ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم: إسرائيل والتغير المناخي في الشرق الأوسط فرصة أم تهديد؟

إسرائيل اليوم 14/8/2022، بقلم: أيال زيسر، 

لم تنته جولة المواجهة الأخيرة في قطاع غزة وإذا بزعيم “حزب الله” حسن نصر الله، يهدد بجولة مواجهة خاصة به على الحدود الشمالية إذا لم تستجب إسرائيل لمطالبه في ترسيم الحدود البحرية بينها وبين لبنان. تهديداته الحربية ليست سوى أحد الأسباب التي تجعل الصيف الحالي ساخناً على نحو خاص، وذلك حتى قبل أن نرفع السرعة بمسار حملة الانتخابات إلى الكنيست.

لكن حالة الطقس هي الأخرى لا تخفف عنا؛ فقد تحطمت أرقام جديدة في شدة الحر هذا الصيف في إسرائيل، حتى الفرار إلى أوروبا لم يعد خياراً بسبب موجات الحر غير المسبوقة في كل أرجاء القارة. ولكن ينبغي الاعتراف أنه بالنسبة لمعظم الإسرائيليين لا يعد هذا سوى مصدر قلق عابر يمكن تجاوزه بنجاح بمعونة المكيف أو الاستجمام في بركة سباحة أو على شاطئ البحر.

كما يتبين، لا تنقص ماء للشرب أو للري في إسرائيل، بفضل منشآت التحلية التي أقيمت هنا في العقود الأخيرة.

ومع ذلك، ثمة سبب للقلق لا مما يحمله لنا المستقبل فحسب، بل مما يحصل حولنا، خارج قطعة الأرض الصغيرة خاصتنا، التي هي، كما يتبين، جنة عدن – واحة في قلب صحراء.

لم تعد أزمة المناخ في الشرق الأوسط بعيدة؛ فدرجات حرارة لأكثر من 50 سجلت في دول الخليج الفارسي، في إيران وجنوب العراق، ويقدر الخبراء بأنها قد تصعد حتى إلى 60 درجة وربما أكثر. في الإمارات، مثلما في إسرائيل، يمكن الفرار إلى المباني المكيفة، لكن ليس هذا هو الوضع في أجزاء واسعة من المنطقة، حيث لا يوجد توريد منتظم للكهرباء أو مياه للبيوت. في المستقبل غير البعيد ستصبح أجزاء واسعة من المجال غير قابلة لسكن الإنسان، الأمر الذي سيجبر الملايين على ترك بيوتهم والهجرة شمالاً بحثاً عن السكن والغذاء والعمل.

الماء في منطقتنا يصبح منتج ترف باهظ القيمة وعسير النيْل. تضاف للجفاف الطويل موجات الحر التي تتسبب بالجفاف أو التبخر السريع للأنهار ولمخزونات الماء التي يتعلق بها معظم السكان في المنطقة لوجودهم. في سوريا، أدت أضرار حالة الطقس إلى ضائقة اقتصادية تسببت بحرب أهلية مضرجة بالدماء، فقد فيها نحو نصف سكان الدولة بيوتهم. المستقبل ليس مشرقاً أيضاً لأولئك الذين نجوا من الحرب وبقوا في الدولة.

مصر هي الأخرى ذات النيل، لم يعد يمكنها الاعتماد على مياه النهر مثلما في الماضي؛ فقد أضيف لأضرار المناخ بناء سد النهضة بجوار مصادر النهر في إثيوبيا، الأمر الذي دفع مصر للتهديد بحرب خوفاً من أن يضر تشغيل السد بكمية المياه التي تتدفق في النهر وتحرم مئة مليون مصري من مياه الشرب.

الأردن المجاور هو الآخر يعيش ضائقة غير مسبوقة. اللاجئون من سوريا وقبل ذلك من العراق رفعوا عدد سكان الأردن من 7 مليون إلى أكثر من 11 مليوناً. يعيش الأردن اليوم في عجز دائم لمياه الشرب، وموجات الحر تزيد هذا العجز بسبب تبخر متزايد لخزانات المياه في المملكة.

وتجدر الإشارة إلى أن هذا الواقع المأزوم هو من نصيب معظم دول المنطقة، بدءاً باليمن، مروراً بإيران وعُمان، وانتهاء بلبنان.

الشرق الأوسط يتحول إذن إلى منطقة منكوبة – بعضها نتيجة فعل يد الإنسان، ويد الأنظمة القمعية، الفاسدة والفاشلة، ولكن الأكبر في بعضها نتيجة أضرار البيئة.

هذا الواقع يخلق لإسرائيل فرصة لتثبيت مكانتها الإقليمية كدولة متطورة رائدة، تكنولوجياً وليس فقط عسكرياً، وبالطبع مساعدة حلفائها، سواء بتوريد المياه أم بالوصول إلى التكنولوجيات المتطورة. لكن أزمة كهذه تتجاوز حتى قدرات إسرائيل، وبالتالي فعليها البقاء متأهبة في ضوء الخوف من تضعضع الاستقرار في الداخل في وقسم من الدول العربية، الأمر الذي قد يؤثر على ما يجري على حدودنا. مهما يكن من أمر، لم نعد “فيللا” في غابة، بل واحة في قلب صحراء.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى