ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم– بقلم البروفيسور ايال زيسر – التطهرية والاخلاقية ليست بديلا عن السياسة الخارجية

إسرائيل اليوم– بقلم  البروفيسور ايال زيسر – 28/2/2021

تتصرف الادارة الامريكية وكأنها “عصبة شبيبة من الكشافة”، ولكن عليها أن تفهم بان المواقف الاخلاقية والتطهرية لا يمكنها أن تحل محل السياسة الخارجية، او مصالح الدول “.

في واشنطن حسم الامر على ما يبدو. بعد شهر من دخوله الى البيت الابيض قررت ادارة الرئيس بايدن هجر موقف المشاهد من الجانب في الشرق الاوسط والانتقال الى الهجوم بكل الشدة والقوة، مثلما تعرف قوة عظمى مثل الولايات المتحدة فقط كيف تفعله.

فبعد كل شيء، فان الشرق الاوسط كالمرجل. الايرانيون يشحذرون السيوف، وفي محاولة واضحة لفحص الادارة الامريكية بادروا الى هجمات ارهابية ضد جنود الولايات المتحدة في العراق.  ومع ان الهجوم على سفينة نقل بملكية اسرائيلية في مياه الخليج الفارسي كفيل بان يشهد على ارتفاع درجة في الجسارة، وبالاساس في تصميم الايرانيين. ولكن لا تقلقوا… يتبين أن ليس ايران هي التي توجد في بؤرة الاستهداف الامريكية بل السعودية بالذات، صديقة واشنطن. بالفعل، في الاسابيع الاخيرة توجه ادارة بايدن الضربة تلو الضربة الى رأس السعوديين، كل واحدة منها اكثر ايلاما واهمية من سابقتها.

بداية شطب الامريكيون الثوار الحوثيين في اليمن من قائمة منظمات الارهاب – اولئك الذين يديرون حرب استنزاف ناجحة، بمساعدة ايرانية، ضد السعودية. وعمليا، اصبحوا “حزبه الله” يمني، مسلح من اخمص القدم حتى الرأس بوسائل قتالية ايرانية، قد يستخدموها ضد اسرائيل ايضا. غير ان الامريكيين يأملون على ما يبدو في شراء قلوبهم وقطعهم عن ايران وفي وقت لاحق جفف الامريكيون ملك السعودية الى أن نال المكالمة الهاتفية المنشودة من بايدن.

ولكن الان جاءت الضربة الاكثر ايلاما – نشر التقرير الاستخباري الامريكي، وبموجبه معقول الافتراض بان ولي العهد السعودي، الامير محمد بن سلمان، كان يعرف بل واقر قتل الصحافي جمال جاشقجي في تركيا قبل نحو سنتين. واعلن الامريكيون بانهم سيفرضون عقوبات على مسؤولين كبار في اجهزة الامن والاستخبارات السعودية ممن يحيطون بولي العهد.

في الشرق الاوسط تفسر الخطوات الامريكية كتنكر للعائلة المالكة بل وحتى اباحة دمها. وكما يذكر فانه حيال شاه ايران ايضا تبنى الامريكيون سياسة نقدية وساهموا بذلك بدورهم في سقوطه وفي صعود ايات الله. ينبغي الامل ان في الحالة السعودية ستتمكن العائلة المالكة السعودية من مواجهة التحدي والا تكرر خطأ الشاه الذي اعتمد على الولايات المتحدة ان تساعده عند الضائقة.

تتصرف الادارة الامريكية وكأنها “عصبة شبيبة من الكشافة”، ولكن عليها أن تفهم بان المواقف الاخلاقية والتطهرية لا يمكنها أن تحل محل السياسة الخارجية، او مصالح الدول. والوهم بالنسبة لاصلاح العالم  في  كل ما يتعلق بالشرق الاوسط فشل فشلا ذريعا قبل عقد، اذ ان الربيع العربي، الذي علق الامريكيون عليه آمالا عظام، انتهى نهاية بشعة. كما أن عليهم فضلا  عن  ذلك ان يفكروا بالبدائل التي توجد امامهم، أي اذا كان ينبغي تفضيل السعودية، الحليفة القديمة ومحاولة اصلاح سلوكها من خلال حوار سري وثاقب أم  اختيار ايران، العدو اللدود لكل ما تمثله امريكا.

لقد صفى السعودية على ما يبدو صحافيا معارضا للنظام، وهو أمر فعلته غير قليل من الانظمة، في العالم، من اصدقاء واشنطن ومن معارضيها، وبالمناسبة، فان الامريكيين ايضا ساهموا في امور كهذه في  الماضي غير البعيد.ان خطأهم  الوحيد في  أن اردوغان امسك بهم متلبسين  وهو محب كبير للديمقراطية بحد ذاتها. من يريد صداقة الولايات المتحدة ينبغي أن يفهم حساسية الادارة الامريكية، المنصتة للرأي العام والاعلام.  ولكن عندما تخرج هذه الادارة “لاصلاح العالم” وفي واقع الامر “لتدمير العالم القديم”، فان عليها ان تأخذ النتائج بالحسبان.  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى