#شؤون إسرائيلية

أنطوان شلحت: حرب غزة: خيارات إسرائيل في ضوء جدول الأعمال الأميركي وعدم توافقه مع رؤية نتنياهو

أنطوان شلحت 2024-02-01: حرب غزة: خيارات إسرائيل في ضوء جدول الأعمال الأميركي وعدم توافقه مع رؤية نتنياهو

 

أنطوان شلحت
انطوان شلحت

مع بدء الأسبوع السابع عشر لحرب التدمير والإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، ازداد الاهتمام أكثر فأكثر في إسرائيل بما يلي:

1- النتائج التي تم تحقيقها على طريق إنجاز الغايات الموضوعة لها.

2- تشريح سلوك رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وما الذي يسعى إليه ويتطلع نحوه، والدوافع الواقفة وراء ذلك وعدم توافقها مع ما يتم تداوله بشأن «جدول الأعمال الأميركي» للحرب.

3- درس إلى أي مدى يشكّل التغاضي أو التنائي عن اعتماد خطة لما يوصف بأنه «اليوم التالي» للحرب بمثابة عامل عرقلة أمام إمكان تحقيق إنجاز إستراتيجي لللمعارك.

وهي كلها مواضيع سيتم التطرق إليها بمزيد من التفصيل في هذه المساهمة.

1- الانفجار في المغازي:

مع أن ملابسات مقتل 21 من جنود الاحتياط الإسرائيليين في الانفجار الذي وقع في مخيم المغازي يوم 22 كانون الثاني الماضي ما زالت غامضة، فإن أبرز الاستنتاجات بشأنه تضمنت ربطه بآخر مستجدات الحرب وسير المعارك والنتائج المترتبة عليها، وفي مقدمها أن عناصر المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ما زالت قريبة من منطقة الحدود مع إسرائيل. ولم تكن أغلب تلك الاستنتاجات بمعزل عن تأكيد ما يبدو أنه شبه إجماع حيال ما بلغته الحرب من استعصاءات. فبحسب كل المحللين العسكريين الإسرائيليين، كانت تشكيلات الاحتياط تقوم بتمشيط المنطقة التي وقع فيها الانفجار لتحويلها إلى حزام أمني بين حدود القطاع وضواحيه. أمّا النقطة العينية التي حدث الانفجار فيها فتقع على مسافة 600 متر من الحدود، وعلى بُعد نحو كيلومتر من كيبوتس «كيسوفيم»، وعلى الرغم من ذلك «كان بإمكان مقاتلي «حماس» أن يطلقوا رصاص القنص أو القذائف المضادة للدروع وقنابل الهاون من دون أي إزعاج»، كما يؤكد كبير هؤلاء المحللين العسكريين رون بن يشاي («يديعوت أحرونوت»، 23/1/2024)، الذي أضاف: إن مقتل الجنود الـ21 يمكن أن يقوّض الشرعية التي يمنحها الجمهور الإسرائيلي للحرب. في حين أشير في الكثير من التحليلات الأخرى إلى أن الحادثة التي أودت بحياة 21 جندياً من الاحتياطيين، ستُضاف إلى حجج اليمين وعلى رأسه حزب الليكود بضرورة استمرار القتال في قطاع غزة. فوزير الدفاع يوآف غالانت قال: إن «سقوط المقاتلين يفرض علينا تحقيق أهداف الحرب»، وبذلك لخّص حجج اليمين. كما يواصل ممثلو اليمين تكرار الرسالة التي تقول: إن استمرار الحرب ضرورة جوهرية من أجل أمن إسرائيل وسكانها، والعملية الهجومية في خان يونس، والتي بدأت في الأيام الأخيرة، هي المضمون الفعلي لهذا الكلام. ولكن على الرغم من العملية في خان يونس، وهي الأهم منذ انتقال الجيش الإسرائيلي إلى المرحلة الثالثة من القتال، والخطاب العالي النبرة في الحكومة، هناك أيضاً حركة مدنية معارِضة لاستمرار القتال، مثلما تؤكد أغلب التحليلات في صحيفة «هآرتس». وبحسب أحد هذه التحليلات (بقلم رافيت هيخت، 24/1/2024)، فإن ازدياد الوعي بشأن قضية المخطوفين، وازدياد التعاطف مع عائلاتهم، وكذلك استمرار الحديث العام عن الأثمان الباهظة، كل ذلك يمكن بالتأكيد أن يقوّي هذه الحركة، ولا يمكن ألّا تتسلل إلى داخل الحكومة، حتى لو كان من الصعب في هذه المرحلة فهم حجم قوتها.

2- نتنياهو سيبقى على المحك:

تزداد يوماً بعد يوم المقالات التي تؤكد أن كل ما فعله بنيامين نتنياهو بصفته رئيس الحكومة الذي شغل الولاية الأطول في هذا المنصب على مدار تاريخ إسرائيل، والذي يظل يتفاخر بأن فترة ولايته أطول من فترة ولاية مؤسس الدولة، دافيد بن غوريون، سيتم حصره في «فصل تمهيدي» ضمن سيرته الذاتية، وسيتم تدريسه في حصص التاريخ تحت عنوان «العوامل والدوافع التي أدت إلى وقوع مأساة 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023»، مثلما جزم رئيس تحرير صحيفة «هآرتس» ألوف بن (27/1/2024).

وفي الأيام التي مضت منذ العدد السابق خلال الأسبوع الفائت، لوحظ ازدياد التركيز على أداء نتنياهو في كل ما يرتبط بالعلاقات الثنائية بين إسرائيل والولايات المتحدة، وذلك في ضوء المحادثة الهاتفية التي جرت بينه وبين الرئيس الأميركي جو بايدن بعد شهر على القطيعة بينهما. وبرأي عاموس هرئيل، المحلل العسكري لصحيفة «هآرتس» (22/1/2024)، وغيره طبعاً، كان من المفترض أن تشير هذه المحادثة الهاتفية إلى تحسّن في العلاقات. ولكن البيانَين المتناقضَين الصادرَين عن كلٍّ من البيت الأبيض وديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية فيما يخصّ هذه المحادثة، يؤشران إلى عُمق التباين بين الطرفين. ووفقاً لما يكتبه هرئيل، تواصل إدارة بايدن الإصرار ليس على منح السلطة الفلسطينية في غزة دوراً في اليوم الذي يلي الحرب فحسب، بل على «حل الدولتين». إلّا أن نتنياهو يرسّخ تموضُعه السياسي المتجدّد في الساحة الداخلية، بانياً آماله على أن يكون هو الذي سيحول دون إقامة الدولة الفلسطينية. وهذه هي ورقته الجديدة، بعد انهيار محاولته إسباغ صفة «سيد الأمن» على نفسه بصورة نهائية في الهجمة التي نفّذتها «حماس». كما أن جسّ النبض العلني الذي يُجريه نتنياهو تجاه بايدن، يخدم جهوده السياسية الداخلية في استعادة أصوات اليمينيين، إلى حد كبير. ومع ذلك، فليس من المؤكد مطلقاً أن هذه الحركة ستسعفه، في ضوء عدم هزيمة «حماس» في الحرب حتى الآن.

أما الخبير الإسرائيلي الأبرز في الشؤون الأميركية البروفيسور إيتان غلبواع، فيؤكد («معاريف»، 21/1/2024) أن البيانين المتعارضين اللذين صدرا عن مكتب الرئيس بايدن وعن نتنياهو بشأن محادثتهما الهاتفية، يدلان على ازدياد الخلاف بين الولايات المتحدة وبين إسرائيل بشأن «اليوم التالي للحرب». فلقد قال بايدن: إن نتنياهو لم يرفض إقامة دولة فلسطينية، ولا تزال هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق في هذا الشأن. ونتنياهو أجاب قائلاً: «في أي اتفاق في المستقبل المنظور، يجب أن تسيطر إسرائيل على كل الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن. وهذا يتعارض مع فكرة السيادة الفلسطينية، وأنا أقول هذا للأميركيين». وفي قراءة غلبواع رفض نتنياهو رؤيا بايدن بشأن الدولة الفلسطينية يصيب عصباً حساساً بصورة خاصة بالنسبة إلى الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة، ولم يتأخر ظهور الأصوات الغاضبة من الكونغرس. ومؤخراً تبادل الطرفان الانتقادات، وتحدثا بصورة خاصة إلى قاعدتَيهما. فنتنياهو تحدّى بايدن عندما قال: إنه الوحيد الذي يستطيع أن يقول «لا» لرئيس الولايات المتحدة، ومنع قيام دولة فلسطينية. ويبدو أن هذا سيكون الشعار الأساس الذي سيستخدمه في معركته الانتخابية المقبلة. بينما سرّب البيت الأبيض أنه يعمل على إعداد خطة مارشال جديدة بغزة في «اليوم التالي». وتفترض إدارة بايدن أنه ستجري انتخابات في إسرائيل قريباً، ونتنياهو لن يفوز فيها. لكن عندما يقارن بايدن بين رفض «حماس» وبين رفض الحكومة الإسرائيلية، فإنه يقوّي نتنياهو تحديداً.

ويشير غلبواع إلى أنه منذ بداية الحرب، تضغط إدارة بايدن على نتنياهو لكي يحدّد مَن سيسيطر مدنياً في غزة، في حال طرد «حماس» من هناك. وهذا هو أيضاً موقف الجيش الإسرائيلي، لأن الجواب ضروري جداً من أجل استمرار العمليات العسكرية. ونتنياهو لم يكتفِ بعدم الرد، بل إنه يرفض حتى إجراء نقاش هذه المسألة في الحكومة. ويعتقد بايدن أن السبب الأساس لذلك هو رغبة نتنياهو في المحافظة على ائتلافه الحكومي مع بن غفير وسموتريتش، لذلك خضع لمواقفهما المتطرفة التي تدعو إلى احتلال القطاع كله، والهجرة الطوعية للسكان، وعودة الاستيطان اليهودي إلى هناك. كما أن بايدن مضطر إلى التفكير في الانتخابات الرئاسية. وتصريحات نتنياهو ضد رؤيا دولة فلسطينية أدّت إلى ردود خطرة من الكونغرس، يمكن أن تؤثر، ليس فقط في «اليوم التالي»، بل أيضاً في استمرار خوض الحرب.

ويضغط الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي على بايدن من أجل اشتراط المساعدة العسكرية الأميركية لإسرائيل باستعداد الحكومة الإسرائيلية لقبول «حل الدولتين» مبدئياً. ويستعين التقدميون بالقانون الذي يفرض أن يكون استخدام السلاح الأميركي ملتزماً بالقانون الأميركي، وبقوانين الحرب الإنسانية والدولية. وبسبب رفض نتنياهو الدولة الفلسطينية، ارتفع عدد أعضاء مجلس الشيوخ الذين يريدون اشتراط المساعدة الأميركية العسكرية لإسرائيل من 12 إلى 18 عضواً، وحتى الأعضاء اليهود الـ15 في مجلس النواب الأميركي انتقدوا نتنياهو بشدة، وصرّحوا: «نحن نعارض بشدة رئيس الحكومة، وحل الدولتين هو الطريق للمضي قدماً». ومن دون موافقة الكونغرس، لا يستطيع الرئيس الأميركي إرسال سلاح إلى إسرائيل. وعلى الرغم من ذلك كله يخلص غلبواع إلى القول: إن حرص نتنياهو على ائتلافه الحكومي أكثر من حرصه على أمن إسرائيل، وعلى العلاقات مع الأميركيين.

وبموجب ورقة تقدير موقف صادرة عن «معهد أبحاث الأمن القومي» في جامعة تل أبيب أعدها اللواء في الاحتياط إلداد شفيط، الذي عمل في شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) والرئيس السابق بقسم الأبحاث في ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية والرئيس السابق لمجال الاستخبارات بمكتب السكرتير العسكري لكل من رئيس الحكومة ووزير الدفاع (22/1/2024)، فإن البيان الصادر عن البيت الأبيض يوم 19/1/2024، بعد المحادثة الهاتفية بين بايدن ونتنياهو، يحوي ملخصاً للقضايا الرئيسة التي تُعتبر في صلب «جدول الأعمال الأميركي»، وهي القضايا التالية:

أولاً، على صعيد المجهود الحربي: ترى الإدارة الأميركية ضرورة في استمرار الضغط العسكري على «حماس» وقيادتها في القطاع، وترحب بالتغيير الذي طرأ على العمل الإسرائيلي من مناورة واسعة النطاق إلى حملات محددة، زمنياً وجغرافياً. ولا تزال الإدارة ثابتة في موقفها القائل: إنه لا يجب فرض وقف إطلاق النار على إسرائيل، وهو أمر سيساعد حركة «حماس» على العودة إلى مراكمة قوتها، من وجهة نظر هذه الإدارة. لكن خلافاً للتصريحات الصادرة عن البيت الأبيض في بداية القتال، يبدو أن الإدارة الأميركية لم تعد تشدّد على الهدف المتمثل في ضرورة هزيمة «حماس»، بل تكتفي بمقولات عامة، مفادها ضمان عدم تمكُّن هذه الحركة في المستقبل من تكرار هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر. في موازاة ذلك، تشير الإدارة إلى مواصلتها العمل لضمان حيازة إسرائيل كل ما تحتاجه للدفاع عن نفسها. وتقدّر الإدارة أن استمرار القتال على نار هادئة يخفف من مخاطر التدهور نحو حرب شاملة مع «حزب الله».

ثانياً، زيادة المساعدات الإنسانية ومنع إلحاق الأذى بالمدنيين.

ثالثاً، إطلاق سراح المخطوفين الإسرائيليين المحتجزين في غزة.

رابعاً، مرحلة ما بعد الحرب: في إعلان البيت الأبيض، عقب المكالمة بين نتنياهو وبايدن، تم التأكيد أن «الرئيس ناقش أيضاً رؤيته لتحقيق سلام وأمن واستقرار أكثر لإسرائيل من خلال تعميق اندماجها في المنطقة لدى التوصل إلى اتفاق في إطار حل الدولتين». إن الرسالة الرئيسة الصادرة عن الإدارة الأميركية، مفادها أن هناك فرصة حقيقية لتسريع عملية التطبيع بين إسرائيل والعرب، وعلى رأسهم السعودية. وفي كلمته أمام مؤتمر دافوس الاقتصادي، عرض مستشار الأمن القومي الأميركي جاك سوليفان الرؤية التي ناقشها بايدن مع نتنياهو، والتي تعكس اعتقاد الولايات المتحدة أنه يجب أن تؤدي الحرب إلى إيجاد واقع إقليمي يضمن الأمن لإسرائيل والدولة المستقلة للفلسطينيين.

وبحسب الورقة ترى الإدارة الأميركية، حسبما يُفهم من أقوال وزير الخارجية أنتوني بلينكن، أن عبء الإثبات فيما يتعلق بتحويل الحرب في غزة إلى فرصة لإعادة صوغ الشرق الأوسط، يقع على عاتق إسرائيل، في حين أنها تعترف، للمرة الأولى ربما، باستعداد الجانب العربي لذلك. لكن هذا الاستعداد مشروط بالدفع قدماً بحل للمسألة الفلسطينية. وتتوقع الإدارة أن إسرائيل ستقدم لها طرف خيط يمكّنها من الدفع تجاه رؤيتها السياسية، لكن يبدو حتى الآن، أن الإدارة ترى أن إسرائيل تتباطأ في تقديم ردّ على هذا الطلب. ولذلك، فإن الإدارة لا تتردّد في التعبير عن إحباطها، لا سيما من خلال تسريبات إلى وسائل الإعلام الأميركية. ويمكن التقدير أن بايدن لا يعتزم الاستسلام، وأن ضغوطه على إسرائيل ستزداد، وأن هذا التقدير لم يتغير بعد مكالمة بايدن – نتنياهو. حتى إن الرئيس قال للصحافيين بعد ذلك: إنه «ليس من المستحيل تحقيق حل الدولتين، حتى عندما يكون نتنياهو في السلطة. هناك أنواع مختلفة من حل الدولتين. وهناك دول أعضاء في الأمم المتحدة، وليس لديها جيش. كما أن هناك دولاً أخرى فُرضت عليها قيود. لذا، أعتقد أنه توجد طرق يمكن سلوكها لضمان نجاح هذا الأمر». ومع أن بايدن يواصل إظهار مساندته القوية لإسرائيل، وهو لا ينجرف خلف الادعاء الذي بدأ بالتفشي بين أعضاء كونغرس ديمقراطيين يطالب باشتراط المساعدات الأميركية لإسرائيل باستجابتها الإيجابية للمبادرات السياسية، إلا أن الواقع المعقد لحملة بايدن الانتخابية وانتخابات الكونغرس، وهي مواجهة من المتوقع أن تكون حادّة، سيقلل من مجال المناورة المتاح للرئيس إذا ما واجه مصاعب في تقديم إنجازات سياسية في سياساته الخارجية.

