ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم: حان الوقت لتطوير العلاقات مع المغرب

إسرائيل اليوم 14-12-2022م، بقلم: مئير بن شبات ودافيد أهرونسون*: حان الوقت لتطوير العلاقات مع المغرب

وضعت الإنجازات المهمة لمنتخب المغرب في المونديال، وتأهُّله إلى نصف النهائي، المغرب في العناوين الرئيسة. بين ليلة وضحاها، تحول المنتخب إلى الممثل الرسمي للعالم العربي في صراعه على الكأس الدولية. أما في إسرائيل، فالشعور بالخذلان بسبب تضامُن لاعبي المغرب مع الفلسطينيين لم يعكر فرحة مشجعي المنتخب.
لم يمر أكثر من عامين على تجديد العلاقات ما بين الدولتين، ويبدو أنه لم تحدث قطيعة أصلاً. ففي الوقت الذي يعيش العالم صراعاً على النظام العالمي إلى جانب أزمات اقتصادية في العالم، تستطيع إسرائيل والمغرب طرح حلول تساعد على التعامل مع تحديات العصر. هذه الحلول يمكنها أن تعكس نقاط القوة النسبية لكلٍّ من الدولتين، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الشراكة بينهما. اليوم، أكثر من أي وقت مضى، حان الوقت لنقل العلاقات إلى درجة جديدة ما بين القدس والرباط.
كان الاتفاق التاريخي بوساطة إدارة ترامب جزءاً من «اتفاقيات أبراهام». وفي إطارها، تحول المغرب خلال أشهر معدودة، إلى الدولة العربية الرابعة التي لديها علاقات مع دولة إسرائيل. غيّر البيان الثلاثي الخارطة وصنع مرحلة جديدة بين الدولتين. قبلها بـ20 عاماً، خلال سنة 2000، قطع المغرب علاقاته بإسرائيل في أعقاب الانتفاضة الثانية. لكن العلاقات العميقة كانت جزءاً لا يتجزأ من إرث الشعبين.
جالية صغيرة وتقاليد قديمة
تاريخ الشعب اليهودي في المغرب عميق، ويمتد على مدار أكثر من ألف عام. وتشير التقديرات إلى أن اليهود الأوائل وصلوا إلى المغرب بعد خراب «الهيكل الثاني». ولأجيال عديدة، استقبل المغرب الكثيرين من حكماء يهود إسبانيا والمحيط، وتحول هو نفسه إلى معقل لليهودية، على الرغم من الملاحقات الدينية والأزمات الصعبة التي مرّ بها اليهود. فمدينة السويرة مثلاً سجلت حالة استثنائية في العالم المسلم، إذ كانت المدينة الوحيدة التي توجد فيها أغلبية يهودية.
لأجيال عديدة هاجر اليهود من المغرب إلى إسرائيل. وشارك المهاجرون من المغرب في تجديد الييشوف اليهودي في القرن التاسع عشر وتطوير مدن عديدة، بينها يافا وحيفا وطبرية والقدس. وخلال السنوات الأولى من تأسيس الدولة، هاجرت إليها أغلبية يهود المغرب، وبقيت في المغرب جالية يهودية صغيرة، معظمها يسكن في كازابلانكا وقلة منها في مراكش. ما زالت الجالية تحافظ على التقاليد، وبتشجيع ودعم من ملك المغرب هناك مبادرات دائمة لترميم القبور والأحياء اليهودية (الملاح)، حيث يسكن اليهود.
ومع تجديد العلاقات في إطار «اتفاقيات أبراهام» تم فتح خطوط طيران مباشرة ما بين تل أبيب وكازابلانكا ومراكش. وتحول المغرب إلى أكثر الوجهات شعبيةً للإسرائيليين. تم توقيع العديد من الاتفاقيات بين الوزارات الحكومية، والمؤسسات الأكاديمية، والشركات والمنظمات في الدولتين. شعور الشراكة والرضا عن تجديد العلاقات لا يميز فقط القيادات، بل يبرز جيداً في الشارع المغربي، وفي التعامل مع الإسرائيليين.
طغيان التفاؤل
الآن، بعد عامين على تجديد العلاقات، وبعد أن وُضعت الأساسات، حان الوقت لاستنفاد الإمكانات الكامنة الكثيرة في التعاون بين الدولتين. المغرب وإسرائيل يشكلان بوابتين للبحر المتوسط من الشرق والغرب. إسرائيل والمغرب والسودان تستطيع التعاون لإيجاد حلول لأزمة الغذاء العالمية، التي باتت أصعب بعد الحرب في أوكرانيا. لدى السودان مثلاً الأراضي الخصبة المطلوبة لتحويلها إلى مصدّرة للقمح، لكن تنقصها المعرفة والأدوات المطلوبة.
لدى إسرائيل والمغرب القدرة على سدّ هذه الفجوة. فبإمكانهما نقل المعرفة الإسرائيلية في مجال التكنولوجيا الزراعية إلى أفريقيا، والفوسفات من المغرب، وصناعة التغيير من أجل مصلحة شعوب المنطقة. بالإضافة إلى أنه في أعقاب أزمة الطاقة العالمية والعقوبات المفروضة على استيراد الغاز الروسي، يمكن للتعاون الإقليمي أن يمنح حلولاً بديلة. مشاريع كخط الغاز الطبيعي بين نيجيريا والمغرب، وخط غاز من إسرائيل إلى أوروبا، إلى جانب خط النفط من الخليج إلى أوروبا، ستكون ضرورية أكثر من أي وقت مضى. وهو ما من شأنه خلق فرص عمل في الدولتين، بالإضافة إلى مدخول يساعد الاقتصاد.
 إلى جانب التعاون الحكومي والفرص الاقتصادية من الضروري تعميق العلاقات بين المواطنين. المغرب صادق مؤخراً على مسار تسهيل الدخول للإسرائيليين عبر الفيزا الإلكترونية، وعلى إسرائيل تبنّي سياسة مشابهة، بهدف تشجيع السياحة المغربية في إسرائيل. في نهاية المطاف، على إسرائيل الاعتراف رسمياً بسيادة المغرب على الصحراء الغربية. هذه الخطوة مطلوبة، بعد أن قامت بها دول كثيرة، بينها الولايات المتحدة. القيادة في المغرب تتوقع هذا أيضاً.
من جانب إسرائيل، فبالإضافة إلى ما ستقدمه هذه الخطوة لتطوير العلاقات مع الغرب، فإنها ستُضعف في الوقت نفسه جبهة البوليساريو، المدعومة من إيران و»حزب الله». وفي نظرة إلى إنجازات العامين الماضيين، القلب يكبر والتفاؤل يطغى. هذه بداية صداقة مذهلة. فرص كثيرة موجودة أمامنا للتطور، وتحويل السلام مع المغرب إلى نموذج يحتذى بالنسبة إلى كل دول المنطقة.
* مئير بن شبات مستشار الأمن القومي سابقاً، ودافيد أهرونسون باحث في معهد «اتفاقيات أبراهام» للسلام.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى