فقد كانت منشغلة بجهدين أساسيَّين من ناحيتها كان القتال يشوشهما: الأول هو جهد تعاظم القوة، أي الوصول إلى الجولة التالية وهي أقوى وأكثر جاهزية، والثاني هو الجهد لتحسين مستوى المعيشة في غزة، ضمن أمور أخرى من خلال خروج العمال إلى إسرائيل، وتنفيذ مشاريع، وإبقاء معابر البضائع إلى غزة مفتوحة باستمرار لأجل إنعاش اقتصاده.

تعاونت إسرائيل مع كل هذه الجهود انطلاقاً من رغبة موازية لإبعاد المعركة مع التنظيم الأكبر والأقوى في القطاع. لكن أفعالها في هذا السياق تكتيكية فقط، أكامول لمرض خبيث. عليها أن تقرر بشجاعة ما الذي تريده من غزة: التوصل إلى تسويات طويلة المدى تبعد الحرب – مشاريع كجزرة مقابل العصا الحقيقية دون الخوف من جباية ثمن – أم المواصلة في الصيغة الحالية لجولة قتالية كل بضعة أشهر، تبقي ردعاً لحظياً ليس إلا. صحيح حتى هذا الوقت أن الجواب الثاني هو الصحيح، لكن الفاتورة سترفع قريباً لدى سكان الجنوب.

وحدة لحظية

دحر القتال في غزة جانباً للحظة الاحتجاجات حول التشريع القضائي. في الجيش الإسرائيلي تباهوا بأن كل رجال الاحتياط، وعلى رأسهم الطيارون، امتثلوا على الفور بلا “إذا ما” وبلا “لكن” وفي ذلك دليل على أنه عندما يكون أمن الدولة على جدول الأعمال نكون كلنا متحدين. هذا صحيح، مع ثلاث نجوم: الأولى، أنه سيكون مريحاً لنا جميعاً أن نضع للحظة الصدوع جانباً، والاتحاد، لكن هذه الوحدة لم تغير شيئاً حقاً. الثانية هي أن التشريع مجمد في هذه اللحظة وإذا ما استؤنف فكل شيء سيعود ليعصف، بحجوم كبيرة كما من الماضي. والثالثة هي أنه يوجد على جدول الأعمال الآن بضعة أمور يوجد فيها احتمال لا بأس به للعودة لهز القارب.

“قانون التجنيد” الذي يعفي طلاب الدين من الخدمة هو البارز بين ما هو مطروح على جدول الأعمال، لكنه ليس الوحيد. فالاحتجاج يشعله الآن خليط السلب للصندوق العام من قبل الحريديين وغلاء المعيشة منفلت العقال، وهي أمور ذات إمكانية كامنة لتخرج إلى الشوارع ليس فقط المعسكر الذي يعارض الحكومة (إلى جانب الأمن الشخصي الذي يهتز باستمرار وليس فقط في الوسط العربي).

يضمن كل هذا لنا صيفاً حاراً كفيلاً بأن يضع في الظل صيف 2011 للاحتجاج الاجتماعي. كما هو الحال دوماً ستكون لهذا آثار مباشرة ليس فقط على المجتمع بل أيضاً على الاقتصاد والأمن؛ أعداء إسرائيل وإن كانوا رأوا قدراتها الاستخبارية والعملياتية في “درع ورمح” لكنهم يرون ويسمعون أيضاً الأصوات في الكنيست وفي الشوارع، ومن شأنهم أن يغريهم هذا ليعملوا قريباً أيضاً.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى