ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم: الأردن وإيران بين التهديد والتقارب

إسرائيل اليوم 31/7/2022، بقلم شاحر كلايمن 

يحتاج ملك الأردن اليوم إلى إسرائيل أكثر من أي وقت مضى حيال التهديد الإيراني المتعاظم؛ لا لأن حدوده معها هي الأهدأ فحسب، بل ولأنه خلافاً لتصريحاته عن “حلف عسكري عربي”، يشك في كفاية التزام الولايات المتحدة والسعودية.

يعد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان شخصاً منتقماً، أثبت ذلك في قمة جدة حين فضل إحراج ضيفه بايدن مع تسريبات عن حديثهما حول قضية تصفية الصحافي السعودي جمال خاشقجي في 2018. سمعت وسائل الإعلام كيف وعظ بن سلمان باحترام قيم الدول الأخرى وما هو صحيح لزعيم العالم الحر، وها هو المفعول سار أيضاً لعبد الله. في 2015 لم يوافق على المشاركة في التحالف العربي في حرب اليمن، والأمير يتذكر ذلك جيداً.

خيبة الأمل من بايدن

بالنسبة للولايات المتحدة، مثل زعماء عرب آخرين في قمة جدة، أخذ عبد الله انطباعاً بأن الأمريكيين لا يعتزمون الصدام مع إيران. وبناء على ذلك، في مقابلة مع صحيفة أردنية، أشار إلى أنه إذا غيرت طهران طريقها فثمة مجال للتقارب.

“هذا هو الخط الذي اتفق عليه في جدة”، يقول بنحاس عنبري، خبير الشرق الأوسط وباحث كبير في المعهد المقدسي للشؤون العامة والسياسة. “كان للدول العربية سؤال لبايدن: ما الذي ستفعله مع إيران؟ هل تتخلون عنها وتريدون حلفاء في العالم العربي حيالها، أم تواصلون الاتفاق معها؟ لم يعطِ بايدن جواباً، وخاب ظنهم. سبب برودة تصرفهم مع بايدن أنه لم يقدم جواباً قاطعاً. حتى لو لم تصدق هذه الدول. وعليه، عادت الدول العربية إلى الألعاب السياسية. فهي ترى في إيران عدواً، لكنها لا تشد الحبل”.

رسالة محكومة بالفشل

يحصي محللون أردنيون أربعة تهديدات إيرانية، معظمها محتملة: تسلل خلايا إرهاب إلى أراضي الدولة؛ والتعاون الاستخباري الذي نشأ بين ميليشيات إيرانية وشبكات تهريب المخدرات وجيش الأسد في منطقة الحدود السورية؛ وتفعيل خلايا إرهاب نائمة داخل الأردن؛ وظاهرة “الذئاب المنفردة”، من محبي الثورية الشيعية الإيرانية الذين من شأنهم أن يعملوا بإلهام منها. وتنضم إليها هجمات سايبر سرية منسوبة لـ “دول ومنظمات”.

يكافح الأردن على الأرض تهديد التهريبات. هدف إيران تسريب سلاح ومخدرات إلى المملكة، تصل بداية إلى عصابات الجريمة، ثم تهز استقرار الحكم لاحقاً. في هذا السياق، يشرح الوزير الأردني لشؤون القضاء سابقاً، د. محمود الخربشي، بأنه إضافة إلى الطبوغرافية الجبلية للحدود التي تسهل التهريبات: “بعد مغادرة القوات الروسية التي تمترست على الحدود الشمالية مع الأردن، ستقوم الميليشيات الشيعية بملء الفراغ”.

لا تعد التهريبات على الحدود السورية أمراً جديداً، فقد علم في بداية السنة أن الجيش الأردني ضالع في المواجهات مع مهربي المخدرات من سوريا، لدرجة أن أطلقت عمان رسالة إلى نظام الأسد في دمشق ليأخذ الأمور في يديه. هذا محكوم بالفشل، بالطبع. فرجال الأسد، كما يذكر، هم جزء من المشكلة وبالتالي، فإن الرسالة تستهدف تهيئة التربة لتغيير تعليمات فتح النار على الحدود، بحيث تصل إلى درجة الموت. ومع ذلك، فإن التقرير الذي نشره المركز السوري لحقوق الإنسان في حزيران أشار إلى تعاظم الأعمال. وفي نظرة إلى الوراء، أشار عقيد أردني إلى أن أعمال التسلل والتهريب تضاعفت في السنوات الثلاث الأخيرة.

“يرى الأردنيون في هذا خطراً استراتيجياً أن يصبح الشباب الأردني مدمناً على المخدرات”، يشرح عنبري. “فالوحدات السورية تهرب كميات هائلة من المخدرات إلى الأردن. وثمة تعزيز للجيش الأردني على الحدود لوقف تهريب المخدرات، الذي يتضمن حوامات – يسيرون الحوامات مع مخدرات وينزلونها في الأردن.

“انظر إلى التنظيم في جنين”، يضيف عنبري. “تلك عصابات جريمة، فتسللت إليها إيران فيما بعد عبر صالح العاروري، وهذا موجه ضد الجيش الإسرائيلي. ومع أن “المصلحة التجارية” للعصابات هي عدم الصدام مع الجيش الإسرائيلي، وإلا كيف ستعقد الصفقات. هذا النموذج يسري أيضاً على الأردن. السلاح يذهب أيضاً إلى عصابات الجريمة ستتحدى الأمن الأردني لاحقاً- تماماً نموذج جنين”.

المصلحة الإسرائيلية

لإيران مصلحتان على الأقل في هز الاستقرار داخل الأردن: الأولى ترتبط بالتطلعات الإسلامية لإيران، والثانية شق مسار تهريب السلاح إلى محافل إرهاب تتماثل معها في الضفة، أساساً نشطاء الجهاد الإسلامي. هكذا، فلإسرائيل مصلحة أيضاً في مساعدة عبد الله.

رغم المصالح المشتركة، فإن الملك عبد الله في حديثه عن حلف عربي إقليمي، اتخذ جانب الحذر من ذكر إسرائيل، وحرص على التحفظ. رغم اللقاء الأخير مع رئيس الوزراء لبيد في عمان، كان للملك تخوفات داخلية لا يمكنه أن يتجاهلها، وفي مركزها السكان الفلسطينيون كثيرو العدد، الذين يشكلون نصف عموم السكان.

لكن وجودهم لا يمنع التقرب الحقيقي من إسرائيل فحسب، بل ويثير الغضب في أوساط القبائل البدوية في الأردن.

مع السنين، جاء كثير من الفلسطينيين. ردهم الحكم ومحافل الأمن، فتوجهوا إلى الأعمال التجارية. في البداية، كانوا تجاراً صغاراً، ولاحقاً صاروا مؤثرين، كما أنهم يتبجحون بثرائهم. في هذه الأثناء انخفض راتب الموظف الأردني، وبات صعباً عليه إعاشة نفسه. في هذا الوقت يتفتح الفلسطينيون ويسبحون في المال. “هم الاقتصاد الأردني”، يشرح عنبري.

هنا يدخل التخوف من الثورة من جانب الأسرة المالكة. كما يذكر، فرضت إقامة جبرية على حمزة، في 2021، وتخلى لاحقاً عن لقب الإمارة باستعراضية. وكان سبب الاعتقال التخوف من انقلاب في ضوء التأييد الذي تلقاه حمزة من بعض القبائل البدوية التي كانت في الماضي النخبة الأردنية، والآن تجدها محبطة من ازدهار بعض الفلسطينيين. إلى جانب ذلك، يعيش في الدولة أيضاً مئات آلاف اللاجئين الشيعة ممن تدفقوا إليها من العراق، والذين ينبع منهم على ما يبدو تخوف من خلايا نائمة و”ذئاب منفردة”. والتأييد لحمزة أصبح وجع رأس لعبد الله. ” تآكلت قبائل في الشمال في حرب سوريا، وفر زعماؤها من سوريا، وانتقلت منطقة الحدود التي كانت تحت سيطرتهم إلى سيطرة الجيش السوري والإيرانيين الذين يستغلون هذا أيضاً للتآمر الشيعي”، يشرح عنبري. على هذه الخلفية، تطرح إمكانية تشكيل خلايا نائمة لـ”حزب الله” داخل الأردن نظراً لنصف مليون شيعي جاءوا إلى المملكة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى