ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم: إسرائيل تقف أمام واقع الانتفاضة منكِرة وعمياء

إسرائيل اليوم 25-11-2022، بقلم: د. دورون متسا: إسرائيل تقف أمام واقع الانتفاضة منكِرة وعمياء 

العملية المزدوجة في القدس نداء صحوة فتاك لمواطني إسرائيل بالنسبة للواقع في الساحة الفلسطينية: يدور الحديث عن انتفاضة.

الأمر الخطير هو ان هذا ليس حقاً تطوراً جديداً. هذا هو الواقع في “يهودا” و”السامرة” وفي شرقي القدس في السنة والنصف الأخيرتين، لكن دولة إسرائيل توجد أمامه بعمى وبنكران.

واقع السنة والنصف الأخيرتين لا يمكن فهمه عبر التعريفات ذاتها. لا يدور الحديث عن أحداث عنف فردية نتيجة لأعمال موضعية، برعاية هذه المنظمة الفلسطينية أو تلك على نمط “عرين الأسود”. يدور الحديث عن “إرهاب” عضال، تطور من ربيع 2021 تقريبا في كل أرجاء الساحة الفلسطينية: في المدن المختلطة في إسرائيل (حارس الأسوار)، في شرقي القدس، وبالطبع في “يهودا” و”السامرة”. هذا العنف عكس تحدياً فلسطينياً عاماً وتنكراً (التفسير اللفظي لتعبير “انتفاضة”) للنموذج الاستراتيجي الاقتصادي – المنفعي الذي ميز الـ 15 سنة الاخيرة – نموذج تميز باستعداد فلسطيني وإسرائيلي لوضع شؤون الايديولوجيا والهوية المثالية جانبا، لصالح تحقيق جدول اعمال غائي مغروس في الحاضر. جدول اعمال وضع في مركز الاولويات مواضيع مثل الرفاه الاقتصادي والاستقرار السياسي.

تحت رعاية جدول الاعمال الغائي هذا الذي وجد تعبيره المبهر في شكل اتفاقات ابراهيم مع دول الخليج، حصلت إسرائيل على اكثر من عقد من الهدوء الامني، بينما تمتع الفلسطينيون بادارة ذاتية وبرفاه اقتصادي نسبي. هكذا، وصل عدد الفلسطينيين العاملين في إسرائيل الى رقم قياسي، نشأ تداخل اقتصادي بين إسرائيل والسلطة، ولطّف “السلام الاقتصادي” حدة النشاط الوطني – ومعه ايضا – النشاط الامني.

على مدى 2021، وبقوة اكبر في السنة الحالية، تآكل النموذج الغائي لاسباب مختلفة. ضمن امور اخرى كان هذا اثر الكورونا – الذي اثقل على الاقتصادين المحليين، وجسد بالملموس ضعف الدول الديمقراطية، ومس بالردع الإسرائيلي، وشجع ردود افعالا مضادة من الساحة الفلسطينية على جدول الاعمال البراغماتي – المنفعي ذاته، الذي جاء اساسا من صفوف المحيط الفلسطيني على انواعه.

يدور الحديث عن المحيط الجغرافي في نابلس وجنين وشرقي القدس، حيث نشأت جيوب عديمة الحوكمة في المحيط السياسي في شكل مسلحي منظمة “فتح”، المتماثلة بشكل اساسي مع السلطة؛ ومحافل محيط اجتماعية، في شكل شبان مضطربين لم ينجحوا في الانخراط في النظام الاقتصادي. والقاسم المشترك لكل هذه المحيطات مزدوج: لم تتمتع بذاك النهج الاقتصادي – المنفعي وتشاركت بفكر يقوم على أساس فكر الهوية – الأيديولوجيا.

باسم ذاك الفكر انطلقوا الى معركة لتقويض النظام. لم تجترف هذه المعركة عملياً عموم الجمهور الفلسطيني، لكن على الارض كانت ثمة مؤشرات إلى أنها تتسلل الى محافل في السلطة واجهزة امنها، والى الشرعية في الوعي التي توجد لها في اوساط جماهير واسعة تعبر عن تأييد هادئ لها.

ان تحدي جماعات الهوية الفلسطينية لجماعات المنفعة يرتفع درجة، والانتفاضة المنكرة تنتقل مباشرة الى “ارهاب” منظم.

إسرائيل مطالبة بان تحسم امرها بالنسبة للسلطة الفلسطينية التي كانت ظاهرا شريكتها الخفية – العلنية، وبالنسبة للقدرة على مواصلة الابقاء على النموذج المنفعي، الذي نجح على اكثر من عقد ويتعثر الآن. حاجة الحسم تلتقي مع واقع النكران من جانب عموم محافل الساحة: السياسيين الذين ينشغلون بمسائل البقاء السياسي، والجيش الذي يوجد اهتمامه في سورية وفي ايران، والجمهور الذي يفضل العودة الى حياة الاستمتاع ما قبل “الكورونا”.

آلية النكران ذاتها التي وصفها جيداً دافيد غروسمان في 1987 (“الزمن الأصفر”) كأمر يمنع إسرائيل من ان ترى مسبقاً التيارات التي أدت الى الانتفاضة الأولى، تنشط في إسرائيل في 2022 أيضاً. حتى الآن منعتها هذه الآلية من أن تتكيف مع الواقع الجديد، ومن هذه الناحية ينبغي التعاطي مع العملية في القدس كنداء يقظة آخر وعاجل على نحو خاص.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى