ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم– بقلم عكيفا بيغمن – لماذا يريد الطيبي أن يرسلوا المخابرات

إسرائيل اليوم– بقلم  عكيفا بيغمن – 3/12/2020

بدلا من أن يشجع النواب العرب التعاون مع سلطات القانون والعمل على تغيير ثقافي بالنسبة للشرطة يدعون الى ادخال المخابرات والموساد، اي الخروج من اللعبة الديمقراطية، الحداثة وحقوق الانسان  “.

سلسلة أحداث عدائية خطيرة في الجليل دفعت النائب احمد الطيبي لان يغرد هذا الاسبوع: “دولة يتوجه رئيس وزرائها انه وصل الى عالم نووي، في وسط طهران، لا تنجح في ان تجد وتعتقل زوجا فارا قتل زوجته وفاء عباهرة في بلدة عرابة في داخل اسرائيل؟” النبرة دعابية ولاذعة، ولكن الطيبي جدي جدا. عمليا، يكرر زعماء الجمهور العربي هذا الادعاء المرة تلو الاخرى: الحل للجريمة في المجتمع العربي لا يوجد في  جال الشرطة او القيادة العربية، بل ينبغي أن ينتقل الى محافل  الاستخبارات والمخابرات.

هكذا كتب النائب السابق طلب الصانع في مقال نشره في “معاريف”: “من يمكنه أن يصل الى المبحوح في دبي، يمكنه أن يصل الى القاتل في الناصرة او في رهط”.  وكيف سيصل؟ من خلال الشاباك (المخابرات): “عندما يكون الضحية يهودي، فان الشرطة… تجند كل الوسائل، بما في ذلك الشاباك”. لماذا الازمة خطيرة بهذا القدر؟ لماذا تجد الشرطة صعوبة في ان تفعل في الوسط العربي ما تنجح في فعله في اماكن اخرى؟ من اين ينبع هذا النداء اليائس لتفعيل اجهزة الاستخبارات لغرض فرض القانون الجنائي؟

يعرف زعماء الجمهور العربي الحقيقة: مستوى تعاون المواطنين العرب مع الشرطة متدن جدا. في استطلاع اجرته منظمة مبادرات صندوق ابراهيم في العام 2019،  سُئل المواطنون العرب عن مدى تعاونهم مع الشرطة. النتائج مذهلة. ففي  الرد على سؤال “ما هو الاحتمال في أن تشكو في  الشرطة كشاهد؟” – اي بأي قدر يكون المواطنون مستعدين لان يأتوا ليشهدوا على ارتكاب جرائم – فقط 36.5 في المئة اجابوا انهم سيكونون مستعدين للمجيء  الى الشرطة اذا ما كانوا شهودا على اطلاق نار، و 36.2 في  المئة مستعدون لان يشهدوا على جريمة عنف. كما أنه بالنسبة لشكاوى الضحايا انفسهم، فان المعطيات متدنية جدا. 33 في  المئة من السكان العرب اجابوا بانهم لن يشتكوا في الشرطة، حتى لو كانوا هم أو اي من ابناء عائلتهم سيتضررون باعتداء عنيف، تخريب، طعن او اطلاق نار.  40 في المئة لن يشتكوا اذا وقعوا ضحية لمخالفات الممتلكات (سرقة، كسر وخلع، افساد)، و 48 في المئة لن يتقدموا بشكوى حتى لو وقعوا ضحية لاغتصاب او لتحرش جنسي.  هذه معطيات دراماتيكية معناها واحد: لاسباب مختلفة، الجمهور العربي لا يتعاون مع الشرطة كي يحمي امنه ذاته. وبغياب الشكاوى، الشهود والادلة، كيف يمكن للشرطة أن تعمل؟

ان الاندفاع نحو الحل السحري للمخابرات واضح. فبصفة الشاباك – المخابرات جسما امنيا، فانها لا تخضع لقواعد القانون الجنائي التي تثقل على عمل الشرطة. عملاؤها لا حاجة لان يعملوا وفقا لقواعد الادلة، تحت تصرفهم ادوات ادارية، وهم يتبعون معايير سلوك “تسهيلية” أكثر من حيث حقوق المحقق معهم والمعتقلين.  ولكن هنا بالضبط يدفن الكلب: المواطنون في الدولة الديمقراطية يتمتعون بحقوق تقيد صلاحيات الشرطة وسلطات القانون. هذا هو الحجر الاساس لليبرالية الغربية.

ان ما يطلبه الطيبي  ورفاقه، في واقع الامر، هو اليأس من المشروع الحديث المتعلق بالمجتمع العربي. بدلا من أن يوجهوا الشكاوى الى أنفسهم، فيشجعوا التعاون مع سلطات القانون، ويعزلوا منظمات الجريمة، ويحدثوا تغييرا ثقافيا بالنسبة للشرطة، ويخلقوا طرقا للجسر فوق  الفجوة الثقافية ويربطوا الوسط العربي بالعالم الحديث، فان الطيبي ورفاقه يفضلون السير الى الوراء. ابعثوا لنا بالمخابرات، يقولون، فعّلوا الموساد. اخرجونا من اللعبة. الديمقراطية الغربية ليست من أجلنا.

الجمهور العربي يستحق اكثر من هذا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى