إسرائيل اليوم: حرب لا مفر .. طريق بلا مخرج

إسرائيل اليوم – تسفيكا حايموفيتش* – 4/8/2025 حرب لا مفر – طريق بلا مخرج
منذ ذاك الصباح الأسود لـ 7 أكتوبر مر 22 شهرا من القتال. من ذاك القصور الرهيب لحرب متعددة الجبهات، وعلى الطريق مواجهة مباشرة مع حزب الله. وقبيل تغيير الواقع في الساحة الشمالية – حرب شديدة في ثلاث جولات حيال ايران، آخرها كانت هي الأشد ولعلها أحدثت تغييرا ذا مغزى في فورية التهديد النووي على إسرائيل. في قطاع غزة الحرب استمرت واستمرت مع كثير من الشعارات والتهديدات، وفي هذه الاثناء بلا نصر (مع اننا قبل سنة ونيف كنا على مسافة نحو “خطوة” عنه)، و “بوابات الجحيم” لم تفتح على حماس (رغم أنه منذ شهر اذار يكرر وزير الدفاع التهديد إياه تقريبا في كل اسبوعين).
منذ بداية الحرب في قطاع غزة وإسرائيل تمتنع عن اتخاذ القرارات وتنجر وراء مبادرات خارجية، وبين الحين والآخر تطلق الى الهواء أفكار محلية معظمها عديمة الجدوى وذات احتمالات محدودة واساسا لا تقدمنا الى الامام في تحقيق اهداف الحرب. في سياق الحرب بدأنا “نقدس” المحاور: بداية كان هذ محور فيلادلفيا الذي سمي (من قبل رئيس الوزراء) “محور الشر” و “تهديد وجودي” على إسرائيل. وقد استبدل بمحور موراغ، ولفترة زمنية قصيرة تسلل الى وعينا محور ماغين عوز (محور يقسم خانيونس). كل واحد من المحاور بدوره كف عن ان يكون ما وصف به وشكل نقاط انسحاب في مفاوضات لم تتقدم الى أي مكان.
والاسوأ من ذلك هو أن قرارات الحكومة تقدس تلك الأفكار التي لا تستند الى سياسة، الى استراتيجية او الى خطة مع منطق مرتب، وفي النهاية الواقع يؤدي الى نتيجة معاكسة بالتأكيد.
في اذار الماضي تبلورت فكرة ترجمت الى تعليمات عسكرية. حظر ادخل مساعدات إنسانية الى القطاع. وزير المالية بتسلئيل سموتريتش شدد حتى على أنه “لن تدخل ولا حتى حبة ارز الى قطاع غزة. لم تمر أربعة اشهر واذا بوقف المساعدات الإنسانية يتحول الى “اغراق” انساني، حين يدعو رئيس الوزراء كل دولة لان تكون شريكا لحملات التموين في الجو وفي البر. وهكذا فقدت إسرائيل احدى الروافع الهامة حيال حماس.
مثال آخر ومقلق بقدر لا يقل، يثير حتى تساؤلات اكثر، هو رفض حكومة إسرائيل من اليوم الأول للحرب البحث في “اليوم التالي” لحماس في القطاع. إسرائيل الرسمية رفضت وردت كل محاولة للبحث في البديل السلطوي والإداري لحماس في قطاع غزة (مبادرة القاهرة، الاقتراح السعودي وغيرها)، وفي الأسبوع الماضي حصلنا على المبادرة الفرنسية للاعتراف بدولة فلسطينية. النتيجة: رفض البحث في بديل سلطوي لحماس سيجلب علينا اعترافا بدولة فلسطينية.
ماذا حصل بالدفعات
أنهي بمثال يوجد في لباب الحرب – إدارة المفاوضات لتحرير المخطوفين. إسرائيل هي التي بادرت في أيار الماضي بفكرة الاتفاق على دفعات، انطلاقا من الإرادة للامتناع عن انهاء الحرب – موقف كان حجر عثرة امام أي تقدم لتحرير مخطوفين. فجأة، يوم الخميس الماضي، “مصدر سياسي كبير لمكتب رئيس الوزراء” (رئيس الوزراء نفسه؟) اعلن بان هذا هو الوقت لصفقة واحدة لتحرير كل المخطوفين في دفعة واحدة. هل يعرف احد ما او يمكنه أن يشرح ماذا حصل في الأيام الأخيرة ما لم يحصل في الأسابيع والاشهر الأخيرة؟ الامر ونقيضه.
من حرب بدأت من من وضع اللامفر، مع شرعية دولية من الحائط الى الحائط بلا تحفظات ولا تلعثمات، وصلنا الى وقع من طريق بلا مخرج. الإصرار على عدم البحث في “اليوم التالي” وعدم المبادرة الى أوضاع نهاية الحرب أدى بالأفكار المختلفة لان تنقلب علينا، وتجر دولة إسرائيل الى أوضاع تحرف اهداف الحرب الاساسية (هذا لا يقدم في شيء تحرير المخطوفين ولا حسم حماس)، واكثر من ذلك – هذا يصبح تهديدا على الدولة وعلى المجتمع الإسرائيلي كله: وقف الأموال الأوروبية الى الاكاديمية، للبحث والتطوير، تعاظم موجات اللاسامية في العالم، عزلة دولية من شأنها أن تؤدي الى خطوات تقيد الإسرائيلي العادي في كل أنواع الأماكن، حظر ومقاطعات على أنواع مختلفة من السلاح، وغيرها.
هكذا تبدو دولة في ارتباك، وليس دولة توجد على مسافة خطوة عن النصر. مطلوب سياسة واستراتيجية. مطلوب بوصلة توجه كل الاعمال والأفكار، والى أن يحصل هذا سننتظر الفكرة غير الناجحة التالية.
مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook
*العميد احتياط قائد منظومة الدفاع الجوي سابقا ومستشار استراتيجي حاليا