أقلام وأراء

أسعد عبود: الصين وأميركا هل تندلع الحرب المؤجّلة؟

أسعد عبود ١٥-٦-٢٠٢٢م

أدى اللقاء بين وزيري الدفاع الأميركي لويد أوستن ونظيره الصيني وي فنغي، على هامش الاجتماع الأمني الدولي في سنغافورة الأسبوع الماضي، إلى عكس المتوخى منه، إذ أطلق الرجلان تحذيرات متبادلة يُستشف منها أن أميركا والصين في طريقهما إلى مواجهة مباشرة حول تايوان أو حول بحر الصين الجنوبي، وأن الحرب وفق القول المأثور أولها كلام.

وفي كلام المقصود به مباشرة الولايات المتحدة، قال الوزير الصيني إن بلاده “ستقاتل حتى النهاية” أي محاولة لدفع تايوان نحو الاستقلال. أما أوستن فدعا بكين إلى الامتناع عن القيام بأي نشاط يزعزع الاستقرار في تايوان أو في المنطقة ككل.

وقبل ذلك بأسبوعين، أحدث التحذير الذي أطلقه الرئيس الأميركي جو بايدن خلال جولته الآسيوية، من أن أميركا ستدافع عن تايوان إذا غزتها الصين، صدمة في بكين، لأنه شكل تخلياً أميركياً عن سياسة “الغموض الإستراتيجي” حيال ما سيكون عليه موقف واشنطن إذا غزت الصين الجزيرة، التي تعتبرها بكين جزءاً لا يتجزأ من البر الصيني.

وما قاله وزير الدفاع الصيني لنظيره الأميركي، كان أقوى موقف يصدر عن بكين في شأن تايوان، منذ أن بدأ المسؤولون الأميركيون يحذرون من مغبة استغلال القيادة الصينية الانشغال الأميركي بالحرب الروسية – الأوكرانية، كي تبادر إلى عمل عسكري ضد تايبه. 

لا تمكن الاستهانة بالتوتر المتصاعد بين الصين والولايات المتحدة. ذلك أن أميركا في العمق تعتبر بكين حليفاً لموسكو في النزاع الأوكراني، وإن كانت الصين تلتزم الحياد في العلن وتدعو إلى الحوار لوضع حد للنزاع. وفي كل وثائق الأمن القومي الأميركي، تعتبر الصين تهديداً استراتيجياً وأنه يجب العمل على احتوائها. وهذا ما فعله باراك أوباما ودونالد ترامب وبايدن.  

وكثير من المعلقين والمفكرين الأميركيين، يعتبرون أن احتواء الصين يجب أن يبقى يحتل الأولوية القصوى في سلّم الاهتمامات الأميركية، رغم تزاحم القضايا الدولية وتصدّر أوكرانيا المشهد الدولي. وهناك في أميركا من يدعو إلى إقفال الملف الأوكراني بسرعة ولو على حساب تنازل كييف عن بعض الأراضي لروسيا، إذا كان ذلك هو السبيل الوحيد لوضع حد للنزاع، والعودة إلى التركيز على الصعود الصيني. 

وعندما ذهبت أميركا ومعها الغرب إلى فرض عقوبات غير مسبوقة على روسيا بعد دخولها أوكرانيا، فإن الأنظار الأميركية كانت مسمّرة على الصين، لتبيان رد الفعل هناك. وكأن الغرب الذي يعاقب روسيا يبعث في الوقت نفسه، برسالة حازمة إلى الصين، مفادها أن أي هجوم على تايوان، من المؤكد أنه سيواجه بمثل ما ووجه به الهجوم الروسي على أوكرانيا وربما أشد، وبأنه على القادة الصينيين أن يوازنوا بدقة بين استمرار تجارتهم ومصالحهم الاقتصادية المزدهرة في الغرب، واتخاذ قرار متسرع بغزو تايوان، مع ما سيترتّب عليه من عواقب وخيمة…  

طبعاً، الصين التي تتسم سياساتها بالحذر، لا تستعجل مهاجمة تايوان، لكنها لا تريد في الوقت نفسه، أن يشجع الدعم العسكري الأميركي المتزايد للجزيرة، على إقدام زعمائها على تجاوز الخط الأحمر وإعلان الاستقلال.

وفي هذه الحال سيسقط الحذر ويستيقظ التنين الصيني دفاعاً عما يعتبره جزءاً من ترابه الوطني، حتى ولو أدى ذلك إلى مواجهة مسلحة مباشرة مع الولايات المتحدة.   

والأجواء المتوترة حالياً، قد تدفع في اتجاه حرب مؤجلة بين واشنطن وبكين على النفوذ في منطقة المحيطين الهادئ والهندي. ولذا يتعين اعتبار كلام وزير الدفاع الصيني بمثابة جرس إنذار وأن طبول الحرب في المنطقة، يمكن أن تقرع بقوة أكبر، عند أقل خطأ في الحسابات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى