ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم: على إسرائيل أن تظل محايدة تجاه المرشحين الجمهوريين للرئاسة

إسرائيل اليوم 15-11-2022، بقلم زلمان شوفال: على إسرائيل أن تظل محايدة تجاه المرشحين الجمهوريين للرئاسة

“المحتم لا يحصل أبداً، أما المتوقع فدوماً”، قال الاقتصادي البريطاني جون ماينرد كينز فأصاب الانتخابات النصفية الأخيرة في أمريكا. فمن “الموجة الحمراء” التي كان يفترض أن تغمر كل الساحات، سواء الكونغرس أم مناصب الحكام أم العدد الكبير من المناصب الأخرى، لم يتبقَ إلا القليل. المضمون للجمهوريين الآن أغلبية صغيرة في مجلس النواب مقابل فشل ذريع في مجلس الشيوخ. الخلاصة، أن الوضع الذي يلوح في الأفق الآن هو التوقف وربما الشلل في إجازة مخططات الإدارة في الساحة الداخلية، وطريق متعثر بالنسبة للقرارات الحاسمة في مجلس الشيوخ. كما أن التجربة تبين أن ليس كل الشيوخ، من الحزبين، يسيرون في التلم. ولكن لا توجد يد موجهة أو مقررة للجمهوريين.

هل تعدّ نتائج الانتخابات جيدة أم سيئة لإسرائيل؟ لا مجال لتوقع تغييرات كبيرة إلى هنا أو هناك. وربما من مصلحة إسرائيل ذلك الوضع غير المستقر الذي نشأ في الكونغرس. من هذه الناحية، كان مهماً لرئيس الوزراء التالي نتنياهو أن يحافظ على علاقات طيبة أيضاً مع قيادة الحزب الديمقراطي في الكونغرس. وسيكون من المهم أن نرى ما إذا كانت نسبة التقدميين اليساريين المتطرفين والمناهضين لإسرائيل في معظمهم في الكتلة الديمقراطية المتناقصة في الكونغرس قلت أم كبرت، الأمر الذي سيكون له تأثيرات أيضاً في قدرتهم على التأثير في سياسة الإدارة. صحيح أن كان لـ”آيباك”، اللوبي المؤيد لإسرائيل، نجاحات عديدة في هذه الانتخابات وبأن نحو 95 في المئة من المرشحين، ديمقراطيين وجمهوريين ممن أيدهم اللوبي قد فازوا بالنصر، لكن “جي ستريت” أيضاً اللوبي اليساري الذي عارض معظم مواقف إسرائيل حتى في عهد حكومة التغيير، سجل نجاحات كذلك.

سنشهد في الأسابيع القادمة نزاعات ومشادات في الحزب الجمهوري. ومعظم سهام النقد، سواء الموضوعية أم ذات المصالح السياسية، ستوجه إلى الرئيس السابق ترامب، الذي تحكم بيد عليا في تحديد المرشحين وفي عرض حملة الانتخابات كاستفتاء شعبي بينه وبين الرئيس بايدن. إذا كانت هذه نيته، فقد فشل. حتى وقت اخير مضى كان بايدن يعد ميتاً يسير على قدميه، لكنه انبعث فجأة. يتبين أن ليس الجنرالات وحدهم من يحتاجون إلى الحظ، مثلما قال نابليون، بل والسياسيون أيضاً، وبالفعل لعب الحظ بغير ما كان متوقعاً في صالح بايدن والديمقراطيين: فالتضخم المالي توقف قليلاً، والاقتصاد بعمومه أبدى مؤشرات انتعاش، وتأثير قرار المحكمة العليا في موضوع الإجهاض ضرب أمواجاً سلبية ليس فقط في أوساط المصوتين الديمقراطيين بل وأيضاً لدى المستقلين، بل ولدى المؤيدين التقليديين للجمهوريين.

صحيح أن هذا ليس مضموناً إلى الأبد وكل هذه المؤشرات الإيجابية من ناحية الديمقراطيين قد تتغير حتى الانتخابات للرئاسة، فضلاً عن أن مسألة عمر بايدن المتقدم، الذي سيبلغ 80 سنة مع حلول 2024، تبقى في مكانها، ولكن انعدام اليقين أكبر في الجانب الجمهوري. معظم الخبراء السياسيين من على جانبي المتراس يعلقون عدم استنفاد الإمكانات الانتخابية للجمهوريين في الطابع الإشكالي، بل وأحياناً الهاذي لقسم كبير من المرشحين الذين رغب ترامب في نجاحهم. إلى جانب الإخفاقات العظيمة، كان للجمهوريين بضعة نجاحات مهمة، المعها حاكم فلوريدا رون دي ساندس، الذي هزم خصمه الديمقراطي بفارق غير مسبوق بمعدل 20 في المئة، وهكذا بدأ رحلته إلى قمة حزبه وربما إلى البيت الأبيض. كما أن مرشحين جمهوريين آخرين في فلوريدا مثل السناتور ماركو روفيو، سارعوا إلى الانتصار وجعلوا ولايتهم التي كانوا فيها في الماضي تعادلاً للقوى بين الحزبين إلى حصن شبه حصري للجمهوريين.

واضح أنه لم يحسم أي شيء نهائياً بعد، ولكن قد تشير نتائج الانتخابات النصفية إلى ابتعاد ترامب نهائياً عن دائرة المنتصرين في السياسة الأمريكية، فيما أن معظم العينات في ليل الانتخابات أظهرت أن لمعظم الأمريكيين رأياً غير إيجابي عن ترامب. صحيح أنه ليس شخصاً يستسلم بسهولة وعرف كيف يندفع إلى الأمام، لكن في ضوء صورة الوضع الحالي، يبدو أن نيته إعلان ترشيحه للرئاسة مغلوطة أو سابقة لأوانها على الأقل.

ترامب ودي ساندس ليسا المرشحين الوحيدين، وستضاف إليهما أسماء أخرى معروفة إلى هذا الحد أو ذاك، ولكن يبدو أنهما الرائدان. في مقالي السابق كتبت في هذه الصفحة “إذا كان المرشحان هما بايدن وترامب فمن السابق لأوانه أن نقرر أيهما الأفضل لإسرائيل”، أما اليوم فينبغي أن يقال هذا بقوة أكبر. لترامب حقوق هائلة من ناحية إسرائيل، وعلى رأسها مساعدة رئيس الوزراء نتنياهو في التغيير التاريخي في منطقتنا والذي أدى إلى اتفاقات إبراهيم وكذا في موضوع نقل السفارة إلى القدس. ولكن في ضوء الوضع المتشكل الآن، يبدو أن الحيادية الإيجابية من جانبنا تجاه المرشحين المختلفين هي الطريق الذي نوصي به أكثر من أي وقت مضى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى