أقلام وأراء

أشرف العجرمي: قرار مجلس الأمن حول غزة: الرفض المستغرب

أشرف العجرمي 19-11-2025: قرار مجلس الأمن حول غزة: الرفض المستغرب

وافق مجلس الأمن فجر أمس على مشروع القرار الذي قدمته الولايات المتحدة للمجلس بأغلبية كبيرة، حيث أيد القرار ثلاثة عشر عضواً من أصل خمسة عشر. وامتنعت كل من روسيا والصين عن التصويت.

وينص القرار على تشكيل «مجلس السلام» كإدارة انتقالية ذات صفة قانونية دولية، تضع إطار العمل وتنسق تمويل إعادة تطوير غزة، حتى تتمكن السلطة الفلسطينية من إكمال برنامج إصلاحها بصورة مرضية حسب خطة الرئيس ترامب والمقترح السعودي – الفرنسي، عندها تعود السلطة للسيطرة على غزة، وقد تتوفر الشروط لمسار موثوق لحق تقرير المصير الفلسطيني والدولة.

وسوف «تؤسس الولايات المتحدة حواراً بين إسرائيل والفلسطينيين للاتفاق على أفق سياسي من أجل تعايش سلمي ومزدهر».

ويتحدث القرار عن الاستئناف الكامل للمساعدات الإنسانية بالتعاون بين «مجلس السلام» والمنظمات الدولية، والإشراف على ودعم لجنة التكنوقراط المكونة من شخصيات غير سياسية من القطاع أيدت إنشاءها الجامعة العربية، تكون مسؤولة عن الخدمات المدنية اليومية.

ويكون «مجلس السلام» مسؤولاً عن إعادة الإعمار وقضايا أخرى عديدة.

ويدعو البنك الدولي والمؤسسات المالية الأخرى لتوفير المصادر المالية لدعم إعادة الإعمار وتطوير غزة، وتشكيل صندوق ائتماني متخصص من أجل هذا الغرض. وينص القرار كذلك على إنشاء «قوة الاستقرار الدولية» تكون مسؤولة عن تدريب الشرطة الفلسطينية وحماية المناطق الحدودية ونزع سلاح قطاع غزة، وتدمير البنية التحتية العسكرية العدوانية و»الإرهابية».

هذا بالإضافة إلى بعض الأمور المتعلقة بعمل «مجلس السلام» الذي من المفروض أن يقدم تقريراً إلى مجلس الأمن كل ستة شهور.

قرار مجلس الأمن الجديد منبثق من خطة ترامب وينقل حرفياً بعض الفقرات منها. وهي نفس الخطة التي وافقت عليها حركة «حماس» والفصائل الأخرى.

صحيح أن القرار سيئ ولا يتحدث عن دور السلطة الفلسطينية إلا بعد أن تمر بإصلاحات مرضية للأميركيين لا أحد يمكنه التنبؤ بمتى تكون مقنعة لهم، ولكن لا يوجد في هذه المرحلة سبيل آخر لتثبيت وقف إطلاق النار والبدء بمعالجة المشاكل الإنسانية في قطاع غزة وإعادة إعماره وتوفير الشروط لعودة السلطة لغزة وتوحيدها مع الضفة الغربية وتمهيد الطريق لمسار سياسي جديد.

وفي حين قبلت السلطة بالقرار ورحبت به، قامت «حماس» وبعض الفصائل التي تدور في فلكها برفض القرار.

حركة «حماس» وفي تعقيبها على القرار قالت في بيان رسمي إن قرار مجلس الأمن يفرض آلية وصاية دولية على قطاع غزة، وإنه ينزع قطاع غزة عن باقي الجغرافيا الفلسطينية، وإن «تكليف القوة الدولية بمهام وأدوار داخل قطاع غزة منها نزع سلاح المقاومة يحولها لطرف في الصراع لصالح الاحتلال».

أما الفصائل القريبة من «حماس» فقد أعلنت في بيان لها رفضها أي بند في القرار «يتعلق بنزع سلاح غزة، أو المساس بحق الشعب الفلسطيني في المقاومة».

الموقف الرافض للقرار يبدو غريباً ومستغرباً ليس لأن القرار جيد ولا توجد به ثغرات كبيرة، بل لأن هذا الرفض أتى بعد تأييد خطة ترامب التي على أساسها جرى وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الذي لا يزال مستمراً مع وجود ثلاث جثث لأسرى في غزة تعتزم «حماس» الإفراج عنهم.

وهذا القرار أعاد التأكيد على النقاط الجوهرية في خطة ترامب التي قبلتها «حماس» والتي نصت على إنشاء قوة استقرار دولية وعلى نزع سلاح الفصائل كشرط للانسحاب الإسرائيلي الكامل، وللدخول في المرحلة الثانية التي تشمل إعادة الإعمار.

يبدو أن «حماس» قد تراجعت عن فكرة الانتقال للمرحلة الثانية وتصر على بقاء سلاحها، وهو أمر تحبذه الحكومة الإسرائيلية لإبقاء احتلالها للقطاع وتطبيق النموذج اللبناني فيه، والقصف والعدوان على غزة وبقاء الوضع المأساوي القائم حالياً مع تقسيم قطاع غزة إلى نصفين واحد تحت الاحتلال والآخر الأصغر حجماً تحت سيطرة «حماس» بحجة الحفاظ على سلاح «المقاومة» الذي جر علينا الويلات بسبب سوء استخدامه وعدم خضوعه لمعادلات المنطق والمصالح الوطنية. وللحقيقة بدأت «حماس» تعيد بناء سلطتها في غزة وتجبي الضرائب والرسوم وكأنها لم تتعهد بالتخلي عن السلطة بصورة كاملة.

في الواقع، حكومة بنيامين نتنياهو لا تريد لهذا القرار أن ينفذ على أرض الواقع لأنه يلغي سيطرتها على الأرض ويكفّ يدها عن استمرار عدوانها على غزة.

وهي ستبحث عن مبرر لعدم تثبيت وقف الحرب والانسحاب الكامل من القطاع وإعادة إعماره.

وتفضل بدلاً من ذلك أن يتحول الجزء الذي تحت سيطرتها إلى منطقة معمرة ومزدهرة مع عدد قليل جداً من السكان وبقاء الجزء الآخر مدمراً وغير صالح للعيش حتى يتم دفع الناس للهجرة التي بدأت مع تشكيل جمعيات ومؤسسات مرتبطة بالاحتلال تأخذ على عاتقها تهجير الفلسطينيين كما حصل مع المجموعة التي تم تسفيرها إلى جنوب إفريقيا. فهل هذا فعلاً ما تريده «حماس» والفصائل الأخرى التي تؤيد موقفها؟

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى