ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم– بقلم جلال البنا – بين المطرقة اليسارية والسندان العربي

إسرائيل اليوم– بقلم  جلال البنا – 10/3/2021

محزن أن اليسار بالذات، الذي يتبنى التعددية، يضع شركائه العرب، الضعفاء على اي حال، مع الظهر الى الحائط، بدلا من ابداء الحساسية واستيعاب التعقيدات. لن يضر اليسار اليهودي ان يتعلموا من النواب العرب كيف يحققوا التغيير انطلاقا من الاحترام لشعبهم “.

في كل مرة ينشر فيها تصريح راهن أو غريب ليساسي أو مرشح عربي عن طائفة المثليين، تثور عاصفة. هكذا كان مؤخرا مع النائب احمد الطيبي، وهكذا حصل هذا الاسبوع مع غيداء ريناوي – الزعبي. المرشحة في قائمة ميرتس، والتي قالت بالاجمال “سأراعي مشاعر مجتمعي في التصويت في المواضيع المتعلقة بطائفة المثليين”،  وذلك في  مقابلة  مع سعيد حسنين من “كل العرب”.

ريناوي الزعبي ليست امرأة خائفة ظلامية. ومثل النواب العرب الذين يعيشون حياة علمانية دون أن يكونوا مناهضين للدين، لا تسارع لادارة الظهر للجمهور الذي تمثله، والمحافظ في معظمه. وحتى لو كانت تتماثل مع مطلب التسامح والمساواة، فانها  تعرف  افضل  من اي شخصية تل أبيبية غاضبة كيف ومتى يكون من الصواب طرح الموضوع على طول الاعمال في المجتمع الذي جاءت منه.

الهجمة عليها، وعلى الطيبي قبلها، وتصريحات الغضب من متصدري الرأي في اليسار اليهودي، لا تعكس فقط انعدام الحساسية للوضع السياسي – الاجتماعي المركب للسياسيين العرب بل وتساعد ايضا في نشر صورة سطحية للمجتمع العربي. الظاهرة لا “تنفى” في لمجتمع العربي. العكس هو الصحيح. فأحد الشعراء البارزين في تاريخ الشعر والادب العربي، ابو النواس، كتب عشرات القصص والقصائد التي اعلن فيها عن محبته للرجال وتباهى بذلك. صحيح أنه يوجد في المجتمع العربي بؤر من  المحافظين بل والخوف من الانسان (بالضبط مثلما في المجتمع اليهودي) واحيانا عنيفة. ولكن الحداثة والاسرلة لا تقفزان عن المجتمع العربي.  فتحت شريحة الخطابية لبعض من زعماء الجمهور، هناك غير قليل من العرب في اسرائيل ممن يعيشون حياة مثلية ومنفتحة بل وبعضهم بات شخصيات معروفة ومحترمة: رجال ثقافة، اقتصاد وقانون.

لا غرو أن السياسيين العرب يشعرون بالحرج عندما يطالبون بان يتناولوا هذه المسألة. ففجوات التوقعات التي بين مجموعتي الانتماء لديهم – من جهة المجتمع العربي، ومن جهة اخرى الشركاء السياسيين في اليسار – تضعهم امام معضلة. واذا كان حتى رجال الجبهة الديمقراطية والتجمع الديمقراطي – ليبراليين، متصدري الكفاح في سبيل حقوق الفرد، مؤيدين لفصل الدين  عن الدولة – لا يطلقون خطابات التأييد لحقوق المثليين، فهذا ليس لانهم يعادون الطائفة، بل لانهم معنيون باظهار المراعاة للجمهور الذي بعث بهم الى الكنيست. صحيح، متوقع منهم أن يقودوا لا أن يقادوا، ولكنهم يوجدون بين المطرقة والسندان؛ بين الحاجة الى التعبير عن رسائل لا لبس فيها، ولا سيما بالعربية، وبين مراعاة مشاعر ناخبيهم، الذين في قسمهم الاكبر محافظون وذوو صلة بقيم الدين والعائلة – ممن يرون فيهم ممثليهم كجماعة أقلية.

محزن أن اليسار بالذات، الذي يتبنى التعددية، يضع شركائه العرب، الضعفاء على اي حال، مع الظهر الى الحائط، بدلا من ابداء الحساسية واستيعاب التعقيدات. لن يضر اليسار اليهودي ان يتعلموا من النواب العرب كيف يحققوا التغيير انطلاقا من الاحترام لشعبهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى