أقلام وأراء

أكرم عطا الله: تحريض لعودة حكم «حماس».. والحل

أكرم عطا الله 24-10-2025: تحريض لعودة حكم «حماس».. والحل

لم يتوقف التحريض في إسرائيل عن العودة للحرب، فالمعارضة التي يفترض أنها كانت تريد نهاية لها تزاود على نتنياهو لأسباب انتخابية أنه لم يصنع النصر الذي وعد، أما المعارضة في الائتلاف فهي أكثر شراسة إذ يتحدث سموتريتش عن ضرورة الاستيطان في غزة.

وبنفس السياق لا يكف بن غفير الذي وعد ببناء مساكن للشرطة على شاطئ بحر غزة عن التأكيد على ضرورة استكمال المهمة حتى تحطيم حماس.

هذه المرة ينضم الجيش لحملة التقديرات التي لا تترك مجالاً للحكومة سوى استئناف القتال، وبينما درج الجيش منذ بداية الحرب على تسجيل عدة ملاحظات اعتراضية على اندفاع الحكومة اليمينية يبرز هذه المرة الجيش كطرف رئيس في التحريض، وهو يرفع للحكومة تقديراً بأن حركة حماس تعود للسيطرة على قطاع غزة وتقوم بترميم حكمها ما يعني أن الحرب التي كان أحد أبرز أهدافها إسقاط حكم حماس فشلت وأن النصر الذي وعد به نتنياهو هو مجرد وهَم يكذبه الواقع.

فقد أوردت القناة الـ 13 الإسرائيلية أن المنظومة الأمنية أبلغت المستوى السياسي أن حركة حماس تعيد ترسيخ سلطتها في قطاع غزة خلال الأيام التي تلت وقف إطلاق النار، ويظهر ذلك من خلال: 1- تقديم خدمات بلدية من حماس 2- جباية الضرائب من التجار 3- فرض القانون والنظام، في هذا تحريض مباشر وإن تركت توصية الجيش التي أعدت كوثيقة داخلية بأن على إسرائيل أن تسرع بالذهاب للمرحلة الثانية من الاتفاق والتي تنص على بنود تنهي سيطرة حماس على القطاع وتجردها من قوتها العسكرية من خلال تجريدها من السلاح وهو ما يعتقده البعض أنه سيكون سهلاً.

نتنياهو الذاهب لانتخابات عشية دخول إسرائيل عام البطة العرجاء حاملاً على أكتافه فشل السابع من أكتوبر على استعداد لمحاربة الجميع وإشعال حرائق من جديد، على ألا يذهب للانتخابات بصورة تسيطر فيها حماس على غزة وتقوم بإعدام آخرين تلك السيطرة النقيضة لشعارات رئيس وزراء إسرائيل والمسلح بإجماع إسرائيلي على تجريد حماس من السلاح ومن الحكم، وهو ما يدعو له الجيش من خلال المفاوضات والمرحلة الثانية التي تنص على ذلك، لكن ماذا سيكون عليه الحال إن لم تنجح المفاوضات ؟.

وتضاف تلك إلى واحدة من أخطاء حماس الكثيرة في هذه الحرب هي الإسراع بالظهور بمظهر الحاكم للقطاع، رغم إدراكها أنها لم تعد كذلك ولن يكون مسموحاً لها وسط إجماع كوني يبدأ من غزة ورفض الحالة الشعبية بعد مغامرتها الفادحة مروراً بحالة عربية لم تعد تريد حماس وهي تستدعي حرباً كل عامين بلا نتيجة وأزمة إعمار، بالإضافة لكونها امتداداً لحركة الإخوان المسلمين النقيضة للنظام الرسمي العربي، وتدرك حماس أيضاً أن أسوأ عقاب لها هو أن تظل حاكماً جريحاً لغزة ويتم استخدام وجودها كذريعة لعدم الإعمار لإبقاء غزة خرابة كبيرة كي تحكم تلك الخرابة، فلماذا سارعت بالظهور كحاكم بل وقامت بعدد من الإعدامات ؟

السبب الرئيس الذي جعل دونالد ترامب يقدم خطته كما يكتب «فريدي هيوارد» في The new statesmanهو رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير الذي دخل على الرئيس ترامب حاملاً استطلاعات أجرتها المؤسسة التي يترأسها «مؤسسة توني بلير للتغيير العالمي» تعطي نتائج أن أقل من 4% من سكان غزة يؤيدون حكم حماس ليقنع الرئيس الأميركي بسهولة إنهاء سيطرتها على القطاع باعتبارها باتت تمثل أقلية ضئيلة يمكن إزالتها بسهولة بعد تعاظم الرفض الشعبي لها، وهذا مفهوم في سياق كلفة باهظة دفعها الغزيون نظير بقاء حماس وحكمها ودون تحقيق نتائج وطنية بل كانت النتائج معاكسة، حيث جرى احتلال غزة من جديد بعد أن كانت إسرائيل غادرت القطاع منذ عقدين، ودون قدرة لحركة حماس على التصدي كما وعدت الغزيين بأن إسرائيل أكثر عجزاً من دخول قواتها برياً وأن قوات الحركة لديها من الثقة ما يمكنها من حماية حدود القطاع.

جاء استعجال حماس بالإعلان عن إعادة السيطرة وتقديم الخدمات والإعدامات كجزء من عوامل التوازن النفسي وصورة الحركة أمام الآخرين وخصوصاً لمن هم خارج قطاع غزة، هذا يحدث حتى للأفراد الذين يتلقون ضربات شديدة ومحرجة يحاولون بعدها التصرف بعادية لكن في الأمر أيضاً ما يوحي للداخل بأن الحركة قوية ما زالت قادرة على فرض النظام والقانون في محاولة لوأد أي حركة تمرد قد تحدث من قبل عائلات تعيش خصومة مع حماس أو حتى أفراد.

لكن الأهم من هذه الرسائل هو أن لا خيار أمام حماس إلا أن تمارس السلطة ولا تترك فراغاً تملؤه الفوضى كخيار لا يقل خطورة عن حرب الإبادة نفسها، وإن كان سلوكاً ضرورياً لكنه بات مدعاة للتحريض من جديد وهذا ما يجب أن تدركه الحركة التي عليها أن تقفز خطوة للأمام وأن تسبق إسرائيل وتسلم ما تبقى من السلاح لعناصر الشرطة الفلسطينية التي جردتهم من سلاحهم إبان انقلابها في غزة، وبهذا تضرب عدة عصافير بحجر واحد تضمن الأمن وعدم الفوضى وتنهي مطالبتها بتسليم سلاحها بما يحفظ ماء وجهها وتتراجع عن الحكم، وهكذا تقطع الطريق على شروط المرحلة الثانية قبل أن تبدأ وهي شروط مهينة بكل الظروف.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى