أقلام وأراء

أسعد عبود: توترات إقليمية مضبوطة على ساعة فيينا

أسعد عبود 10-08-2022  

طالما أن المفاوضين في قاعات فندق قصر كوبورغ التاريخي في فيينا غارقون في تفاصيل التسوية، التي ستتيح إحياء العمل بخطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015 المعروفة اختصاراً بالإتفاق النووي، ستبقى السخونة مسيطرة على الملفات الإقليمية في الشرق الأوسط.

من العراق إلى اليمن وسوريا ولبنان وفلسطين، كلها قضايا ترتبط بشكل أو بآخر، بما يمكن أن تسفر عنه جولات فيينا، وسط أجواء توحي باقتراب التوصل إلى اتفاق، بحسب ما يقول الوسيط الأوروبي أنريكي مورو.

وعلى وقع هذه المفاوضات يتحرك النزاع الجديد بين التيار الصدري وقوى “الإطار التنسيقي” في العراق، ويقتحم الصدريون المنطقة الخضراء في بغداد ويبدأون اعتصاماً مفتوحاً في البرلمان في اليوم الذي كان مقرراً أن يجتمع النواب ليرشحوا محمد شياع السوداني لمنصب رئيس الوزراء. ويحتدم النزاع الذي يخشى أن يتحول حرباً أهلية بين أنصار مقتدى الصدر الذي يعرض قوته في الشارع وبين القوى المنضوية في “الإطار التنسيقي” المدعوم من إيران.

وإحتدام النزاع الداخلي في العراق لا يمكن فصله عن تعقيدات الملف النووي في الأشهر الأخيرة ووصول مفاوضاته إلى طريق مسدود تقريباً. ومن غير المأمول تحقيق تقارب في وجهات النظر بين القوى العراقية، إذا لم يكن ثمة توافق أميركي – إيراني على الشخصية التي يجب أن تتولى منصب رئيس الوزراء، شخصية تحمل مواصفات مماثلة لمواصفات رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي.

وفي اليمن، تعثرت الجهود التي بذلتها الأمم المتحدة للتوصل إلى هدنة لمدة ستة أشهر. ولم يكن متاحاً سوى تمديد الهدنة لمدة شهرين. لا بد أن الجميع ينتظر أن ينعكس الاتفاق في فيينا على تفاهمات جديدة تفتح الطريق إلى حل سياسي للأزمة اليمنية.

وكذلك الأمر في سوريا التي تنسد آفاق التسوية السياسية فيها، نتيجة اشتداد الصراع الإقليمي والدولي على النفوذ فيها. وعملية جنيف التي تشرف عليها الأمم المتحدة مجمدة، بينما يتقدم عليها مسار “منصة آستانا” التي تضم روسيا وإيران وتركيا.

وفي غزة، انفجر الوضع فجأة الجمعة بين إسرائيل وحركة “الجهاد الإسلامي”. وفي خلفية جولة العنف الحالية في القطاع، لا يمكن تنحية العوامل الإقليمية جانباً، إذا ما أخذنا في الاعتبار معارضة إسرائيل أي عودة أميركية إلى الاتفاق النووي وتالياً رفع العقوبات عن إيران. وفي الوقت ذاته، تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل ربما اختارت “الجهاد الإسلامي” هدفاً لها نظراً إلى الدعم الإيراني الواسع للحركة. أي أن للتطورات المتسارعة في غزة، علاقة بما يجري في مفاوضات جنيف.

ولبنان ليس بعيداً من خط التوتر، بعد تبادل التهديدات بين “حزب الله” وإسرائيل في الأسابيع الأخيرة، على خلفية النزاع على الترسيم البحري. وأطلق الحزب مسيّرات فوق حقل كاريش الذي تسعى إسرائيل إلى بدء استخراج الغاز منه اعتباراً من الأول من أيلول (سبتمبر). وفي المقابل، هدد “حزب الله” بأنه سيعمد إلى منع إسرائيل من إستخراج الغاز إذا لم تقر الدولة العبرية بحقوق لبنان في استخراج نفطه، وفق خط الترسيم الذي يطالب به.

هذه التطورات الخطيرة ترتبط ولا شك بالمفاوضات النووية. وأي اتفاق على إحياء اتفاق 2015، سيكون من شأنه تنفيس الاحتقان في غير منطقة.

وإذا أخفقت جهود “الفرصة الأخيرة” المبذولة في فيينا، يدخل الشرق الأوسط بكامله في سيناريو اللاإتفاق، مع ما يمكن أن يعنيه تصعيد الصراع على النفوذ بين الولايات المتحدة وإيران في الساحات الإقليمية.

لذا يعيش الشرق الأوسط أياماً حاسمة في انتظار ما ستخرج به المفاوضات النووية الجارية في فيينا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى