أقلام وأراء

أماني القرم: أيها الغرب المنافق

أماني القرم ٢٩-٥-٢٠٢٢م

القضية التي تشغل الغرب اليوم :امريكا واوروبا ومستثمرو الحروب في أراضي العالم المنكوبة هي كيفية ‏اعادة اعمار اوكرانيا . والمسالة ليست في آلية الاعمار إنّما في كيفية الاستيلاء على احتياطات البنك ‏الروسي المركزي من النقد والذهب المنتشرة في البنوك الاجنبية العالمية لاستخدامها في عملية اعادة ‏الاعمار. ولأن الأصول الاجنبية محمية بموجب القانون الدولي، فالعصف الفكري الغربي على أشده في ‏هندسة مسار قانوني وسياسي لمصادرة الأصول الروسية التي تم تجميدها وتزيد عن 350 مليار دولار . ‏مؤخراً تم تصدير بعض الدول الاوروبية الصغيرة كواجهة زائفة للمطالبة وايجاد السبل القانونية اللازمة ‏لتمويل عملية إعادة اعمار أوكرانيا بأموال روسيا المجمدة من منطلق العدالة : من دمر يتحمل تكلفة ‏التدمير! حكومة أوكرانيا التي تعدت مسالة الحرب نفسها منذ فترة سبقت في الدعوة لهذا الامر، وبدأت منذ ‏أكثر من شهر من خلال مشروع “اجعل روسيا تدفع” في جمع وتصدير المعلومات عن حجم الخسائر ‏الضخمة التي لحقت بها والتي يقولون انها قد تتجاوز نصف تريليون دولار. العجيب ان المشاريع التي ‏تطرح لتصورات ما بعد الحرب لا تعالج فقط اصلاح ما دمرته الحرب، إنما هي مشاريع تنمية شديدة ‏الحداثة من شأنها تحديث أوكرانيا بشكل كلي لتصبح نموذجا عالميا في خلاف عن الشكل الذي كانت عليه ‏مسبقا . ‏
أيّها الغرب العنصري: لماذا لا تدفع اسرائيل فاتورة حروب غزة؟ وفاتورة الصراع المدمر والتطهير العرقي ‏الذي تشنه على الفلسطينيين ؟ إن المنظومة الاخلاقية الفاسدة التي تتمثل في ازدواجية صارخة للمعايير ‏مثيرة للاشمئزاز وللاستفزاز، لأنها لا تتعلق بالقوة فحسب بل بثقافة فوقية منتشرة قوامها العيون الزرقاء ‏والشعر الأشقر. فسرعة رد الفعل الأمريكي والأوروبي وإدانة الحرب على اوكرانيا ومعاقبة روسيا مخيفة قياساً ‏بسنوات يطالب فيها الفلسطينيون بعدالة عالمية صورية على شكل قرار /غالبا لن ينفذ/ من مجلس الامن ‏يدين اسرائيل. وبينما هتافات التشجيع للمقاومة الاوكرانية والإشادات بصناع المولوتوف لمقاومة الروس، ‏وانتشار صور الاوكرانيات وهن يمسكن السلاح أمر طبيعي ويستحق الانتشار ولا يواجه بمحاربة من الفيس ‏بوك أو تويتر ولا تقفل صفحات التمجيد بالانتحاريين الاوكرانيين الابطال ، فإن الدفاع عن الحقوق في ‏فلسطين فيه وجهة نظر برأي البعض و”إرهاب” برأي المعظم واتهامات بمعاداة السامية.. ‏
المشكلة الاخلاقية الغربية تمتد الى التغطية الصحفية في كيفية اختيار المفردات بعناية لاظهار اوكرانيا ‏المدمرة ، ومأساة النازحين، والتركيز على القصص الانسانية ودموع النساء والأطفال ، فيما تحظى المسألة ‏الفلسطينية والاعتداءات الاسرائيلية في أغلب وكالات الأنباء العالمية بإعادة صياغة للخبر لإظهار فريقين ‏متساويين يقتتلان في أحسن الحالات . صحفيون ومراسلون كثر من مختلف الصحف والقنوات كالتلغراف ‏وفرانس برس والجارديان أبدوا تعاطفهم الكبير واستهجانهم من تعرض أوكرانيا للحرب ولمشكلات النزوح ‏واللجوء على اعتبار أنه شيء لا يليق بأوروبا ، وكأن الحرب من تخصص الشرق الاوسط ؟ وكأن سنوات ‏التسعينات وصراع البوسنة والصراع الايرلندي لم يكن، وكأن الحربين المدمرتين الاولى والثانية من غياهب ‏التاريخ . كبير مراسلي قناة “سي بي اس” الأمريكية قال أنه يجب اختيار الكلمات المناسبة للحالة الاوكرانية ‏لأنه يتحدث عن مدينة متحضرة .. ولا أفهم عن أي تحضر يتحدث ؟ عن الدولة الأكثر فسادا في اوروبا ‏بناء على تصنيف عالمي عام 2017؟ ‏
كان الله في عوننا وفي عون أوكرانيا وكل البلاد التي ذاقت ويلات الحرب .‏

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى