ترجمات أجنبية

أنطونيو باديني: أسعار الطاقة المرتفعة تنذر بمسار تصادمي للغرب

أنطونيو باديني * 13-10-2022 

في مواجهة التحدي الصعب المتمثل بارتفاع أسعار الطاقة، يبدو أن الدول الأوروبية تعتمد نظاماً فردياً بدلاً من رص صفوفها. وتثير هذه المرة حزمة الطاقة الألمانية الضخمة، التي تصل قيمتها إلى 200 مليار يورو، كدرع وقائي، المخاوف الأكبر من ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا. وقد يشكل قرار برلين حماية أعمالها ومستهلكيها من تأثير أزمة الطاقة، خطوة ألمانية خاطئة جديدة.

وكان رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو أعرب علناً عن مخاوفه من اضطرابات اجتماعية محتملة إذا أخفقت أوروبا في تبني الإجراءات المناسبة مع اقتراب فصل الشتاء. ورأى أن غياب التدخل في سوق الغاز يهدد بتراجع التصنيع على نطاق واسع في أوروبا، معتبراً أن العواقب الطويلة المدى خطيرة إلى حد بعيد. أما بولندا، فاتهمت ألمانيا “بتدمير” السوق الداخلية للاتحاد الأوروبي من خلال دعم شركات الطاقة الخاصة بها، في ظل معارضتها وضع حد أقصى لسعر الغاز في أوروبا.

من جهة، يرى خبراء أن ألمانيا هي المحرك الرئيسي للتصنيع في منطقة اليورو، مشيرين إلى أن معدل إنتاج مصانعها فاق عام 2021 إنتاج إيطاليا وفرنسا وإيرلندا مجتمعة. ومن جهة آخرى، لا بد من معرفة أن قطاع الصناعة الألماني يعتمد على شركات كثيفة الاستهلاك للطاقة، وبالتالي تضرر بشدة من تأثير غزو روسيا لأوكرانيا. مع ذلك، يجب أن يوفر ذلك أرضية مشتركة لنقاش ملح وعميق داخل الاتحاد الأوروبي بدلاً من اللجوء إلى خطط وطنية فردية.

وحض رئيس الوزراء الإيطالي السابق ماريو دراغي على عدم الاستسلام للمواقف الانقسامية وفقاً لهوامش المناورة المختلفة التي توفرها الميزانيات الوطنية. وحض وزير المالية الفرنسي برونو لومير على تلبية دعوات دراغي إلى استجابة أكثر تنسيقاً.

وجادل الخبراء بأن أحد الحلول الممكنة قد يتمثل بوضع الاتحاد الأوروبي سقفاً محدداً لأسعار الغاز الروسي مع موردين أصدقاء مثل النروج والجزائر. لكن من الضروري أن تتخلى ألمانيا عن فكرة دعم شركات الطاقة الخاصة بها، بينما تعارض تحديد سقف للأسعار.

وقال رئيس الوزراء البولندي ماتيوز موراويكي: “رسالتي إلى ألمانيا هي أن نبقى متحدين، وأن تظهر التضامن مع الآخرين. ففي الأوقات الصعبة، يتعين على الجميع الاتفاق على قاسم مشترك، بدلاً من اعتماد حل يناسب بلداً واحداً”. وجاء ذلك كتحذير لألمانيا بهدف تجنب “نقاش ساخن حول هذه الأنانية الألمانية”.

ويعتبر البعض أن المعركة لإيجاد مخرج مناسب لهذا الوضع الصعب لا يمكن كسبها بالكامل ما لم تؤخذ السوق العالمية بأكملها في الاعتبار، وهذا يعني تفاهماً بين “أوبك +” والولايات المتحدة.

والواقع أن منظمة “أوبك+”، بقيادة المملكة العربية السعودية وروسيا، وافقت على خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يومياً، أي حوالي 2 في المئة من استهلاك النفط العالمي. ولا يبدو أن رد فعل براين ديس، مدير المجلس الاقتصادي الوطني في البيت الأبيض، يقود إلى أسلوب تصالحي، إذ قال إن الولايات المتحدة تنظر في بيع المزيد من مخزونها الاستراتيجي، الذي نقص أكثر من 200 مليون برميل العام الماضي. فليست هذه الآفاق مشجعة.

*أنطونيو باديني، سفير إيطالي سابق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى