أقلام وأراء

أشرف العجرمي: الحل يجب أن يكون فلسطينياً بالأساس

أشرف العجرمي 2023-11-08الحل يجب أن يكون فلسطينياً بالأساس

يستمر العدوان البربري الإسرائيلي على قطاع غزة وتتواصل معه عمليات الإبادة الجماعية للمواطنين الفلسطينيين، وتعلو الأصوات الدولية المنددة بجرائم الحرب الإسرائيلية، وتتعاظم التحركات الشعبية العارمة في مختلف أرجاء الكرة الأرضية التي تعلن التضامن مع الشعب الفلسطيني، وتطالب بوقف هذه المجزرة الرهيبة التي يتعرض لها حتى في الدول الأكثر دعماً لإسرائيل، وخاصة في الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أوروبية غربية أخرى، برغم محاولات بعض الدول منع التظاهرات المؤيدة لحق الفلسطينيين في الحياة والحرية. وتصر إسرائيل على مواصلة الحرب حتى تحقق الانتصار على حركة “حماس” بتدمير بنيتها العسكرية ومنع وجودها كسلطة حاكمة في غزة. وهي في سبيل تحقيق هذا الهدف مستعدة لتدمير غزة بالكامل وقتل أعداد هائلة من الغزيين. وعملياً هي تستغل الضوء الأخضر الممنوح لها أميركياً وغربياً دون قيود أو كوابح.

 

الإدارة الأميركية ونتيجة للضغط الشعبي الكبير والخطر الذي يتهدد فرص انتخاب الرئيس جو بايدن لولاية ثانية بدأت تتحدث عن المدنيين الفلسطينيين وضرورة حمايتهم و”تقليص” المساس بهم بما في ذلك الدعوة لإقرار هُدن إنسانية مؤقتة لإدخال المساعدات الإنسانية. ولكنها حتى الآن لم تنجح في انجاز أي هدنة بسبب الرفض الإسرائيلي الذي عبر عنه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي اشترط الهدنة الإنسانية بإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين في غزة. وللحقيقة تبدو الادعاءات الأميركية بأنها لا تستطيع الضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار كاذبة وسخيفة، فإسرائيل لولا التدخل الأميركي الفاعل والدعم غير المسبوق ما كانت لتستطيع مواصلة هذه الحرب. وكل الإسرائيليين يعلمون أن الطرف الوحيد الذي يمكنه أن يجبر إسرائيل على وقف عدوانها الإجرامي على الشعب الفلسطيني، أي أن واشنطن شريك لتل ابيب في التخطيط والتنفيذ في كل ما يتعلق بالحرب، وهي تمتلك من وسائل الضغط ما يجعلها تملي على إسرائيل أي موقف.

أمام هذا الواقع الكارثي والمأساوي هناك حاجة لإنقاذ غزة كل غزة من هذه الحرب، وهذا يشمل المواطنين بمن فيهم أعضاء “حماس” والبنى التحتية ومقومات الحياة التي يجري تدميرها بدون أي رادع من قبل إسرائيل. وربما يكون الحل في هذا الإطار فلسطينياً بالدرجة الأولى وعربياً ودولياً فيما لو توافقت القوى الفلسطينية جميعها على مشروع يحمي شعبنا. وقد يكون مشروع الحل هو الربط بين إنقاذ غزة وتحقيق التسوية الشاملة للقضية الفلسطينية من قبيل قبول “حماس” ببعض الأفكار منها تبادل الأسرى الشامل مع الاحتلال، وتجريد غزة من السلاح بضمانات دولية وتشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها كل القوى تتسلم المسؤولية عن غزة والضفة الغربية والذهاب نحو عملية سياسية بإشراف وتدخل دولي حازم وقوي يضمن إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة في حدود الرابع من حزيران من العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وحل قضية اللاجئين على أساس قرارات الشرعية الدولية، أي تطبيق مبادرة السلام العربية.

قد يرى البعض بأن هذا ليس هو الوقت للتقدم بمبادرات ولكن هذا هو الطريق الوحيد لإنقاذ ما تبقى لنا في غزة. ومن الواضح أن إسرائيل وحدها لا تريد البحث في أي موضوع سياسي الآن، وهي تتحدث فقط عن احتلال غزة وبقاء السيطرة الأمنية عليها مع وجود جسم إداري لإدارة شؤون القطاع. وهي تعارض عودة السلطة لغزة لأن هذا سيقود إلى دولة فلسطينية، وهذا ما كشفت عنه وثيقة سرية أعدتها وزارة الاستخبارات الإسرائيلية وسربت للإعلام. ولهذا فأي مبادرة سياسية من شأنها وقف الحرب واستعادة غزة للإطار الوطني الموحد تضرب الأهداف الإسرائيلية.

والذي يشجع على طرح مثل هكذا مشروع هو أن “حماس” بدأت بإيصال رسائل إلى أطراف دولية وإقليمية بأنها معنية بحل يقوم على أساس الشرعية الدولية وأنها مستعدة لوجود قوات ضامنة دولية لتولي الأمن في القطاع. قد يكون ما طرحته تركيا هو تعبير عن مبادرة “حمساوية”- تركية. فقد عرض وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الذي تربطه علاقات مميزة مع المستوى الأمني الإسرائيلي قبل حوالى أسبوعين  خطة سياسية تقود إلى حل الدولتين، وضمن هذه الخطة يتم وضع قوات متعددة الجنسيات في غزة بحيث تقوم الدول المشاركة بضمان تطبيق التسوية السياسية. طبعاً تركيا هي إحدى هذه الدول والولايات المتحدة مطلوب مشاركتها حتى يكون هناك ثقل دولي ملزم لإسرائيل. وأيضاً وصول المجتمع الدولي إلى قناعة بضرورة التوصل إلى تسوية سياسية للصراع لضمان الأمن والاستقرار وعدم تكرار الحروب والعنف.

المطلوب فعلاً في هذه اللحظة هو حوار جدي بنّاء بين مختلف الفصائل الفلسطينية وبالذات بين حركتي “فتح” و”حماس” بعيداً عن الشعارات والحسابات الأنانية، فالوقت أصبح من دم وهو مكلف جداً لحياة الفلسطينيين ومستقبلهم. والتاريخ لن يرحم من يهمل ويتسبب بتدمير كل شيء بما في ذلك حلم شعبنا في الحرية والاستقلال. وفي الواقع لا توجد خلافات جوهرية في المواقف السياسية بين مختلف الأطراف والقوى الفلسطينية وكلها تجمع على مبدأ الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967، ولا يوجد مبرر للانتظار، فالحل يجب أن يكون فلسطينياً بالأساس وليس وصاية من أحد علينا.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى