ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم: الجهد الأميركي ضد روسيا في “لاهاي” يمس بإسرائيل

إسرائيل اليوم 2023-08-03، بقلم: المحامي غادي عزرا: الجهد الأميركي ضد روسيا في “لاهاي” يمس بإسرائيل

أفادت وسائل الإعلام الدولية، الأسبوع الماضي، بأن الرئيس الأميركي، جو بايدن، أمر الإدارة الأميركية بأن تشرك محكمة الجنايات الدولية في لاهاي بالبينات المتعلقة بجرائم حرب روسية في أوكرانيا.

من يعرف الموقف الأميركي يعرف أن هذا حدث غير اعتيادي. والحقيقة؟ ينبغي لهذا أن يقلقنا.

يقاطع الأميركيون المحكمة منذ سنين بدعوى أن ليست لها الصلاحيات لأن تحاكم مواطني دول ليست أعضاء في ميثاق روما (الذي أقام المحكمة عمليا). ولما لم يكن الأميركيون أعضاء في الميثاق، حسب فهمهم، فلا يمكن للمحكمة أن تحقق وتحاكم جنوداً أميركيين.

يُعد الحدث الحالي شاذاً؛ لأن الروس هم الآخرون ليسوا أعضاء في الميثاق.

عمليا، وبشكل استثنائي، تحصل المحكمة هنا على شرعية أميركية في ظل خروج ظاهر عن سياستها هي نفسها. وحتى لو كان هذا تجاوزاً موضعياً فقط فإن له أثراً محتملاً على دولة أخرى ليست موقعة على ميثاق روما: إسرائيل.

علاقات معقدة

الموقف الإسرائيلي من لاهاي معقد. يمكن أن تُجاز ورشة عمل تعليمية كاملة في القانون الدولي دون أن نفهم هذا الموقف حتى النهاية. ولكن بالإجمال إسرائيل هي الأخرى لا تعترف بصلاحيات القضاء لدى المحكمة على مواطنيها. أما في لاهاي، من ناحيتهم، فلا يسارعون إلى تبني الموقف الإسرائيلي. وحالات تعطيها الشرعية، مثلما في الحالة الراهنة، من شأنها أن تتحدانا جداً.

ولا يزال في عالم تتجاهل فيه محكمة الجنايات في لاهاي الموقف الإسرائيلي وتقرر مع ذلك التحقيق، توجد لنا آلية دفاع ناجعة.

وهذه ينطوي عليها بند مهم في ميثاق روما يقول إن المحكمة لا تعالج الحالة التي أمامها إلا إذا كانت الدولة لا تريد، أو لا تستطيع، التحقيق أو رفع الدعوى بذاتها.

لمنظومة القضاء الإسرائيلية سمعة ممتازة في العالم. يحترم الجيش الإسرائيلي إحكام القتال وعند الحاجة يعرف أيضا كيف يحقق مع نفسه. من الصعب القول إننا لا نريد أو لا نستطيع أن نعالج أوضاعا يثور فيها اشتباه بخرق أحكام القتال. هذه الحقيقة توفر درعا قانونيا حرجا لجنود الجيش الإسرائيلي في العالم.

وبالتالي، أين المشكلة؟ هنا بالضبط تدخل إلى الصورة الاقتراحات التي تطرح في السنوات الأخيرة لمنح حصانة لجنود الجيش من التحقيق أو من التقديم للمحاكمة. دون قصد، من شأن هذه الاقتراحات أن تنزع آلية الدفاع هذه.

رسالة مغلوطة

إن الهدف الذي يقبع خلفها جيد ويستهدف التعبير عن التقدير للجنود، لكن في اختبار النتيجة تجدها تحقق الأثر المعاكس، وتبث للعالم أن لجنودنا شيكاً مفتوحاً وأن منظومتنا لا يمكنها حقاً أن تحقق معهم أو تحاكمهم في حالات متطرفة توجب ذلك.

رسالة كهذه من شأنها أن تضاف إلى النقد المتحقق اليوم في الأسرة الدولية على تشريع المعقولية واستقلالية جهاز القضاء الإسرائيلي. كما أن مبادرات كهذه تطلق رسالة مغلوطة تقول إنه لا توجد سلطة قانون ويوجد التزام متدنٍ جدا بأوامر المستوى القيادي.

إن الحاجة إلى إسناد الجنود مهمة ومفهومة، لكن الطريق لدعمهم لا يكون من خلال إعفائهم من المسؤولية، ما يتركهم مكشوفين قضائياً خارج البلاد.

إن الشرعية المتزايدة لـ “لاهاي” للتحقيق مع مواطني دول ليست أعضاء في ميثاق روما، بالتوازي مع مشاريع قوانين من الداخل لمنح حصانة للجنود، تنتج خليطاً قد يكون نشأ عن نوايا طيبة، لكنه يؤدي إلى جحيم من المشاكل القضائية.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى