أقلام وأراء

أشرف صالح يكتب – التعصب القبلي والحزبي ساهم في ضياع فلسطين

أشرف صالح – 29/7/2021

  ليس الإنقسام وحده فقط من ساهم في تراجع القضية الفلسطينية , وليس فقط الأداء السياسي المتدني لأصحاب القرار ساهم في تراجع القضية الفلسطينية , وليس إختلاف الأجندات والأيديولوجيات للأحزاب السياسية فقط ساهم في تراجع القضية الفلسطينية , بل وإن المجتمع المدني بمكوناته القبلية وتعصباته الحزبية هو أيضاً ساهم في تراجع القضية الفلسطينية , لأنه بذلك أصبح لكل حزب سياسي أنصار يدافعون عنه في الخطأ  قبل الصواب , ولكل شخصية سياسية أنصارها يدافعون عنها في الخطأ  قبل الصواب , ولكل قبيلة أو عشيرة أنصارها يدافعون عنها في الخطأ  قبل الصواب , وبذلك أصبح المجتمع الفلسطيني كتلة واحدة تسير بطريق  معبدة بروابط الدم أو المصلحة والأهواء , ولا يوجد قوة إصلاحية تنظم بين هذا وذاك , ولا يوجد قوة إصلاحية تفرق بين الحق والباطل , ولا يوجد قوة إصلاحية تمثل الرأي العام بشفافية وتقول الحقيقة بلا ميول لأي جهة بعينها  , فكل فرد في المجتمع أصبح يدافع عن حزبه , وكل فرد في المجتمع أصبح يدافع عن قبيلته وعشيرته , وكل فرد في المجتمع أصبح يدافع عن الشخصية السياسية المفضلة لديه .

إن أحداث محافظة الخليل الأخيرة والتي هددت الممتلكات العامة  وأرعبت الناس وخربت وحرقت ودمرت , وذلك على خلفية مقتل شخص على يد شخص آخر , هي صورة واضحة ونسخة مما يحصل في كل محافظات الوطن بشكل شبه يومي , وهذا دليل واضح على الفوضى المنبثقة عن التعصب القبلي والذي يتغذى على التعصب الحزبي , فالسلاح واحد ولكنه يتنقل من يد القبيلة الى يد الحزب والعكس صحيح , والمشكلة لا تقتصر فقط على وقوع حدث أو جريمة قتل هنا أو هناك , ولكنها تحولت الى حرب بارده على صفحات التواصل الإجتماعي بشكل دائم , قجميعنا  نلاحظ الهجوم والمسبات والشتائم والتشكيك والتخوين بين الناس على الفيسبوك بسبب الولاء والإنتماء والتعصب الأعمي , لدرجة أن الناس باتو يخشون إنتقاد أي شيئ وأي خطأ خوفاُ من شتائم أنصار الطرف المنتقد , لأن ردات فعل الناس على بعضهم البعض ودفاعهم عن أجندتهم أصبحت تخيف أكثر من الرقابة الأمنية نفسها , لأن الرقابة الأمنية على صفحات التواصل الإجتماعي قد يكون لها مخرج قانوني , ولكن الشتائم والمسبات والتخوين ليس لها مخرج , وربما تتطور الأمور وتخرج عن كونها حرب إفتراضية على الفيسبوك لتتحول الى حرب عائلية تراق بها الدماء.

لا ينكر أحد دور الإعلام الفلسطيني الحر والنزيه في توعية الناس وإيصال الحقيقة ومحاسبة الجاني مهماً كان , ولا ينكر أحد دور مؤسسات حقوق الإنسان والتي تتابع كل الإنتهاكات سواء من حكومة , أو من حزب , أو من عشيرة , أو من شخصية متنفذة , أو حتى من جمعية خيرية (…) , ولا ينكر أحد دور بعض الشخصيات المستقلة والكتاب والإعلاميين والنشطاء في مبادراتهم الإصلاحية والتوعوية تجاه الناس , ولكن كل هذه المبادرات لا تمثل قوة حاكمة بإمكانها تغيير الواقع بشكل جذري , بل وإن من ذكرتهم أعلاه قد يعانون من تضييق الخناق عليهم وتقليص صلاحياتهم سواء بشكل  قانوني أو غير قانوني , فهناك الكثير من الصحف ووكالات الأنباء وقعت تحت التهديد الأمني بسبب جرائتها في تقديم الحقيقة وكشف المستور أمام الرأي العام , وكذلك مؤسسات حقوقية وشخصيات مستقلةلا وغيرها , وهذا كله بسبب منظومة الفساد التي تتغذى على دعم التعصب القبلي والحزبي , ولذلك نجد السواد الأعظم من المجتمع يقع تحت منظومة الفساد .

لماذا ضاعت فلسطين وأصبحت قضية ثانوية مهمشة , لماذا أصبحت قضيتنا قضية “100 دولار” وكابونه و تنسيق للسفر و تيار كهربائي , الجواب ببساطة هو لأن المسؤول وصاحب القرار له أتباعه اللذين يدافعون عنه في الخطأ قبل الصواب , ويقفلون الأبواب أمام أي تصحيح وإنتقاد وإصلاح  , فأصبح المجتمع الفلسطيني يأكل نفسه بنفسه , ويشتم ويسب ويشكك ويخون من أجل فلان أو علان , فلا مكان للحيادية , ولا مكان لتقبل الرأي , ولا مكان لكلمة الحق , وصفحات الفيسبوك خير شاهده على ذلك .

مركز الناطور للدراسات والابحاث  whatsapp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى