ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم: عرب اسرائيل حاضرون غائبون في المعارضة

إسرائيل اليوم 5-2-2023، بقلم أيال زيسر: عرب اسرائيل حاضرون غائبون في المعارضة

في المظاهرات الجارية في الأسابيع الأخيرة ضد إجراءات الحكومة الجديدة، يغيب عرب إسرائيل، الذين يفترض ظاهراً، كما يدعي معارضو الحكومة، أن يكونوا متضررين أكثر من الآخرين بهذه الإجراءات.

تصريحات الناطقين بلسان الحكومة وكبار مسؤوليها بشأن إعادة الحوكمة لمدن إسرائيل، من النقب إلى الجليل، وكذا وعود اتخاذ قبضة شديدة ضد المؤيدين والمتضامنين مع الكفاح الفلسطيني ضد إسرائيل، هي تصريحات من شأنها أن تؤدي إلى توتر بل ومواجهة بين الحكومة والمواطنين العرب. حالياً، لم تتحقق نبوءات الغضب؛ فالشارع العربي يرفض التأثر بإجراءات وخطط الحكومة، وعلى أي حال لا يشارك في الاحتجاج ضدها.

قد يعود الهدوء إلى أن شيئاً لم يتغير في هذه الأثناء. فالوعود الانتخابية لم تتحقق على الأرض بعد. وحكومات اليمين بالذات على أجيالها وبخاصة في العقد الأخير، هي التي دفعت قدماً بمخططات كثيرة التمويل التي تستهدف تحسين وضع العرب في إسرائيل. قد يكون قيام حكومة يمينية في إسرائيل عنصراً رادعاً ومهدئاً بخلاف تقديرات تبين أن هذه الحكومة ستشعل الخواطر وتثيرها. في كل حال، الواضح أن في الشارع العربي القليل جداً من العنف على معسكري اليسار والوسط في إسرائيل، وكذا لمحكمة العدل العليا، بالمناسبة.

لكن في عدم الاكتراث وعدم المبالاة التي يبثها المواطنون العرب إزاء الجدال الجاري داخل المجتمع الإسرائيلي، هناك شيء ما عميق ومقلق، يكمن في ميل إلى الاغتراب وفك ارتباط اختياري عن الدولة ومؤسساتها، الأمر الذي يجد تعابيره مثلاً في انخفاض معدل المشاركة في الانتخابات للكنيست.

إن الاغتراب عن الدولة وإحساس عدم الانتماء يؤديان بعرب كثيرين وبالتأكيد بالقيادة العربية إلى الادعاء بأن لا فرق حقيقياً بين حكومة بينيت لبيد، وحكومة نتنياهو – سموتريتش – بن غفير، فكلتاهما صهيونيتان ملتزمتان بحلم إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية.

اصطلاح “حاضرون غائبون” يصف واقعاً قانونياً، ولكن أيضاً اجتماعياً وسياسياً للعهود ما بعد قيام الدولة، والتي فقد فيها العرب الذين سكنوا في نطاق إسرائيل أملاكهم عقب حرب الاستقلال. منذئذ، كان يخيل أن السكان العرب ينخرطون في حياة الدولة والمجتمع، بل ويربطون أنفسهم بالدولة وبمؤسساتها. لكن العرب الآن يتراجعون إلى الوراء، وهذه المرة بمبادرتهم وبقيادة زعمائهم إلى واقع متجدد من “الحاضرين الغائبين”.

السكان العرب حاضرون لأنهم يسكنون في الدولة ويحملون هويات زرقاء، بل وينخرطون في نسيج الحياة وفي سوق العمل. وفي الوقت نفسه، يختار كثير من مواطني إسرائيل العرب، بقيادة زعمائهم، مكانة الغائبين طوعاً، عديمي إحساس التضامن والانتماء، وكأنها ليست دولتهم، وكأن حكومة إسرائيل – سواء حكومة بينيت لبيد أم حكومة نتنياهو – هي حكومة أجنبية. هذا ميل غير صحي للسكان العرب، لأنه يحرمهم من قدرة التأثير والتغيير والتقدم في مكانتهم.

إضافة إلى ذلك، يوجد فيه ما يصم ويجعل الكفاح المدني المشروع والعادل من أجل المساواة والحقوق، كفاحاً معيباً وخطيراً، ذا طابع قومي وديني، ضد الدولة.

رغم كل شيء، فإن قصة اندماج العرب في الدولة هي قصة نجاح. في كل صباح ينهض ملايين المواطنين العرب إلى العمل وليس إلى الاحتجاج أو الكفاح، وينخرطون بشكل مبهر في نسيج الحياة الإسرائيلية.

في الحكومة السابقة كان منصور عباس عضو شرف، ويبدو أنه كان مستعداً للانضمام إلى الحكومة الحالية. هذا الأمر لم يحصل، ولن يحصل أيضاً، للأسباب غير الصحيحة – اعتبارات سياسية ضيقة ورغبة في إرضاء الهوامش والأطراف. لكن لا حاجة لزعماء لا يمثلون دوماً مصالح ناخبيهم للوصول إلى الجمهور العربي الغفير. فتعميق إحساس الالتزام والتضامن مع الدولة وكذا تعزيز حضور الدولة ومؤسساتها في الوسط العربي، في ظل الكفاح العنيد ضد ميول فك الارتباط عن الدولة والاغتراب عنها، هي أهداف قابلة للتحقق وتقف على عتبة الحكومة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى