ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم: بن غفير يحرف الأنظار الإسرائيلية عن إيران

إسرائيل اليوم 2023-01-07: بقلم: يوآف ليمور: بن غفير يحرف الأنظار الإسرائيلية عن إيران

تلقى وزير الدفاع الجديد، يوآف غالنت، هذا الأسبوع، تذويقة مما ينتظره في منصبه. لا يعني هذا أن شيئاً ما من هذه المواضيع كان غريباً عليه، لكنه تلقاها مركزة، كالعجينة اللزجة غير القابلة للفصل: الضفة، غزة، الحرم، لبنان، سورية، ايران، الأردن، ودول الخليج، الولايات المتحدة وأوروبا، وفوق كل شيء السياسة الإسرائيلية.

جُل الاهتمام احتلته بطبيعة الحال زيارة إيتمار بن غفير إلى الحرم. فقد جرّت وراءها تنديدات من الحائط إلى الحائط في العالم العربي، وغضباً في الغرب، وكذا صاروخا رمزيا طار من غزة. ثمة من يربط هذا أيضا بتأجيل زيارة رئيس الوزراء نتنياهو إلى الإمارات، والتي خطط لها للأسبوع القادم. سواء أكان هذا صحيحا أم لا، فإن الإمارات أيضا وقفت إلى جانب المنتقدين، بما في ذلك التوجه لطلب بحث في الأمم المتحدة. لن يضر هذا بعلاقاتها مع إسرائيل، ولكن يجب أن نرى في ذلك بطاقة صفراء: فقدرة الدول العربية المعتدلة على احتواء مواضيع ترتبط بالحرم ضيقة جداً.

بن غفير ليس الوزير الأول الذي يحج إلى الحرم. سبقه اوري ارئيل وجلعاد اردان. من الصعب أن نفهم لماذا ليس كل وزراء الأمن الداخلي يزورون الحرم بانتظام، ليس لأسباب يهودية دينية بل لدوافع عملياتية – كي يفهموا إمكانية التفجر ويقفوا على ترتيبات القوات في المكان، الذي يوجد تحت مسؤوليتهم. فضلا عن هذا، فإن الحدث كله يمثل خروجا عن القياس أيضا: اليهود لا يمكنهم أن يصلوا في المكان الأكثر قدسية لهم، في الوقت الذي يكون هذا مسموحا للفلسطينيين.

لكن بن غفير لم يحج بحكم مسؤوليته بل كي يستفز، والخروج عن القياس لا يصلح بإصبع في العين. ليس في الشرق الأوسط، وليس في الحرم. يدور الحديث عن نقطة ارخميدية؛ خذوا أي مسلم في العالم، من جاكرتا وحتى نواكشوط. من المشكوك فيه أن تجد بينهم قلة يمكن أن يشيروا لك أين توجد القدس، لكن في صالونهم أو في غرفة نوفهم ستجد صورة الحرم معلقة. كما أن الكثيرين منهم لن يعرفوا أيا من المسجدين هو المقدس، لكن هذا لا يغير في الأمر من شيء؛ فالحرم هو رمز امتنعت إسرائيل، بحكمتها السياسية والأمنية، عن أن تلعب به في الـ 55 سنة التي مرت منذ حرب “الأيام الستة”.

لا يوجد حسم

انتخب بن غفير كي يعيد الحوكمة والأمن الداخلي إلى مدن إسرائيل. كان واجبا أن تكون جولته الأولى في النقب أو في الجليل، لكنه أراد أن يبدأ بشيء كبير، ليعرف الجمع أنه هنا، ليس فقط في إسرائيل، بل في كل العالم. بخلاف ما نشر، لم يطلب جهاز الأمن منه أن يمتنع عن الحجيج إلى الحرم. فقد عرض المعاني، وأوضح بأنه يمكنه أن يحرس المسار المقرر: زيارة قصيرة، في ساعة صباحية مبكرة، بلا إعلام وبلا صلاة.

بصبيانته التي يتميز بها، احتفل الوزير بحقيقة أن الإعلام لم يعرف عن حجيجه إلى الحرم، وضللته الأحبولة في أنه استجاب لطلب نتنياهو تأجيل الزيارة. حكمة كبيرة: أن تكذب على الإعلام وكأن الزيارة تأجلت إلى الأسابيع القادمة وعندها تفاجئ وتحج باختلاس. لم يكن للإعلام سبب يجعله يشك بأنه يكذب، لكن من المعقول أن يكون تعلم الدرس. من الآن فصاعدا ستؤخذ بياناته مع حفنة كبيرة من الملح.

لم تساهم الزيارة في شيء للعزة القومية، للحوكمة، لحجيج مزيد من اليهود إلى الحرم، أو للميزان الأمني حيال الفلسطينيين. وبالمقابل رفع الحساب فورا. بارد وجاف على عادته (وينبغي الأمل إلا يتسبب بالإصابات أيضا). من اعتقد أن “حماس” “تعلمت الدرس” تلقى في الليل صاروخا من غزة. صحيح أنه سقط في ارض فلسطينية مفتوحة، لكن هذا كان إشارة واضحة.