على هذه الخلفية، تخلص الورقة إلى أنه لا بد من أن نأخذ بعين الاعتبار أن الإدارة الأميركية، على الرغم من امتناعها حتى اللحظة عن استخدام أدوات للضغط على إسرائيل، فإنها تقدّر أن الحكومة الإسرائيلية غير راغبة في التعاون معها بشأن التوجه نحو خطة عامة في «اليوم التالي للحرب»، وهو ما قد يحمل إسقاطات سلبية على استعداد الرئيس لمواصلة الاهتمام بالدفاع عن مواقف إسرائيل وتقديم العون لها في الحرب.

3- في أهمية مناقشة «اليوم التالي» للحرب:

تؤكد كثير من التحليلات الإسرائيلية أن امتناع حكومة نتنياهو بإيعاز منه عن مناقشة «اليوم التالي» للحرب يتوازى مع تجنّب الحديث عن الإستراتيجيا الشاملة. ووفقاً لما يقوله مثلاً اللواء احتياط غادي شيمني، السكرتير العسكري لكل من رئيسَي الحكومة السابقين أرئيل شارون وأيهود أولمرت، يفترض الذين يتجنبون الحديث عن «اليوم التالي» والإستراتيجيا الشاملة أن الجيش سينجح وحده، أو سيكون هناك تراكُم للنجاحات التكتيكية، وفي النهاية، سيؤدي هذا إلى إنجاز إستراتيجي. وبرأيه، هذا لا يمكن أن يحدث. وتابع: «في حرب لبنان الثانية (2006) قلنا لأنفسنا: إنه كلما راكمنا إنجازات تكتيكية، فإن هذا سيمنحنا إنجازاً إستراتيجياً، وهذا لم يحدث» (موقع قناة التلفزة الإسرائيلية «12»، 24/1/2024).

ويعتقد شيمني أن صوغ إستراتيجيا على المستوى السياسي يتطلب مشاركة الولايات المتحدة، وكذلك يجب الحديث عن «اليوم التالي»، وهذا ما سيوجه العمليات العسكرية للجيش بطريقة تدفع إلى تحقيق الأهداف الإستراتيجية التي لم يعرّفها المستوى السياسي بعد. كما يعتقد أن تفكيك «حماس» هدف مهم ولكن في نهاية المطاف هذه ليست إستراتيجيا يمكنها أن تتوقع 50 عاماً أو 100 عام إلى الأمام.

أمّا على صعيد سير المعارك نفسها فيرى شيمني أن أهم المشاكل المركزية الموجودة الآن هي حقيقة أن إسرائيل غير موجودة في محور فيلادلفيا (محور صلاح الدين) على الحدود بين قطاع غزة ومصر. وبموجب قراءته إلى جانب قراءات عدد كبير من المحللين العسكريين الإسرائيليين، في حال عدم وصول إسرائيل إلى محور فيلادلفيا، فلن تستطيع قطع خط الأنفاق «الذي يتدفق فيه السلاح والناشطون».

وفي هذا المحور تحديداً أكدت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أن الحرب على غزة فرضت حسابات جديدة على العلاقات المصرية – الإسرائيلية وتسببت بتحوّل العلاقات بين الطرفين «من مُجرّد التوتر إلى مرحلة الانهيار». وأعادت الصحيفة أسباب هذا الانزلاق في العلاقات إلى تحذير مصر من تهجير أعداد كبيرة من الفلسطينيين من غزة إلى شبه جزيرة سيناء، بينما تواصل إسرائيل حربها على غزة، إضافة إلى تراجع حركة المرور في قناة السويس، ما أدى إلى تفاقم الوضع. كما أشارت إلى أن إسرائيل حاولت مؤخراً دفع مصر لقبول وجود عسكري إسرائيلي في محور فيلادلفيا تحت ذريعة منع «حماس» من تهريب السلاح عبر الحدود، وهو ما رفضته مصر على أساس أنه انتهاك لسيادتها.

وتؤكد القاهرة أنها تسيطر تماماً على الحدود، ورفضت مراراً اتهامات إسرائيلية بالسماح بتهريب الأسلحة إلى قطاع غزة. وكانت مصر كشفت في مناسبات عدة عن نية مبيتة لدى إسرائيل لتهجير الغزيين من أرضهم نحو أراضي سيناء، وشددت على رفضها لهذه الممارسات.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى