إسرائيل اليوم: الجبهة الثامنة
إسرائيل اليوم – يوآف ليمور – 15/12/2025 الجبهة الثامنة
العملية في سدني التي قتل فيها أمس 15 شخصا كانت معروفة مسبقا. ففي السنتين الأخيرتين سجل ارتفاع حاد في الاحداث اللاسامية واللااسرائيلية في استراليا، بما في ذلك احراق كنس، خط شعارات تنديد على الحيطان وتحيات على النمط النازي. الى جانب السياسة النقدية جدا لحكومة استراليا، بقيادة انطوني البنيزي، شعر يهود استراليا بتضعضع كبير في الامن وفي إحساس الامن لديهم.
ادعت حكومة استراليا كل الوقت بانه الى جانب نقدها لسياسة إسرائيل في غزة فانها تمنح حماسة كاملة لليهود في الدولة. هذا الوعد تحطم امس في العملية في شاطيء بوندي. مناسبة اشعال الشمعة الأولى في الحانوكا والتي في اثنائها نفذت العملية لم تحظىى بحماية كافية. فضلا عن الفشل في حراسة المناسبة لم تنجح أجهزة الاستخبارات الاسترالية في العثور على منفذي العملية واحباطها مسبقا.
هاتان الدائرتان تستدعيان اهتماما ليس فقط لأغراض التحقيق بل أساسا لاستخلاص الدروس – في استراليا وما وراءها. يهود العالم (وكذا الاسرائيليون في الشتات) يتعرضون الان لخطر غير مسبوق، لعله الأكبر منذ المحرقة. فالنقد المتزايد تجاه إسرائيل في دول عديدة اطلق الى الحرية لاسامية واسعة، الى جانب نفوذ إسلامي متزايد تعبر عن نفسها في ارتفاع حاد لاحداث عنف جسدي ولفظي موجه لليهود وللاسرائيليين.
مطلوب إعادة تفكير
في المستوى المحلي يستوجب هذا استعدادا وتأهبا متزايد من جانب الجاليات وأجهزة الشرطة المحلية. مناسبات معروفة مسبقا، ومواقع دائمة مثل مدارس يهودية وكنس، عرضة لخطر خاص. لكن في هذه الدائرة المادية لا يكفي: فهي الدائرة الأخيرة التي من شأنها ان تحطم دوما. تسبقها دوائر استخبارية تستوجب متابعة ومراقبة وثيقة لمحافل الخطر.
تمتنع الدول الديمقراطية عن ذلك بشكل عام بسبب الحماية لحقوق المواطن، لكن يخيل أن ليس لها الان بديل. ومثلما كانت الدول الغربية مطالبة بان تكيف الملاحقة الاستخبارية (والحراسة الجسدية) في ذروة إرهاب داعش في العقد الماضي هكذا هي مطالبة بان تعمل الان كي تحمي المواطنين اليهود.
لإسرائيل أيضا جزء هام في هذا الجهد أيضا. كالدولة القومية للشعب اليهودي يوجد لها واجب عميق، حقيقي، لكل يهود العالم. من واجبها ان تعمل كي تحميهم، مثلما تحمي الإسرائيليين في إسرائيل. هذه مهمة معقدة اكثر في ظل القيود الجغرافية والمادية، لكن إسرائيل عرفت في الماضي كيف تجسرها في جملة من الطرق – أبرزها هي التعاون الاستخباري بين الموساد والشباك ونظرائهم كي تعتقل مطلوبين وتحبط عمليات.
لكن ما كان مناسبا عشرات السنين تجاه تهديد موضعي، أساسا من جانب دول ومحافل إرهاب منظمة، هو ذو صلة اقل حيال مدى التهديد الحالي. على إسرائيل أن تجري إعادة تفكير كيف تقدم جوابا للتحدي الهام الذي تقف امامه. هذه المهمة اكبر بعدة ارقام مقاسات وحدة “بتسور” في الموساد المسؤولة عن الموضوع: فهي تتجاوز الوزارات الحكومية وهيئات الامن وتفترض تصديا قوميا لها كساحة حقيقية – الساحة الثامنة، استمرار لساحات الحرب السبعة والاعمال التي تقوم بها إسرائيل في المنطقة.
الانقطاع عن شدة الخطر
على هذه الخلفية، مدهش ان حكومة إسرائيل واصلت امس روتينها اليومي وكأنه لم يحصل شيء. مع كل الأهمية للجلسة التي وقع فيها اتفاق السقف في ديمونا، مشكوك أن يكون هذا اللقاء الاحتفالي سيعقد لو كان قتل 15 إسرائيليا في عملية في البلاد. كما أن حقيقة ان رئيس الوزراء (الذي كرس للعملية بضع كلمات في مستهل خطابه) جاء كما كان مخططا لتدشين حي على اسم أخيه يوني، شهدت على القطيعة عن شدة الحدث وعن شدة الخطر الذي يحدق منه على كل يهودي في العالم.
لاجتماع حكومي طاريء كانت أهمية على المستوى الإعلاني، كي يعرف كل يهود العالم بان لهم دولة وان لهم حكومة تدعمهم وتحميهم، وبالاساس في المستوى العملي: إعطاء تعليمات عمل للوزارات الحكومية المختلفة (الخارجية، الدفاع، الشتات، الهجرة) ولمحافل الامن المختلفة. يوجد لإسرائيل غير قليل مما تفعله كي تتصدى للتهديد غير المسبوق، واسوأ من كل شيء سيكون إعطاء يهود الشتات الإحساس بانهم متروكون لمصميرهم مرتين – من سلطات بلادهم ومن إسرائيل.
في هوامش الأمور، ملاحظتان. الأولى، في ذروة الحدث، عندما بدأت الانباء عن الفظاع في سدني تتدفق، اختار وزير العدل يريف لفين ووزراء آخرون الانشغال بموضوع اهم بكثير من ناحيتهم: قرار محكمة العدل العليا الغاء اقالة المستشارة القانونية للحكومة. ان تصميم لفين على تفكيك جهاز القضاء معروف، لكن أمس حطم حتى الرقم القياسي الأدنى لنفسه.
الثانية، القرار لاطلاق امس بالذات الى العالم الاقتراح لاقامة لجنة تحقيق مدنية لاخفاق 7 أكتوبر كان مغيظا ثلاث مرات: المرة الأولى، بسبب القرب من العملية القاسية في سدني. المرة الثانية، لانه امس كان اليوم الـ 800 للحرب، الموعد الأخير الذي ينبغي الانشغال فيه باقتراح موضع خلاف بهذا القدر. والمرة الثالثة، لان الاقتراح نفسه ينم عن جهد الحكومة للهروب من مسؤوليتها عن الكارثة التي وقعت في ورديتها.