بخلاف سياسة إسرائيل تحت الحكومة المنصرفة، امتنعت عن الرد على هذا الهجوم. وستقول لنا الأيام إذا كان هذا حدثا لمرة واحدة أم تغييرا للسياسة. الجيش و”الشاباك” كانا حتى الآن من متصدري الخط الذي أيد معادلة الرد الفوري – بما في ذلك استخدام كل حدث لضرب أهداف مهمة ترتبط بالتعاظم العسكري لـ”حماس” – ومن المشكوك فيه أن يتخذا خطاً آخر في المستقبل. ادعى بعض مغردي اليمين في الشبكة بأن منطق غياب الرد يرتبط بخطوة اكبر بكثير نهايتها الحاق الهزيمة بـ”حماس”. يخيل أنهم تحدثوا من قلوبهم: لا يوجد أي شيء في تاريخ نتنياهو يمكنه أن يدل على نيته خوض معركة نهايتها حسم في غزة (وتشهد على ذلك ثلاث حملات و12 سنة والصواريخ في عهوده رئيس وزراء).

غالنت هو الآخر، الذي كان قائد المنطقة الجنوبية في زمن حملة “الرصاص المصبوب”، لم يؤيد في الماضي خطوة كهذه، ومن المشكوك فيه أن يكون غير رأيه. من جانبيه سيجد الآن اثنين من خلفائه في المنصب – رئيس الأركان الوافد، هرتسي هليفي، ومدير عام وزارة الدفاع الوافد، أيال زمير – اللذين هما أيضا متوازنان وملجومان تجاه استخدام القوة. لهؤلاء الثلاثة (وكذا لنتنياهو ولرئيس “الشاباك” روني بار) واضحة أيضا العلاقة المباشرة القائمة بين الحرم وغزة: الانشغال الزائد بالحرم سيؤدي بالضرورة إلى انعدام الهدوء في القطاع، وكذا في الضفة وفي جبهات أخرى.

الأسوأ من ذلك، فإن شؤون الحرم تحرف الاهتمام الإسرائيلي عن الانشغال بالمسألة الأهم: ايران. فحسب مصادر أجنبية سجل سلاح الجو، هذا الأسبوع، هجومه الأول في دمشق تحت قيادة غالنت. يمكن أن نفهم منه بأن ما كان هو ما سيكون: تواصل ايران محاولة تهريب الأسلحة المتطورة إلى سورية والى لبنان، وإسرائيل مصممة على مواصلة الهجوم كي تحبط هذه الأعمال.

إن تحسين العلاقات مع موسكو (والذي عبر عن نفسه في المكالمة الهاتفية بين وزيري الخارجية) جاء، ضمن أمور أخرى، لمحاولة منع الآثار المحتملة للمحور الروسي – الإيراني المتوثق نتيجة للمساعدة الإيرانية في الحرب الروسية في أوكرانيا. فرص هذا الجهد الإسرائيلي موضع شك لكن مخاطره واضحة، وعلى رأسها مواجهة مباشرة مع واشنطن وعواصم أوروبية ترى في موسكو مجرمة حرب.

أيادٍ ثابتة

ملأ هذا النشاط الأمني المكثف جدول أعمال غالنت الذي اختار أن يجري جولته الأولى في الجبهة الأكثر اشتعالا – المنطقة الوسطى. لكن اللقاء الأهم أجراه بالذات في الكريا، مع هيئة الأركان. كان هذا لقاء روتينيا ظاهرا، استهدف تسجيل انتصار، لكن غالنت أوضح فيه لقيادة الجيش القلقة ما يحتاج للإيضاح: للجيش يوجد قائد واحد، وهو رئيس الأركان، وفوقه وزير الدفاع والحكومة. لن يكون قادة آخرون، من سياسيين أو حاخامين.

لهذه الأقوال توجد أهمية مثلثة. أولا، للحفاظ على وحدة الجيش ووحدة القيادة والمهمة التي تتعرض الآن لتهديد حقيقي. ثانيا، للجمهور القلق من أن يمزق سياسيون طموحون أجزاء من الرمز الذي قد يكون الأخير للوحدة التي تبقت هنا. وثالثا، لغالنت نفسه، الذي يفهم بأنه سيختبر ضمن أمور أخرى في قدرته على أن يحافظ على وحدة الجيش (وميزانيته أيضا) بقدر لا يقل عن الطريقة التي يعمل بها في الجبهات المختلفة.

صحيح أن غالنت تصدر بالتوازي قرارا مشتركا مع الوزير في وزارته، بتسلئيل سموتريتش يشهد على نية لترتيب مكانة المدرسة الدينية في “حومش”، لكن مشكوك أن هناك أيضا سيؤيد خطوة أوسع من هذه. على هذه الجبهة قاد في الماضي (كقائد لواء جنين) ومن الصعب أن نراه يسند خطوة لإعادة إقامة مستوطنات يهودية في القسم الأكثر تفجرا ودموية في الضفة. أحداث الأسبوع الماضي – ومنها أيضا إعادة جثماني مخربين آخرين – تدل على أنه بخلاف وزارة الأمن الداخلي، في كل ما يتعلق بوزارة الدفاع الأيدي ثابتة على الدفة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى